<<<< >>>>

محبة بلا علبة

الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية

عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء

 

...إذا صار الرجل سجيناً لحب المرأة

...وإذا صارت المرأة سجينة لحب الرجل

عبودية السجين لا تليق بتاج الحرية الثمين

 

أما إذا صار الرجل والمرأة كياناً واحداً بالحب

لا ينفصلان ولا يتمايزان...

فهذه أعظم جائزة ينالها الإنسان

 

كتاب مِرداد لميخائيل نعيمة من أجمل الكتب التي أحبها... مرداد هو شخصية خرافية، لكن كل قول وفعل لمرداد مهم جداً.... يجب ألا تقرأها كرواية بل ككتاب مقدس وربما الكتاب المقدس الوحيد.. ويمكنك في هذه المقولة أن ترى مجرد لمحة من رؤية مرداد ووعيه وفهمه...

إنه يقول: الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية... لكنك دائماً تسمع وتعتقد أن الحب هو التعلّق والرباط الوحيد، كل الأديان تتفق على هذه النقطة والفكرة.

 

الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية

عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء

 

في الواقع، على المرء أن يفهم ظاهرة التعلق بحد ذاتها...

لماذا تتعلق بشيء ما؟ لأنك تخاف أن تفقده... ربما يقوم أحد ما بسرقته...

وخوفك هو أن ما يوجد لديك اليوم قد لا يوجد غداً.

 

لكن مَن يعرف ماذا سيحصل في الغد؟ الرجل الذي تحبينه أو المرأة التي تحبها يمكن لأيّ منهما أن يتحرك وقد تصبح أقرب إليه أو أبعد...

قد تعودان مجدداً غريبين عن بعضكما، أو قد تصبحان متحدين معاً لدرجة لا يمكن أن نقول أنكما اثنين... طبعاً هناك جسدان لكن قلباً واحداً يخفق فيهما بأغنية وإيقاع واحد، والنشوة تحيط بكما كغيمة ربيعية فتختفيان فيها تماماً: أنت لستَ أنت، وأنا لستُ أنا...

يصير الحب كلياً وعظيماً، غامراً وفائضاً، بحيث لا يمكن أن تبقى كما أنت: عليك أن تُغرق نفسك وتغوص ثم تختفي...

 

في ذلك الاختفاء، مَن سيبقى هناك ليتعلّق، ومع مَن؟؟؟

 

عندما تتفتح زهرة الحب بكامل رونقها يصير كل شيء كما هو ببساطة.. كل شيء موجود دون شرح أو فكر... والخوف من الغد لا يظهر أبداً، لذلك لا يظهر أي تعلق، ارتباط أو امتلاك، زواج، ولا أي نوع من العقود والعبودية.

 

ما هي زواجاتكم كلها؟ هل هي أكثر من عقود عمل؟ مؤسسة زوجية؟

 

"يا سماحة الشيخ أو سعادة القاضي، نريد الزواج ونحن نقسم ونلتزم ببعضنا البعض أمامك"... أنت بهذا تهين الحب!!! أنت تتبع القانون، وهو أدنى وأبشع شيء في الحياة.

 

عندما تجلب الحب إلى المحكمة، فإنك ترتكب جريمة لا تُغتفر... تأخذ تعهداً أمام قاضي المحكمة أنه: "نريد أن نتزوج وسنبقى متزوجين، هذا وعدنا لك وللقانون: لن ننفصل ولن نخدع بعضنا أبداً"....

هل تظن أن هذا ليس إهانة كبيرة للحب؟

ألستَ تضع القانون فوق الحب؟

 

الإنسان ليس بحاجة لأي شرائع ووصايا

وأنا لا أؤمن بأي قانون...!

إنني أحب... فلا حاجة للقانون

القانون موجود للذين لا يعرفون كيف يحبون

القانون مخصص للعميان، ليس للذين عندهم عينان

القانون مخصص للذين نسوا لغة القلب ولا يعرفون إلا لغة الفكر

 

مقولة مرداد ذات قيمة عظيمة ويجب أن تفهمها بعمق، ليس فكرياً فقط، وليس عاطفياً فحسب لكن دع كل كيانك يشربها ببطء:

 

الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية

 

...لأنك عندما تحب لا يمكنك حتى أن تفكر بأي شيء آخر.

 

عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء

 

كل لحظة تجلب معها نوراً وعطراً جديداً، أغاني ورقصات جديدة لترقصها... قد يتغير المشاركون بالرقصة لكن الحب يبقى.

 

التعلق هو الرغبة بأن الشريك يجب ألا يتغير مطلقاً.. ولذلك عليك أن تقسم أمام المحكمة وتلتزم أمامها وأمام المجتمع وكل الشكليات الغبية المنتشرة... وإذا مشيت عكس تلك الشكليات ستخسر كل الشرف والاحترام في عيون الناس الذين عليك أن تعيش معهم.

 

الحب لا يعرف شيئاً من التعلق لأن الحب لا يعرف أي إمكانية للهبوط من السمو والكرامة والقداسة... الحب هو الشرف بحد ذاته وهو كل الاحترام الحقيقي في الحياة، ولا يمكنك أن تفعل أي شيء ضده... أنا لا أقول أن الشركاء لا يمكن أن يتغيروا، بل أقول أن ذلك لا يهم: إذا تغير الشركاء لكن بقي الحب كنهر يجري ويتدفق، عندها سيكون هناك حب في العالم أكثر بكثير مما يوجد اليوم.

 

الحب اليوم ليس نهراً، بل حنفية!

تقطر نقطة... نقطة... نقطة...

لذلك لا يمكنه إرواء عطش أي أحد...

الحب يحتاج لأن يكون هائلاً كالمحيط،

ليس كنقاط الماء من الحنفية العامة

وكل الزواجات مجرد حنفيات!

 

الحب هو الله... شيء كوني واسع وشاسع...

الحب لا يدعو فقط بعض الأشخاص للاحتفال، بل إنه يدعو الشمس والقمر والنجوم والأزهار والطيور، والوجود كله مدعوّ ليأتي ويحتفل ويجود.

 

الحب لا يحتاج لأي شيء آخر... ليلة شاعرية مليئة بالنجوم، ماذا يمكنك أن تطلب أكثر؟ فقط بعض الأصدقاء وستجد أن الكون كله صديقك أيضاً.

لم أصادف أي شجرة تعاديني أو تتكلم ضدي...

رأيت كثيراً من الجبال العالية لكن أياً منها لم يكن عدواً لي!

كل الوجود هو بيتك وأمك الأرض التي تصادقك وتحميك وتحبك.

 

عندما يتفتح فهمك للحب فلا يوجد أي أثر للتعلق أبداً... حتى الفكرة لا يمكن أن تظهر... يمكنك أن تستمر بتغيير شركائك وذلك لا يعني أنك تهجر أو تتخلى عن أي أحد... ربما تعود مجدداً لنفس الشريك ولا يوجد أي أثر للتحيز أو التمييز.

 

على المرء أن يفهم نفسه كأنه طفل لا يزال يلعب على شاطئ البحر يجمع الأصداف والأحجار الملونة ويستمتع جداً كأنه قد وجد كنزاً كبيراً...

إذا استطاع المرء أن يستمتع بالأشياء الصغيرة في الحياة، وأن يعيش بحرية ويسمح للآخرين أن يعيشوا بحرية، يمكن أن يصير هذا العالم عالماً مختلفاً تماماً...

عندها سيمتلئ بالجمال والبركة، سيمتلئ بنور كبير مشرق...

نور يشع من كل قلب موقد على النار....

 

وحالما تعرف ما هي هذه النار، ستستمر ألسنة شعلتها بالنمو

شعلة الحب تنمو كما تنمو الأشجار، وكذلك تجلب الأزهار والثمار

 

لكن الذي تعتقده حباً ليس بحب... لذلك تجد ظهور تجارب غريبة:

يقول لك أحدهم: "ما أجملك! إنني أحبك كثيراً، ولا يوجد أي امرأة مثلك في الكون كله"... وأنتي لا تعترضين أبداً وتقولين مثلاً:

"ليس لديك حق بقول هذه العبارة، لأنك لا تعرف كل نساء الكون"....

عندما تقال مثل هذه العبارات الجميلة، ينسى المرء أنها غير منطقية.

ولم تسألي الشخص الذي قال لك: "أنا أحبك".....

"ما هو الحب؟ هل تعرف، أم أنك دون معرفة بدأت تحب؟ ما هي أسبابك؟"

عندها سيبدو ذلك الرجل غريباً جداً وسيحاول الهرب بأقرب فرصة، لأن المحبين لا يفكرون أنه عندما تقول لشخص ما: "ما أحلى قلبك يا حبيبتي" فعليك أن تشرح ماذا تقصد: "ماذا تعني بهذا؟ هل تذوقتَ قلباً ما من قبل؟ ماذا تعني؟ هل تعتقد أنني شيء حلو وشهي قابل للأكل!؟"

الناس عندما يحبون بعضهم يقولون: "أريد أن آكلك من كثرة ما أحبك"... ولا أحد يعترض: هل أنت آكل لحوم بشر أم مجنون؟

 

هذه الأشياء يتعلمها الناس من الأفلام والروايات وكل هذه الحوارات التي لا تعني أي شيء... بل كلها تعني ببساطة: "هيا بنا إلى السرير!"

لكن لأننا أناس متحضرون، لا يمكنك بدون إشارات وتقديمات ومقدمات أن تقول مباشرة لأحدهم: "دعنا نذهب إلى السرير".

سوف تركض المرأة إلى الشرطة وتشتكي عليك: هذا الرجل قال لي شيئاً مؤذياً وبشعاً جداً...

 

لا يحدث هذا، ولكن إذا أخذتَ طريقة "متحضرة": ادعوها إلى بعض المثلجات، التي تبرّد القلب، اجلب بعض الأزهار والهدايا، وتحدث بعض الكلام الناعم الحلو بلا معنى، بعدها سيفهم الشخصان أنهما سينتهيان بالصداع في الصباح التالي، وسينظران إلى بعضهما بغرابة وإحباط: ماذا كنا نفعل معاً في السرير؟

عندها سيختبئ أحدهما وراء الجريدة، وكأنه يقرؤها، والآخر سيبدأ بتحضير الشاي أو القهوة، لمجرد نسيان ما حصل...

 

 

بعدها يقول مِرداد:

...إذا صار الرجل سجيناً لحب المرأة

...وإذا صارت المرأة سجينة لحب الرجل

عبودية السجين لا تليق بتاج الحرية الثمين

 

في اللحظة التي يصبح الحب فيها تعلقاً، يصبح الحب علاقة...

في اللحظة التي يصبح الحب فيها حاجة ومطلب، يصبح سجناً...

لقد دمّر الحرية، لا تستطيع الطيران في السماء لأنك في القفص الآن.

المرء يتساءل، وأنا خصوصاً أتساءل بيني وبين نفسي.

الناس يتساءلون عني، ماذا أفعل دائماً في بيتي لوحدي؟

وأنا أتساءل عنهم، ماذا يفعل هؤلاء الناس باستمرار مع بعضهم طوال الوقت؟

أنا لوحدي، على الأقل هناك سهولة في الحياة، ولو كان أي شخص معي فهناك مشكلة ولا بد أن هناك شيء ما سيحصل... الآخر موجود والصمت لا يمكن أن يستمر: لا بد أنه سيقول أو يسأل شيئاً ما، يجبرك على القيام بفعل ما... وفوق كل هذا، إذا بقي الشخص ذاته معك دائماً يوماً وراء يوم....

 

إن الذي اخترع السرير المزدوج كان من أكبر أعداء البشرية... حتى في السرير لا يوجد حرية!.. لا يمكنك أن تتحرك لأن الآخر بجانبك، وغالباً يحتل معظم السرير وستكون محظوظاً إذا قدرت أن تجد فسحة لك، وتذكر، الآخر يستمر بالنمو والتضخم.

 

عالم غريب فعلاً... تستمر النساء بالتضخم ويستمر الرجال بالتقلص... والخطأ كله يعود إلى الرجل، هو الذي يجعل امرأته تسمن وتحمل وسيأتي المزيد من المشاكل.

حالما تضع شخصين ذكر وأنثى معاً، ستفاجأ أن الثالث سيصل بسرعة، وإذا لم يصل سيقلق عليكما الجيران: "ما القصة؟ لماذا لم تجلبا أي طفل إلى الآن؟"

 

لقد عشتُ مع كثير من الناس في عدة أماكن.. ودائماً أفاجأ... لماذا الناس متلهفون جداً لصنع المشاكل للآخرين؟

إذا كان الشخص غير متزوج، يقلقون ويقولون: "لماذا لا تتزوج؟"... وكأن الزواج قانون وسنة الكون وعلى الجميع أن يتبعها دون سؤال.

وتحت تأثير الضغط والتعذيب من كل الناس، يفكر المرء أنه من الأفضل أن يتزوج، على الأقل سيتوقف هؤلاء الناس عن ملاحقتي وتعذيبي... لكنك مخطئ يا صديقي: حالما تتزوج سيبدأ السؤال الثاني: "متى سيأتي طفلك الأول وماذا ستسميه يا أبو فلان؟"

 

هذه فعلاً مشكلة صعبة، وليس في يدك أن تجلب طفلاً، قد يأتي أو لا يأتي، وسيأتي في موعده الخاص به... لكن كل الناس يلاحقونك لتجلب الطفل.

ويقولون: والله البيت ليس بيتاً بدون طفل... هذا صحيح

لأن البيت سيكون معبداً صامتاً ورائعاً بدون الطفل، ومع الطفل سيتحول إلى مشفى مجانين! وستتضاعف المشاكل مع المزيد من الأطفال.

 

إنني أجلس بصمت في غرفتي معظم حياتي، لا أزعج أحداً، ولم أسأل أبداً أي شخص: "لماذا أنت غير متزوج؟ لماذا لم تلد طفلاً بعد؟".... لأنني لا أعتقد أن هذه الأسئلة تدل على الحضارة، بل هي تدخل في حرية الآخر.

 

يستمر الناس بالعيش مع زوجاتهم وأطفالهم، ولأن حضور أي شخص جديد يدخل في العائلة سيخرب عدة أشياء، فإنك تلقائياً تصير أقل حساسية.

تسمع أقل، تشم أقل، تتذوق وترى أقل....

ستفاجأ عندما تعلم أنك لا تستخدم كل حواسك بكل شدتها وإمكانياتها... لهذا عندما يقع شخص ما في الحب لأول مرة، يمكنك أن ترى كيف يبرق وجهه، وكيف يمشي بحيوية ورقصة، ثيابه مكوية جيداً وحتى ربطة عنقه مربوطة بفن متقن!.. لا بد أن شيئاً ما حدث له.

لكن ذلك لا يستمر كثيراً... بعد أسبوع أو اثنين يعود الملل ذاته من جديد، وسترى الغبار بدأ يتراكم... انطفأ النور، وعاد يجرّ نفسه جراً على الطريق...

الأزهار لا زالت تتفتح كل يوم لكنه الآن لا يرى أي جمال...

النجوم تستمر بمناداته ومناجاته لكنه لا ينظر إلى سماء المساء...

 

هناك الملايين من الناس الذين لم ينظروا إلى الأعلى، وعيونهم ملتصقة بالصمغ إلى الأرض وكأنهم يخافون من سقوط نجمة ما عليهم...

قليل جداً من الناس يحبون النوم تحت السماء المرصعة بالنجوم... بسبب الخوف من الظلام أو الوحدة أو الفراغ الواسع...

 

وملايين من الناس يحملون شعوراً عميقاً دائماً، بأنهم لو بقوا وحيدين، لو أنهم لم يهتموا أبداً بالحب والزواج.... لكن الآن لا يمكن عمل شيء.. لا يمكن العودة للخلف وضغط زر التراجع للعودة إلى حياة العزوبية.

وفي الواقع، قد تكون أصبحت معتاداً جداً على السجن، لدرجة أنه لا يمكنك تركه... مثل المساجين في سجن الباستيل في فرنسا...

السجن نوع من الأمان، مريح، رغم أنه تعيس...

غطاؤك مهترئ.. لكن السرير المزدوج... على الأقل لستَ وحدك في تعاستك وهناك شخص يشاركك فيها دائماً...

لكن الحقيقة هي: شخص ما يصنع لك التعاسة وأنت بدورك تصنعها له.

 

الحب عندك يجب أن يكون من النوع الذي يعطي الحرية، وليس سلاسل جديدة لك...

حبٌّ يعطيك أجنحة ويساعدك لكي تحلّق عالياً في الأجواء بأعلى ما تستطيع...

 

أما إذا صار الرجل والمرأة كياناً واحداً بالحب

لا ينفصلان ولا يتمايزان...

فهذه أعظم جائزة ينالها الإنسان

 

كتاب مرداد هو من الكتب التي ستعيش للأبد، طالما هناك إنسان واحد على قيد الحياة على هذه الأرض... لكن الكاتب قد نُسي تماماً... مرداد هو مجرد اسم لبطل خرافي والكاتب هو ميخائيل نعيمة ولا يهم اسم الكاتب. كتابه عظيم وأعظم منه... حاول طيلة حياته أن يكتب شيئاً مماثلاً وفشل رغم كتابته عدة كتب.

 

إذا فهمنا الحب كلقاء بين روحين... ليس مجرد لقاء جنسي بيولوجي بين الهرمونات الذكرية والأنثوية، عندها يمكن للحب أن يعطيك أجنحة عظيمة، يمكن أن يعطيك بصيرة خارقة في الحياة... ويمكن عندها ولأول مرة أن يصبح الحبيبان أصدقاء... وإلا الحالة المعتادة الدائمة أنهما عدوان متنكران.

 

الأديان وما يسمى برجال الدين الذين زهدوا وهربوا من الدنيا، الجبناء الغير قادرين على مواجهة الحياة، سمّموا كامل فكرة وهدف الحب: الحب هو الله وأن دين الحب هو الدين الوحيد... لقد أدانوا الجنس، ومع إدانتهم للجنس أدانوا أيضاً الحب، لأن الناس يفكرون أن الجنس والحب لهما نفس المعنى.

 

ليس لهما نفس المعنى أبداً... الجنس هو جزء صغير جداً من طاقتك الحيوية... والحب هو كيانك بكامله وكل أجزائه، الحب هو روحك...

عليك أن تتعلم أن الجنس هو ببساطة حاجة للمجتمع والعرق البشري ليتجدد ويستمر... يمكنك أن تشارك به إذا أردت، لكن لا يمكنك أبداً تجنب الحب.

في اللحظة التي تتجنب فيها الحب، يموت كل الإبداع عندك وتصبح كل حواسك معطلة، ويتجمع عليك الغبار من كل الجهات.... وتصير الميت الحيّ!

نعم، تتنفس وتأكل وتتحدث وتذهب إلى عملك في المكتب كل يوم إلى أن يأتي الموت ويحررك من الملل الذي حملته طيلة حياتك.

 

إذا كان الجنس هو كل ما لديك، فأنت لا تملك شيئاً... أنت بهذا لست إلا أداة في يد الطبيعة لأجل التكاثر... مجرد مكنة أو مصنع للأولاد...

لكنك إذا استطعت تخيل وإدراك أن الحب هو كيانك الحقيقي، واستطعت أن تحب شخصاً آخر كصداقة عميقة، كرقصة مشتركة بين قلبين، بتزامن وتناغم وكأنهما قلب واحد، عندها لا تحتاج لأي دين آخر... لقد وجدتَ دين الفطرة وقد نبع فيك.

 

الحب يوصل المرء إلى أعظم وأسمى تجربة... سمّها الله، المطلق، النور، الحقيقة... هذه مجرد أسماء.. وفي الواقع، التجربة العظمى ليس لها اسم... 99 اسم وأبعد من الأسماء والكلمات، لكن الحب يوصل إليها.

 

إذا كنت تفكر فقط بالجنس ولم تدرك وتنتبه لوجود الحب، فأنت تهبط كالماء في المصرف... نعم ستجلب أطفالاً وستعيش في تعاسة وستلعب بورق الشدة وتذهب لمشاهدة أفلام السينما ومراقبة مباريات كرة القدم وستحصل على تجارب عظيمة من التفاهة المطلقة والملل والحرب وكل سلبيات الحياة... لكنك لن تعرف أبداً الجمال الحقيقي للوجود، الصمت والسلام الحقيقي للكون...

 

الحب يمكن أن يجعل ذلك ممكناً... لكن تذكر، الحب لا يعرف أي حدود...

الحب لا يمكن أن يكون غيوراً لأنه لا يمكن أن يمتلك.

هذا شيء بشع... مجرد فكرة امتلاكك لشخص ما لأنك تحبه....

عندما تمتلك شخصاً ما، فهذا يعني أنك قتلته وحوّلته إلى سلعة.

 

الأشياء فقط يمكن أن تُمتلك...

أما الحب فيعطي الحرية للآخر...

والحب هو الحرية وهو العذرية...

 

الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية

عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء

 

...إذا صار الرجل سجيناً لحب المرأة

...وإذا صارت المرأة سجينة لحب الرجل

عبودية السجين لا تليق بتاج الحرية الثمين

 

أما إذا صار الرجل والمرأة كياناً واحداً بالحب

لا ينفصلان ولا يتمايزان...

فهذه أعظم جائزة ينالها الإنسان

أضيفت في باب:27-7-2009... > ما هو الحب ؟
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد