<<<< >>>>

عبثية الوجود.... واقع يغيّره التأمل

كالانهيار المفاجئ هو....

كحفيف الأوراق الخضراء...

ملون الشّكل.....وله رائحة الخبز الطازج...

هو رائحة التراب التي تلي "أول شتوة"...

هو النوم بعد التعب...كالاسترخاء على رمل مشتعل ثم على طيّات الأمواج...

هو أجمل الأشياء وأغربها...

هو كلمة يتناقلها الأكثرية واجباً وخوفاً...

ويتهمها الأقلية بالحمق....

هو الحب أولاً وآخراً...

هو الأمان....

هو الأسرار والغوص في عالم غير مرئي يتراءى وجوده في إشارات تحمل أقلاماً لترسم الطريق...

و بكلمة واحدة  هو "الإيمان".

تتضمن كلمة الإيمان مفاهيم عدة وتوجّهات مختلفة، منها الإيمان بقضية، الإيمان بشخص، الإيمان بالقيم والإيمان بالله...

أما المعرفة التي تسبق الإيمان، فهي تختلف من موضوع لآخر، لا بد أن أعرف القضية لأؤمن بها، لا بدّ أن أعرف الحب لأؤمن به، ولا بدّ أن أعرف الله وقبل معرفتي به ليس هناك من إيمان..فكيف لي أن أؤمن به...

منذ الولادة هناك كلمات ملصقة بجبيننا، إطارات تغلّفنا وتسجننا في زوايا ومربّعات وأقفاص أبوابها ليست مرئية...

هناك حاجة إلى الانتماء، إلى ممارسة شعائر باتت كالتقاليد العمياء..

لا حكمة منها ولا هدف..

فيقترن الإلحاد بهذه التصرفات ويصبح إيمانهم في نفس الكفّة مع إلحادهم وفي كلتا الحالتين لا يعرفان....

فمن يؤمن بالله دون معرفة هو كالملحد الذي لا يؤمن بالله دون معرفة أيضاً...فأحدهما يؤمن بوجوده والآخربعدم وجوده وكلاهما لا يعرفان...

"اعرف نفسك تعرف ربّك".... جملة سمعناها جميعاً ولم يعيها إلّا عدد بسيط منّا، فبنية الإنسان المؤلفة من ثلثي ماء وثلث مادة... كبنية الكون، ليست عن عبث، الكون في داخل الإنسان والله هو في صميم هذا الكون، هو هواءه وماءه وروحه وجوهره، فليس هناك إلاه، ومن لا يعي حقيقة نفسه، لن يعي أبداً السّر الموجود في داخله....

ولمعرفة الذات أولاً كجسد ثم كنفس ومن ثم كروح، لابدّ من التأمّل وهي طريقة اتّبعها العارفون أينما كانوا....

يقولون لي: "لا تتفلسفي، كفّي عن التفوه بالحماقات، ليس هناك إلّا ما ترينه أمامك"..

فأقول لهم: "العين تختلف عن العين الثالثة، كما البصر موجود، البصيرة موجودة، فليس كل ما يلمع ذهباً وليس كل ما هو محسوس مادة"....

ذهب أحد الصحابة مرة إلى رسول الله وقال له: "يا رسول الله اجعلني أميراً على البصرة..."

فقال رسول الله:" البصرة تزول...أجعلك أميراً على بصيرتك التي لا تزول"....

يقولون: "إن الهدف من الحياة هو العمل وإنشاء عائلة"...

أقول: "للاستسلام وقت ومكان لكن ليس الاستسلام للمجتمع، بل التسليم والسلام ضمن مشواري".

يقولون ولا ينفكون يقولون: "الإيمان واجب ولا بدّ من السير وراء الخطة نفسها"... هم لا يرون في الماء سحراً كما أرى ولا في الهواء دواءً ولا في البحر بيتاً، فابتعاد الإنسان عن طبيعته...عن فطرته، جعله كالأعمى لا يرى ولا يؤمن إلّا بما يلمسه وبما يتم تلقينه إياه...

معرفة الله عندهم هي الكفر، أما إيمانهم عندي فهو كلام....

في التأمل تذوب الأنا....

وتختلف المقاييس فتنشأ أبعاد جديدة... وتنفتح الأبواب أمام عوالم من نور..

سكينة تغمرك... تحضنك وتسكنك...صمتٌ تام يبكيك...

وعظمة إلهية تتجلّى بحب أمامك...لا يعود للمكان وجود وللآخر مكان...

فيصبح للعالم من بعدها طعم آخر...و يتحول الإنسان إلى رسول للإشارات والبشائر والرسائل التي لا ينفك الكون يبعثها إليك...ويبعث النور فيك...

أسرار تُكشف وحقائق تبرز أمامك... أما اللذات فتختلف وتنتقل من كل ما هو مادي إلى كل ما هو روحي ويصبح العالم ساحة ألغاز مشوقة وللناس أدوار هم نفسهم لا يعرفوها....

الطريق مُمهد لكن ما يصعّبه هم...

العوائق التي لا ينفك يزرعها الأفراد خوفاً على أنفسهم..

وسعياً لتلبية الحاجة إلى الانتماء...

فينتمون إلى بعضهم البعض ويشكلون إعصاراً ضخماً يلف البيوت والسيارات والأماكن المزروعة....

إعصاراً يسحبك إليهم فتعود محمّلاً بمفاهيم وانتماءات مختلفة يسعون إلى تغييرها خوفاً من أن تؤثر عليهم...

فالأرض هي أمي والبحر هو منزلي والغيوم غطائي وهم رفاق عند اختلاف الدرب وستتحول النظرة إلى الأشياء مهما كانت سيتغيرون ويتبدلون بالنسبة لك....

فالآخر هو رسول وحامل لدروس يجب تعلّمها، العالم هو محطة تختلف وتتبدّل يعيش فيها الأكثرية على أنها خالدة وإن كانت مؤقتة....

الكل يؤمن إيجاباً أو سلباً وقلّة يعرفون...

أما أنا فأؤمن حباً بالمعرفة...

فمن يتذوق سكراً غير مرئي يصبح عسل الأرض له علقماً...

والحرية نهج في الحياة يوصلك إلى الله...

فعلى الإنسان أن يكون حراً ليَعبُد...

فمن كان عبداً لمفاهيم لا يعيها وإن كانت مفاهيم عبادة...لن يؤمن الإيمان الحقيقي أبداً...

أما الطريق فهو التأمل وكما قال النبي (ص) : "تأمل ساعة خير من عبادة سبعين عام".

                                                                                                          زينب ضاهر

أضيفت في باب:6-7-2011... > من قلب الأحباب
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد