<<<< >>>>

لماذا يشعر الإنسان بالسلبية تجاه نفسه؟

كل إنسان يشعر بالسلبية تجاه نفسه... لأنه هكذا علموه وجعلوه يشعر....

أهلك فعلوا ذلك... وهو ميراث.. وورثة عظيمة....

معلموك فعلوا ذلك بك أيضاً... شيخك، قسيسك، إمامك، كل رجال الدين... والقادة السياسيين...

والعديد من الناس يفعلون ذلك أيضاً.... حتى صار من الطبيعي أن تصبح أنت نفسك متأثراً بفكرة أنك بلا أية قيمة... أنه لا معنى ولا جدوى لوجودك وحضورك...

 

كل أهل يقولون لابنهم: "أرنا شطارتك ومهارتك... عليك أن تثبت وجودك وقيمتك!"

وجودك وحده لا يكفي، هناك حاجة للقيام بعملٍ ما....

 

قلبي يقول لك أن مجرد وجودك له قيمة كبيرة....

مجرد أنك موجود هو هبة عظيمة من الله...

ماذا يمكنك أن تطلب أكثر من ذلك؟؟؟

مجرد أن تتنفس الهواء في هذا الكوكب الجميل هو شهادة كافية وأكبر دليل على أن الله يحبك... أن الوجود بحاجة إليك، وإلا لما كنت هنا....

أنت هنا! والوجود قد وهبك الحياة... لا بد من وجود حاجة ملحة لك عند ولادتك...

لقد ملأت فجوة في الكون... من دونك سيكون الوجود ناقصاً...

وعندما أقول هذا أنا لا أقوله لك فقط... بل أقوله للأشجار، للطيور، للحيوانات، وللحصى على الشواطئ.... إذا نقصت حصاة واحدة على شاطئ البحر فلن يبقى الشاطئ كما هو...

إذا نقصت ولو زهرة واحدة سيفتقدها الوجود بأكمله.....

 

عليك أن تتعلم أنك ثمين كما أنت.... وهنا لا أعلمك أي أنا أو استكبار... بل على العكس....

عبر إحساسك بقيمة وجودك كما أنت، ستشعر أيضاً بقيمة وجود الآخرين كما هم...

اقبل الناس كما هم.... تخلص من كلمة لازم ويجب وواجب...

وأنت تحمل الكثير من اللوازم اللواجم: "افعل هذا ولا تفعل ذاك!"...

وهي ثقيلة لدرجة تمنعك من الرقص والاحتفال محال مع كل تلك الأثقال....

لقد تم إعطاؤك الكثير من المعتقدات والأهداف والقدوات والمثل العليا.. وأفكار المثالية والكمال... فصرت تشعر أنك دائماً مقصّر... لستَ مطابقاً للمواصفات والمقاسات....

 

والمواصفات مستحيلة تماماً.... لا يمكنك أبداً أن تحققها...

لا توجد أي إمكانية لتحقيقها... فتشعر دوماً بالإنهاك والتقصير...

 

أن تكون مثالياً... يعني أن تكون ميتاً أو مختلاً عقلياً....

وتستعد للجلوس على كرسي الطبيب النفسي...

وقد طُلب منكم جميعاً أن تكونوا كاملين مثاليين!!

 

الحياة جميلة بكل نواقصها.... وليس هناك شيء كامل...

دعني أقول لك: حتى الله ليس كاملاً.... لأنه إذا كان كاملاً فالفيلسوف نيتشه معه حق بأن الله ميت....

الكمال يعني الموت... الكمال يعني النهاية... أي أنه لا يوجد إمكانية للنمو بعد ذلك...

عدم الكمال يعني أنه هناك إمكانية للنمو والسمو...

هناك شوق لآفاق جديدة... لمغامرة ورحلة فريدة... لاحتفالية جديدة...

عدم الكمال يعني أنك حي.... أن الحياة موجودة وتسري فيك بكل أبعادها...

 

والحياة أزلية.... لذلك أقول أن الحياة غير كاملة وستبقى هكذا للأبد..

ولا شيء خاطئ بألا تكون كاملاً.... اقبل نقصك ونواقصك....

عندها ستختفي فكرة الشعور بالدونية أو السلبية تجاه نفسك...

اقبل بحالتك في هذه اللحظة... مثلما أنت...

ولا تقارنها بأي صورة مستقبلية أو مثل وأهداف....

لا تفكر بمصطلحات كيف يجب أن تكون وألا تكون....

تلك هي جذور كل الأمراض النفسية والغرور... ارمها وتابع طريقك....

أنت كما أنت اليوم.... وغداً قد تكون شخصاً مختلفاً....

لكن لا يمكنك أن تتنبأ بذلك من اليوم...

ولا حاجة لتقرر أو تخطط له أيضاً....

 

عش هذا اليوم بكل جماله.... بكل فرحه وضحكاته...

بكل آلامه ودمعاته... بكل نعمه ومفاجآته....

عشه بكليته.... بنوره وعتمته....

عش الكراهية..... عش الحب...

عش الرحمة..... عش الغضب...

عش كل ما هو موجود في هذه اللحظة...

إن رؤيتي ليست الكمال بل التكامل.... الكلية...

أن تعيش كل ما هو متاح لك في هذه اللحظة بكامل كيانك وبكُليته...

واللحظة القادمة ستولد من هذه اللحظة....

فإذا عشتَ هذه اللحظة بشكل كامل... فاللحظة التالية ستصل لقمّة ونغمة أعلى من الكلية...

فمن أين ستأتي اللحظة القادمة؟؟؟ سوف تولد من هذه اللحظة....

انسَ كل شيء عن المستقبل... الحاضر يكفيك ويغنيك...

 

يقول المسيح: "لا تفكر في الغد القادم... وانظر إلى زنابق الحقول كم هي جميلة.... حتى الملك سليمان لم يكن بنفس الجمال مع كل ملابسه الفخمة"...

ما سر تلك الزنابق وهذا الجمال الفائق...؟؟؟

السر بسيط هو أنها لا تفكر في الغد... ولا تعلم شيئاً عن المستقبل...

فلا وجود للغد... واليوم أكثر من كافي.... هذه اللحظة بحد ذاتها كافية...

 

أضيفت في باب:15-12-2012... > اقطع الجذور!
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد