<<<< >>>>

لماذا نرى العالم مريضاً جداً هذه الأيام؟ ولماذا يزداد التوتر والبؤس باستمرار؟

إن ما نراه هو محصلة كل الأفكار الغبية التي سيطرت على البشرية في الماضي من الزمن... ولا بد أن يحصل ما يحصل... وجميع الأديان مسؤولة عما يحدث للإنسان اليوم... كل ما صنعته سواء بعلم أو دون علم، هو سبب البؤس والمعاناة والكرب عند كامل البشرية... ودعونا نفكر بالأسباب الرئيسية الجذرية واحداً تلو الآخر.
أولاً، كل الأديان كانت ولا تزال تفرض فكرة أن الله هو الخالق الذي خلق العالم، وأن الله هو العارف بكل شيء والقادر على كل شيء والموجود في كل مكان وشيء.
لقد منعت هذه الفكرة الإنسان من فعل أي شيء تجاه حياته ليجعلها أفضل وأجمل... عندما يكون هناك شخص يعرف كل شيء ويقدر على صنع أي شيء ويمتدّ فوق كل شيء وهو الذي يهتم بشؤون العالم، عندها ماذا تقدر أن تفعل أنت؟ إلى أي مدى تقدر أن ترى؟ وماذا يمكنك أن تساهم في هذا الخلق الهائل؟ إذا كان الله هو خالق الدنيا فلن تستطيع أنت أن تحسّن فيها... وإذا قدرتَ أن تفعل شيئاً فلن تفعل إلا الأذى والضرر! لا يمكنك أن تعدّل فيها لأنك حتماً أقل حكمة من الله خالق كل شيء!.... هذه الفكرة هي واحدة من أهم الأسباب الأساسية للمعاناة التي تمر بها البشرية والتي ربما تفنى بها البشرية.
فقط فكروا بهذا: لا يوجد هناك إله يخلق العالم أو يعتني به... لا ترموا هذه المسؤولية على شخص غير موجود... نحن من يوجد هنا ونحن المسؤولون بكل طريقة عن استغلال فرصة وجودنا على الأرض أو فقدانها وتدميرها.
أزيلوا الله وضعوا الإنسان مكانه، وسيكون لديكم عالم مختلف تماماً... هذه المعاناة المنتشرة لا داعي لها أبداً.. والبؤس كله بسبب غبائنا... يستطيع الإنسان أن يعيش حياة ثرية وغنية بالسعادة والنشوة... لكن أول شيء هو أن عليه قبول مسؤوليته.
كل الأديان كانت تعلمّك أن تتهرب من مسؤوليتك.. ارمها على الله واتكل وتوكل... ولا يوجد هناك الله.
أنت لا تفعل أي شيء لأنك تعتقد أن الله سيفعل كل شيء، لكن ليس هناك الله ليفعل أي شيء!
فماذا تتوقع غير هذا الذي تراه؟ كل ما حدث ويحدث وسيحدث هو النتيجة الطبيعية لفكرة الخالق.
لو أن الإنسان قيل له: "هذا الوجود هو وجودك أنت.. أنت المسؤول عن طريقة وجودك مهما كانت ومهما فعلت ومهما حدث حولك... كن ناضجاً ولا تبقى طفولياً"..... لكن هذا الله لا يسمح لك بالنضوج، ألوهيته وعظمته تعتمد على عدم نضجك وطفولتك وسذاجتك... كلما كنتَ أكثر غباء وسذاجة كلما كان الله أعظم عندك... وكلما كنت ذكياً أكثر سيتضاءل مفهوم الله ويختفي.
إذا كنتَ ذكياً حقاً... لا يوجد هناك أي إله... لا إله...
عندها هذا الوجود موجود هنا وأنت هنا... وعندها ستصنع وتخلق وتبدع.. لكن ذلك "الخالق" لا يسمح لك بأن تصبح الخالق الخلّاق!
يجب أن نفهم تماماً أن الخالق والمخلوق واحد... وعليك أنت يا إنسان أن تصبح الخالق المبدع كل لحظة... عليك أن تحرر طاقاتك الإبداعية الهائلة.. وهذا ممكن فقط إذا أزلت هذا الله من فكرك وهو مجرد معتقد ووهم مفروض عليك منذ صغرك... عليك إزالته تماماً تماماً من نظرتك وطريقتك في الحياة.
نعم، في البداية ستشعر بفراغ كبير، لأن ذلك الفراغ داخلك الذي كان الله يملؤه... طوال ملايين السنين كان جالساً هناك متربعاً على العرش المقدس في قلبك، هذه هي فكرة الله الذي يسكن في قلوب المؤمنين به... والآن، فجأة ترمي به خارجاً.. ستشعر بالفراغ والخوف والضياع.... لكن من الجيد أن تشعر بالفراغ وبالخوف وبالضياع! لأن هذا هو الواقع الحقيقي، وما كنتَ تشعر به من قبل كان مجرد خرافة وخيال... الخرافات لا يمكنها أن تساعد كثيراً وهي فقط تعطي بعض التعزية والسلوان لكن التعزية ليست شيئاً جيداً يا إنسان.
ما نحتاجه هو تحويل وتبديل لا عزاء بديل... نحتاج علاجاً لكل الأمراض التي كنت ولا تزال تحملها وليس تعزية وتسوية لحالتك المزرية... لذلك أول شيء: أزل هذا الله... لا تنتظر أي إله أو منقذ.. فلا يوجد أي منها ولم يكن يوجد منها أصلاً.
قال فردرك نيتشه.. وأنا لا أتفق معه، لكن خلافي مختلف تماماً عن خلاف كل الآخرين المتخالفين معه... يقول نيتشه: "الله ميت".... طبعاً المسيحيون لم يتفقوا معه، والمسلمين والهندوسيين وحتى البوذيين وكلهم كانوا ضد نيتشه... أنا أيضاً ضده لكن سبب اختلافي عنهم هو أن الله ليس ميتاً لأنه لم يكن حياً بالأصل في أي زمن... فحتى أن تقول "الله ميت" معناه أن تقبل بأنه كان حي وموجود والآن لم يعد كذلك... لا... إنه لم يكون موجوداً منذ البدء، والإنسان عاش عصوراً طويلة في ظلال وظلام هذه الخرافة.
وهذه الحالة الراهنة، هذا البؤس والتوتر المتزايد... التوتر كثير لدرجة أن ثاني سبب للموت في أكثر دول العالم تطوراً هو الانتحار..... المرء يشعر بتوتر هائل يوماً بعد يوم، ولا يبدو أن هناك مهرباً منه... يزداد الضيق والمعاناة في الحياة والمرء لا يقدر حتى على رؤية سبب معاناتنا جميعاً... لماذا علينا أن نعاني ونتألم؟ ماذا فعلنا؟ يبدو أن الحياة بحد ذاتها دون جدوى... وهكذا يصل الإنسان الذكي إلى نقطة يرى فيها كل شيء عقيماً دون معنى.
عندها لماذا الاستمرار بالجرّ ليل نهار؟ لماذا لا أنهي هذه الحياة التافهة المتكررة وأتخلص منها؟ إنها لم تعطيك شيئاً سوى الألم.. ولن تعطيك سوى الألم... نعم هناك أفيون مخدر في مكان ما، وهو الأمل: ربما غداً ستكون الأمور مختلفة.. ربما، إذا لم يكن اليوم فغداً ربما تقدر على التقاط بعض لحظات السعادة... لكن الأمر لا يستحق الانتظار.. كل هذا القطار الطويل من أفلام المعاناة لأجل لحظات نادرة من البسمات أو بعض الضحكات.... وعندما تضحك تكون حتى تلك اللحظة قد فاتتك! ربما تلك اللحظة هي جزء من مخيلتك أيضاً.. ولكي تحافظ على نفسك واستمرارك بهذه الحياة الميتة تبدأ تحلم بأشياء غير موجودة فعلياً، بل أنت فقط ترغب بوجودها.. هذه هي وظيفة الحلم تحديداً.
هل تعلم؟ هناك اكتشاف غريب حقاً في علم النفس الحديث... طوال قرون ماضية اعتقدنا بأن الأحلام ليس لها فائدة وأنها مجرد تشويش مزعج في الليل... واعتقدنا أن النوم الخالي من الأحلام هو هدف صحي يجب تحقيقه... واليوغا طيلة عشر آلاف سنة كانت تعلّم أن النوم دون أحلام هو أكثر التجارب جمالاً.. لكن ما وجدناه مؤخراً يذهب تماماً عكس الماضي.. يمكنك الاستغناء عن لحظات نومك الخالية من الأحلام دون أي أذى، لكن لا يمكنك الاستغناء عن الأحلام.
إذا نمت ثماني ساعات، سيكون مجموع لحظات النوم دون أحلام هو ساعتان، وست ساعات مع أحلام... التجارب أثبتت ذلك عبر آلات تسجل حالة الحلم على الورق كمخطط.. ويمكنك ملاحظة الحلم عند الشخص دون آلة بمراقبة غطاء عيونه عندما تتحرك العين خلفه فهذا يدل على أنه يحلم.
قام الباحثون بإيقاظ بعض النائمين عندما يحلمون.. يوقظوهم فور ظهور أي حلم.. سمحوا لهم بالنوم فقط تلك الساعتين الخالية من الأحلام.... في الصباح، وجدوا أن النائمين يستيقظون منهكين تماماً دون حيوية ولا رغبة حتى بالحياة.... بدا هذا غريباً لأن اليوغا القديمة في الهند والتيبت والصين، عدة مدارس وعدة أناس متباعدين كلهم كانوا يقولون: "إذا قدرت على النوم ساعتين دون أحلام، ستكون كافية وشافية لك، تكفي لتجديد نشاطك في اليوم التالي"... لكن وجد العلماء أن ذلك غير صحيح.
بل إذا قمت بتشويش تلك الساعتين عندما لا يكون هناك حلم، وسمحت لهم بالنوم ست ساعات أحلام، في الصباح سيكونون منتعشين ونضرين كالأطفال مليئين بالحياة والحركة والتوق للمغامرة في الحياة.
عندما اكتشفوا هذا لأول مرة تفاجأ جميع العلماء.. ظهر أن الأحلام ضرورية جداً للناس.. وما هو السبب؟ لم يكن علماء النفس قادرين على الإجابة.. ولن يقدروا أبداً لأن السبب يمكن إيجاده فقط من خلال التأمل العميق ولا يوجد أي طريقة أخرى... مهما أجروا من تجارب نفسية لن يقدروا على المعرفة.
لكن من خلال التأمل، هناك شيء يحدث: خالي من الحلم وخالي من النوم... كلاهما غائبان في حال الإنسان وقتها... وأنت يقظ تماماً... الجسد هادئ في نوم وراحة عميقة، لكن وعيك نقي جداً كالسماء الصافية ليس فيه أي نوم... هناك لهب لطيف داخلك من اليقظة يراقب كل لحظة.. وليس هناك شيء لتراقبه! الجسد نائم هناك ولا يوجد شيء لتراقبه... لكن المراقب موجود.
يمكنك فقط مراقبة المراقب.. يمكنك فقط ملاحظة المُلاحظ.. يمكنك فقط إدراك وعيك.. لكن ليس هناك نوم ولا أحلام ولا غيوم... وفي الصباح ستكون بأفضل حالات الحيوية والنضارة.
لذلك علماء النفس لن يقدروا.. لم يقدروا بعد ولن يقدروا أبداً على المعرفة والعرفان، ما لم يبدؤوا بالتوجه إلى التأمل... ولا يبدوا أن عندهم أي اتجاه إليه... في الواقع، علماء النفس أعداء ألدّاء للتأمل وأستطيع أن أفهم لماذا.. إنهم أعداء للتأمل لأن التأمل يستطيع حل جميع مشاكلك وكل ما يقلق فكرك ونفسيتك، ومع زوال المشاكل النفسية يزول كل اختصاص الطب النفسي وعمله.
تماماً مثلما كان رجل الدين خائفاً من انتشار الشكوك عن وجود الله... ورجل السياسة أيضاً يخاف: يجب ألا يشك الناس برجال الدين ومصداقية أقوالهم، لأن الناس إذا شكّوا بوجود الله سيختفي رجل الدين وكل المؤسسات الدينية الثرية... وهناك ملايييييين من رجال الدين في العالم: هندوسيين مسيحيين مسلمين يهوديين بوذيين راباي ورهبان ومبشرين وأئمة وشيوخ أصحاب اللحى والعمامات والقلادات والشهادات... ملايين رجال الدين عبر العالم يعتمدون على مفهوم وحيد لله... ارمِ تلك الفكرة وكل أولئك سيختفي عملهم ويختفون من الوجود... حالياً لديهم سمعة وسلطة كبيرة.. لكن من سيكون البابا أو المفتي عندما لا يكون هناك الله؟ ماذا سيكون منصبه حينها؟ هذا البابا والماما والدادا عليه أن يعود لبلده ويشتغل مهنة صادقة حتى لو كانت مسح أحذية أشرف له.
الله غير موجود... ومعه يزول أيضاً الروح القدس والابن أيضاً والأنبياء كلهم.. الله هو محور تركيز كل الخرافة في كل دين... أزل ذلك المحور وستجد أن قصر الورق بكامله سينهار ولا يحتاج إلا نفخة صغيرة.
علماء النفس خائفون من التأمل... الآن صار علم النفس اختصاصاً ضخماً بمليارات الدولارات في المشافي العقلية والأدوية النفسية والأطباء وغيرها.. طبعاً فاليهود لا يفعلون أشياء صغيرة أبداً!.. لقد صنعوا هذا الدين المسيحي الغبي، واستمروا طيلة ألفي سنة بالتذمر: "لقد أضعنا الفرصة.. لقد كان بإمكاننا صنع اختصاص جديد كامل بدلاً من المسيحيين.. كيف فاتنا هذا الشخص المسيح ابن النجار؟ لقد كان الأمر تجارة رابحة ببساطة ونحن أضعنا تلك الفرصة.. لم نقدر وقتها أن نرى أن هذا الرجل البسيط سيكون شيئاً عظيماً حقاً"!
لقد أثبت المسيح أنه أعظم عمل وصفقة تجارية في العالم.. واليهود لا يستطيعون مسامحته.. إذا أمسكوا به مرة ثانية سيصلبوه من جديد، لكن لسبب آخر هذه المرة: "لماذا لم تخبرنا منذ البداية أن هذا سيصنع تجارة ضخمة؟ لو أنك أخبرتنا ما كنا صلبناك".
وبعدها، أضاع اليهود الفرصة الثانية وهي سيغموند فرويد... لكنهم هذه المرة كانوا أكثر وعياً ولم يفتهم الكثير... 90 بالمئة من الاختصاص باقي للآن في أيدي يهودية... جميع علماء النفس العظام والمحللين والمعالجين، 90% منهم يهود... إنهم يتحكمون باللعبة لوحدهم.. وقام فرويد لوحده بصنع كامل الاختصاص والعلم.. وكان خائفاً كثيراً من التأمل ومرتعباً.
يونغ، أكثر تلاميذه قرباً منه والأنجح في استلام القيادة من بعده في البداية، كان أيضاً خائفاً من التأمل.... عندما أتى إلى الهند وفي أي مكان فيها، وقد ذهب إلى خاجوراهو وتاج محل ومعظم الأماكن الأثرية القديمة.. كان الناس ينصحونه في كل مكان: "عليك أن تذهب إلى أروناشال في جنوب الهند، هناك رجل اسمه سري رامانا، يستطيع إعطاءك رؤية عميقة جداً في الطبيعة البشرية، وهي التي تعمل عليها أنت طوال حياتك"... لكنه كان خائفاً من الذهاب إليه.
رامانا، طبعاً كان الرجل المناسب ليقول له شيئاً عن التأمل... لكنه لم يكن يذهب إليه... لا بل رفض بشكل صريح قائلاً: "كل هذه الطرق للتأمل غير علمية"... والآن، مقولته هذه غير علمية، لأنه لم يحاول أي شخص اكتشاف التأمل بطريقة علمية.. فعلى أي أساس يقول أن كل التأمل غير علمي؟
أنا أعرف ذلك المكان، الخالي من النوم ومن الأحلام ورغم ذلك أبقى أنا موجوداً حاضراً... طبعاً الأحلام يحتاجها عامة الناس لكن ليس المتأملون... ربما 99.9% من الناس أو أكثر بحاجة يومياً للأحلام، ست ساعات من الحلم كل ليلة... وهل تعتقد أن هذه هي كل ساعات الأحلام؟ ألستَ تحلم في النهار أيضاً؟
في أي وقت، أغلق عينيك وستجد أن الحلم يجري أمامك... ودائماً موجود.. حتى وأنت تقرأ هذه السطور سيكون هناك حلم ما يشغلك... وأنت تمشي في الطريق الحلم يمشي داخلك.. طبعاً عندما تمشي سيكون انتباهك مقسوماً نصفين: عليك أن تكون واعياً للعالم الخارجي وإلا سيعتقد الناس أنك مجنون من الفضاء الخارجي.. أنت لست من الفضاء الخارجي بل تائه في فضاء الأحلام الداخلي! انتباهك ليس على الواقع الخارجي أبداً.. فكرك مليء بغيوم الأحلام وقد نسيت تماماً العالم الواقعي الملموس.... ست ساعات في الليل وكم ساعة أيضاً في النهار؟ لم يقم أحد بقياسها لكن لا أعتقد أن عند الناس أكثر من ساعتين في النهار دون أحلام مثل حالة الليل.
لا أعتقد أن عندك أكثر من ساعتين في النهار دون أحلام، وإلا لكانت هاتين الساعتين مليئة باليقظة وهي ستكون ساعات التأمل عندك... وستبوح لك بأعظم الأسرار.
لكن عامة البشر المتوسطين يحتاجون للأحلام.. لماذا؟ لأن الحياة في الواقع غير مرضيَة أبداً، بشعة جداً ورائحتها نتنة! لذلك تصبح الأحلام بديلاً عنها... وهي جميلة.. تجلب العطر لحياتك والأمل والخرافات والروايات.. تساعدك لكي تبقى عاقلاً نوعاً ما، فالواقع يدفعك دوماً للجنون.
بالنسبة لي، الله والابن والروح القدس والبابا، البابا المعصوم عن الخطأ.. طبعاً يجب أن يكون معصوم مثله مثل كل رجال الدين العظماء.. فهو يمثل المسيح والمسيح ابن الله الوحيد، فكيف يمكن له أن يخطئ؟ البابا المعصوم... وكل دين عنده ما يشبهه.. أنت تحتاج لهؤلاء الناس، فهم خرافات صنعها بؤسك وتعاستك، إنهم أشخاص ماكرون يستخدمون تعاستك لاستغلالك والحصول على السيطرة على الحشود.
والسياسيون بحاجة لهؤلاء الناس أيضاً... حتى سياسي مجنون مثل هتلر يحتاج المباركة من الله! إذا لم يكن هناك الله فمن سيبارك هتلر وغيره من قادة الحرب العظماء الأغبياء؟ طبعاً قام أكبر رجل دين مسيحي في ألمانيا بمباركته.. والآن انظر المعجزة.... تمت مباركة هتلر من رجل دين وكيل لله: "ستنتصر ولتباركك السماء"... وكذلك تشرشل بورك في بريطانيا من قبل نفس رجل الدين ونفس الكلام... وكذلك موسوليني باركه البابا بنفسه: "ستنتصر والله معك"... ولا أحد يرى التناقض، أن إلهاً واحداً وبابا معصوم واحد ورجل الدين ذلك تحت أمرة البابا أيضاً!
لكن على البابا أن يبارك موسوليني وإلا سيرمي به خارجاً ويضع شخصاً آخر كبابا يقبل مباركته وإصدار الفتاوي لصالحه... موسوليني طبعاً غير فاشي ولا متعصب عندما يكون في السلطة، وحتى البابا يقول عنه: "إنه أكثر الرجال والقادة حكمة في الأرض، أكثرهم ديمقراطية وإنسانية".... موسوليني!! والبابا ذاته، بعد هزيمة موسوليني، سيعلن أنه فاشي إرهابي... وهؤلاء البابوات المعصومين..... والآن سيظهر سياسي جديد ويجب مباركته كالعادة وهو طبعاً ضد موسوليني الآن ومع المصصلحة دوماً مثل كل رجال الدين والأئمة والمفتيين.
ألا يمكنك رؤية المؤامرة البسيطة بين رجال الدين والسياسيين؟ هكذا يتم خداع الحشود... رجل الدين يصدر القوانين والمراسيم من عند الله: يعطي الشهادة بأن هذا هو الرجل الصحيح ليكون الرئيس والملك أو رئيس الوزراء.... طبعاً السياسي بحاجة لشهادته لأن الحشود ستصغي فقط لرجل الدين: فرجل الدين كما يظهر لهم هو شخص حيادي ليس له أي علاقة بالسياسة لأنه أسمى وأعلى منها..... إنه ليس كذلك!! رجل الدين دوماً دمية بأيدي السياسيين.
الدالاي لاما، المشهور برجل السلام في العالم، هو البابا وأعلى من البابا بالنسبة للبوذيين، فهو ليس ممثلاً عن المسيح لا بل هو تقمص وتجلي لبوذا على الأرض شخخخصياً... وقد هرب من التيبت عندما قررت الصين احتلالها... وهو كان القائد الروحي والسياسي للتيبت معاً.. كان عليه ببساطة الهرب لأن ليس عنده جيش كبير، فقط ربما مئة شرطي لحراسة قصره... وماو زعيم الصين عازم على الحرب لكي لا تقوم روسيا بالاستيلاء على التيبت قبله..
لكن هذا التجلي لبوذا في الأرض هرب من التيبت ونسي كل أمر الناس الفقراء الذين كان يستغلهم هو ومن سبقه آلاف السنين... التيبت أهلها فقراء بسطاء، لكن الدالاي لاما من أعظم أثرياء العالم.. قصر لاهاسا بكامله مملوء فقط بالذهب وليس أي شيء آخر... ومن الغريب أن الدالاي لاما عندما هرب لم يأخذ معه الكتب الدينية الأثرية النادرة، بل أخذ معه كل الذهب! كل رجال الدين مساكين مثله ضحية المال والتجارة والطمع.
السياسيين ورجال الدين كانوا دائماً وعبر التاريخ في مؤامرة مستمرة يعملون معاً يداً في يد وجيباً في جيب.... السياسي عنده السلطة السياسية، ورجل الدين عنده السلطة الدينية... السياسي يحمي رجل الدين، ورِجل الدين يبارك السياسي، ويتم استغلال الحشود وامتصاص دمهم من قبل الاثنين..... أزيلوا الله وسيزول معه السياسيون والسياسة ورجال الدين والمؤامرة القديمة بينهما... وعندما يزول هذان الاثنان، سيزول 50% من معاناتكم.
فكرة الله تعطيك أحلاماً بحياة أفضل... بعد الموت، ربما في جنة الفردوس مع الحوريات وأنهار الخمر أو في جيل آخر وتقمص آخر.. وبهذا لا يبقى هناك الكثير لتقلق تجاهه: هذه الحياة مجرد شيء صغير فماذا فيها لكي تهتم؟ في ملايين وملايين السنين الضوئية ما هي قيمة سبعين سنة فانية؟! لا تهم أبداً!
هناك نجوم بعيدة جداً عنا، حيث أنه يوم ولادتك بدأت أشعتها بالمسير إلى الأرض ولم تصل بعد، ستموت وربما لن تصل الأشعة... رغم أنها تسافر بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية... بالنسبة لتلك النجمة أنت غير موجود أبداً... قبل ولادتك وقبل أن تموت، لم يستطع أي شعاع منها أن يصل إليك ليراك ويلمسك... وهناك ملايين النجوم البعيدة.. حتى أن بعضها لم تصل للأرض منذ أن ظهرت في الفضاء، وقد تختفي الأرض ولم تصل إليها الأشعة بعد.. تلك النجوم لن تعرف ما إذا كان هناك كوكب مثل الأرض في الوجود.
إذاً ماذا نقول عن الاسكندر العظيم ونابليون وغيرهم من عظماء أو عظام التاريخ؟ ليس لهم أي قيمة في هذا الكون الشاسع.... سبعون سنة... لذلك كانت الأديان تقول للناس: "سبعون سنة ليس لها أي قيمة... هذه التعاسة ستعبر وتمضي، وإذا سمحت لها أن تعبر دون الصراع ضدها، سيكون لك مكافأة كبيرة جداً في الجنة أو الحياة بعد الموت أو في الجيل القادم".... هؤلاء هم الناس الذين منعوك من تغيير أي حالة تراها في الأرض.... تحديداً، لقد منعوا تحويل وتبديل الإنسان، لأن كل المعاناة التي تراها من حولك جذورها كلها موجودة في الإنسان... وإذا بقي الإنسان كما هو، سيستمر هذا التوتر والقلق والكرب بالازدياد.
هناك احتمال كبير في كل لحظة أن البشرية بكاملها ستنتحر في حرب شاملة مدمرة... وليس من الصعب تخيل ذلك، لأن الأشخاص المستلمين للسلطة والذين عندهم الأسلحة النووية هم أشخاص بلهاء من الدرجة المتوسطة مثل عامة الناس... يبدو أنه لكي تصبح سياسياً ناجحاً عليك أن تكون غبياً جداً ومتعصباً وكاذباً وغشاشاً وتصدر الوعود باستمرار... وأنت تعلم تماماً أنه لن يتم تنفيذ أي وعد منها، لكن لا عليك فقط استخدم الكلمات الجميلة لتخفي الواقع البشع.
الآن صارت كل دولة كبيرة وقوية مليئة بالأسلحة النووية... وكثير منها لدرجة تكفي لتدمير 700 كوكب مثل الأرض الآن... كل تلك الطاقة النووية متاحة لتدمير كل شخص 700 مرة رغم أن ذلك ليس ضروري، مرة واحدة تكفي... لكن السياسيين لا يرغبون بإضاعة أي فرصة! وجوههم كلها أقنعة مستعارة: يقولون شيء ويفعلون شيئاً آخر... والسلطة موجودة في أيدي هؤلاء الناس..... أي معتوه يمكنه الضغط على الزر وإنهاء البشرية بكاملها وكل الحياة على الأرض.
لكن ربما عميقاً في وعي البشرية هناك رغبة بالتخلص من نفسها... ربما الناس كأفراد ليس عندهم الشجاعة الكافية للانتحار الفردي، لكن على صعيد جماعي كلهم مستعدون للانتحار والدمار... هذا ما نراه اليوم في عالمنا العربي.. وكل الأطراف تدعو القتلى عندهم شهداء وامتلأت الأرض بالدماء والسبب هو الغباء.
تذكر دوماً، الأفراد لم يرتكبوا أي جرائم ضخمة... بل دائماً الحشود هي من ترتكب الجرائم الكبيرة لأنه ضمن الحشد لا تجد أي فرد يشعر بأنه: "أنا المسؤول عما يحدث"... بل يفكر: "أنا فقط أسير مع الناس من بني قومي أينما يسيرون"..... عندما تكون فرداً وحيداً وتفعل شيئاً ما، عليك أن تفكر ثلاث مرات قبل أن تفعله... ماذا تفعل؟ هل هو صحيح؟ هل يسمح وعيك بهذا العمل؟ لكن الآن عندما يكون هناك حشد من الناس ستضيع بينهم ولن يكتشف أي أحد أنك كنت أيضاً جزءاً من ذلك الحشد.
حتى بلد مثل ألمانيا، التي تعتبر من أكثر الدول ذكاء وتحضراً وثقافة، وفيها أعظم الشعراء والفنانين والعلماء والفلاسفة.... لكن المرء يتعجب حقاً أن بلد هيغل وكانت وماركس وفرويد وأنشتاين.. هذه البلد أصبحت تحت سلطة هتلر الذي لم يكن إلا مجنوناً استلم السلطة.
حتى أشهر الفلاسفة فيها أصبحوا يؤيدون هتلر ولم يستيقظوا من سباتهم إلا بعد خسارة الحرب وانتحار هتلر... هذا ما أقوله لك: حتى عندما تكون عيناك مفتوحة بأكملها قد تكون تحلم....
لقد أعطت الأديان الإنسان خرافات لكي يعيش فيها... والآن تم تحطيم تلك الخرافات ولم يبقى للإنسان شيء يعيش لأجله، ولهذا الضيق والقلق.... أو الكرب تحديداً وهو ليس حالة عادية من القلق... القلق دوماً ما يكون مركزاً على مشكلة محددة... ليس عندك مال لذلك هناك قلق، ليس عندك ثياب كافية والبرد على الأبواب لذلك القلق أو أنت مريض وليس عندك دواء....
أما الكرب فليس عنده مشكلة محددة... مجرد وجودك في الحياة يبدو عقيماً دون ثمار... مجرد أن تتنفس يعني أن تجرّ نفسك دون ضرورة.. فماذا سيحدث غداً؟ البارحة كنت أيضاً تفكر أن شيئاً ما سيحدث في الغد... والآن اليوم هو غد البارحة ولم يحدث أي شيء... وكان هذا مستمراً منذ سنين وسنين... وتستمر دوماً بتخيل وتصور الغد.. ستأتي لحظة تدرك فيها بأنه لن يحدث شيء وعندها تظهر حالة الكرب.
في الكرب، يظهر أن هناك شيئاً واحداً فقط: محاولة الخروج من دوامة أو "معترك" الحياة.. لهذا نجد الانتحار وتزايد معدلاته... والرغبة اللاواعية عند البشرية بأن الحرب العالمية الثالثة ستحدث... "إذاً لن أكون أنا مسؤولاً عن قيامي بالانتحار.. الحرب العالمية تقتل الجميع وستقتلني أنا أيضاً وأرتاح".... لكن الحالة يمكن تغييرها بأكملها... ما علينا إلا تغيير الفذلكة المنطقية للإنسان القديم: أزل الله، أزل الجنة والنار، أزل فكرة المكافأة المستقبلية، وأزل فكرة أن مسيحاً أو نبياً أو مهدياً سوف يأتي لإنقاذك من معاناتك.
أزل فكرة أن هناك أي شخص آخر مسؤول عن بؤسك ومعاناتك... أزل فكرة أن شخصاً ما يمكنه إعطاء المعنى لحياتك.... اقبل تماماً أنك فرد وحيد، ولدتَ وحيداً وتعيش وحيداً وترحل وحيداً... وعليك قبول حقيقة أنك تعيش وحيداً، ربما تكون في حشد من الناس لكنك وحيد.. ربما تعيش مع زوجتك أو صديقك أو صديقتك لكنهم هم أيضاً وحيدون في وحدتهم وأنت وحيد فريد في وحدتك وتفردك، وتلك الوحدانيات لا ولم ولن تلامس بعضها البعض........
ربما تعيش مع أحد ما عشرين أو ثلاثين أو خمسين سنة هذا لا يشكل أي فرق، ستبقيان غرباء... دوماً ودائماً ستبقيان غرباء... اقبل بحقيقة أننا جميعاً غرباء، أنني لا أعرف من أنت وأنت لا تعرف من أنا... أنا نفسي لا أعرف نفسي فكيف يمكنك أنت أن تعرفني؟... لكن الناس تفترض أن الزوجة يجب أن تعرف زوجها والزوج يعرف زوجته... كل شخص يتصرف وكأن الآخر دوماً قارئ للأفكار وعليه حتماً أن يعرف حتى دون أن تقول.. يجب أن يعرف حاجاتك ومشاكلك... عليه أن يعرف وعليها أن تعرف.. وعليهم أن يفعلوا شيئاً! كل هذا غباء في غباء.
ليس هناك أي أحد يعرفك، حتى أنت نفسك... لذلك لا تتوقع أن أي شخصاً آخر عليه أن يعرفك، هذا مستحيل في طبيعة الأمر.... نحن مجرد غرباء.. ربما بالصدفة تقابلنا هنا ونحن سوية الآن، لكن وحدتنا دائماً هناك... لا تنساها أبداً، لأن عليك العمل عليها... من هناك تحديداً سيظهر خلاصك وحريتك وانعتاقك... لكنك تفعل الشيء المعاكس تماماً: كيف يمكنك نسيان وحدتك؟ التسلية مع الصديق والصديقة والذهاب للسينما ومتابعة المحطات والأخبار والمباريات والضياع بين الحشود والرقص في الملاهي ونسيان نفسك وشرب الكحول والمخدرات والتدخين والأركيلة يا عرب صارت المعبود الجديد... افعل أي شيء لكن لا تسمح لهذه الوحدة بالقدوم إلى فكرك الواعي، وهنا يكمن السر بكامله.
عليك قبول وحدتك... والتي لا تستطيع تجنبها بأي طريقة... ولا يوجد طريقة لتغيير طبيعتها... إنها طبيعة واقعك الأصيل وليس له بديل... إنها أنت... وأنت تهرب من نفسك.... عندها سيكون هناك تعاسة ومشاكل... وفي حلّك لمشكلة ستصنع عشر مشاكل جديدة وهكذا دواليك.... قريباً لن يكون هناك إلا المشاكل من حولك وستغرق في مشاكلك.... عندها ستصرخ سائلاً: "لماذا يزداد التوتر؟ لماذا هناك كل هذه المعاناة والتعاسة في الأرض؟" ... وكأن شخصاً ما لديه جواب جاهز لهذا السؤال... نعم هناك شخص، وهو أنت.
لأنني أنا وجدتُ الجواب داخلي، لذلك أنقله إليك وكلي ثقة ومصداقية... المصداقية والشهادة ليست مشتراة من أي إله أو مسيح أو نبي أو قرآن أو إنجيل... لا... المصداقية أتت من اختباري أنا بالذات.
لقد عشتُ كامل حياتي بين ملايين الناس، لكنني لم أنس ولو للحظة أنني وحيد، وأن وحدتي لا يمكن لشيء أن يطالها أو يغيرها، لا يمكن لأحد أن يصل إليها.. إنها متاحة لي فقط لأنها هي أنا وأنا هي.
إذاً في اللحظة التي تتوقف فيها عن الهرب من نفسك وعن إغراق نفسك في كل أنواع المخدرات والعلاقات والأديان والخدمات الإنسانية.... هناك بعض الناس يقومون بذلك الآن ويعتقدون أنفسهم إنسانيين عظماء... إن ذلك ليس إلا هرباً من أنفسهم، لكن أناهم يشبع لأنهم يقدمون خدمات كبيرة للبشر.
أعرف العديد منهم، يساعدون ويقودون الحملات والشعارات ويملكون الجمعيات لمساعدة المعاقين والمحتاجين.. عندما أتحدث معهم بعمق وأصل معهم لنقطة معينة ينفجرون بالبكاء ويقولون: "ربما معك حق... نحن نهرب... كنا نفكر أننا سنساعد هؤلاء الناس الفقراء، لكن يبدو أننا لم نقدر على حلّ أي مشكلة من مشكلاتنا نحن أولاً".... يبدو هذا مهرباً مفضلاً: تقدر من خلاله على وضع مشاكلك جانباً... وكيف يمكن أن تكون أنانياً جداً وتنشغل بمشاكلك الخاصة بينما البشرية بكاملها تبكي وتعاني؟ عندما يكون الجميع في معاناة عليك مساعدتهم.. لذلك تستطيع وعبر مسرحية جميلة مقنعة أن تضع كل مشاكلك جانباً.. حتى مجرد التفكير بها هو شيء أناني في هذه الظروف!
لكن مع تلك المشاكل، من ستساعد وكيف ستساعد؟ سترمي جميع مشاكلك على الشخص الذي تحاول مساعدته... الزوج سيرميها على زوجته والزوجة سترميها على زوجها... والأهل سيرمونها على أولادهم، وكل شخص يرمي مشاكله على الآخرين دون ملاحظة أن الآخرين يحاولون القيام بالشيء ذاته.
توقف عن رمي مشاكلك على الآخرين... عليك أن تحل مشاكلك أنت أولاً، وعلى كل فرد أن يقوم بذلك... والمشاكل ليست كثيرة... إنها مجرد مشكلة واحدة لم تقم بحلّها لذلك قامت بصنع سلسلة من المشاكل غير المحلولة... المشكلة هي: كيف تدخل إلى وحدتك دون خوف؟ في اللحظة التي تدخل بها إلى وحدتك دون خوف.. ستكون تجربة جميلة جداً مليئة بالنور والنشوة لا يمكن مقارنتها بأي شيء.
إنها ليست مشكلة على الإطلاق... بل إنها الحل لجميع مشاكلك دفعة واحدة... لكنك أنت من حوّلها إلى مشكلة لأنك أصغيت للآخرين وتبعت خطواتهم: شخص أعمى يتبع قادة عميان ورجال دين عميان وأضل سبيلا.... جميعهم يسيرون في حلقة مفرغة، وكل شخص يعتقد أن الشخص الأعلى منه قادر على الرؤية والتصرف بحكمة، والحالة نفسها عند الشخص الأعلى... كل واحد يمسك بقميص الآخر، معتقداً أن الآخر يعرف إلى أين يسير، وجميعهم يسيرون في حلقة متكررة، لا أحد منهم يسير إلى أي مكان.... الأتباع يلحقون القائد والقائد يتبع الأتباع وتوقف المسير ونواجه نفس المصير عبر التاريخ بأكمله.........
عليك أن تتوقف وتخرج من هذه اللعبة الغبية بين القادة والأتباع... عليك فقط أن تكون نفسك، وتذكر أنك ولدتَ وحيداً، لذلك الوحدة هي طبيعة واقعك الطبيعي، وأنك ترحل وحيداً لذلك الوحدة هي طبيعتك الأبدية دائماً.... وبين الولادة والموت، بين هاتين النقطتين من الوحدة المطلقة، كيف يمكن للحياة أن تكون غير ذلك؟ إن الوحدة حقيقة حية في كل لحظة.. لذلك اقبل ذلك بفرح... تعمّق فيه قدر الإمكان وعدة مرات كلما تذكرت.
هذا هو المعبد الحقيقي للدين الحقيقي الذي لا اسم له ولا شرائع ولا حجار من الرخام ولا من الذهب ولا كلمات مطبوعة يبيعها التجار... هذا المعبد مبني من وعيك..... تعمق فيه قدر ما تستطيع.. وكلما تعمقت ستزول مشاكلك وتبتعد عنك.... عندما تلامس مركز كيانك ستصل إلى منزلك... ومن تلك النقطة يمكنك الخروج وفعل أي شيء تريده... سيكون ذلك مساعدة عظيمة وخدمة حقيقية ستكون مشاركة لا شرك... لن تقوم برمي مشاكلك على أي أحد.
من ناحية أولى، أعطاك رجال الدين الرغبة بالعالم الآخر، الطمع بالجنة وبالمكافأة في المستقبل... ومن ناحية ثانية يعطيك السياسيون هذا العالم: يمكنك أن تصبح الرئيس.... أي شخص في أميركا يمكنه أن يصبح الرئيس وكل المواطنين متساويين.. ما هذا الهراء! لا يوجد مواطنان متساويان... وفقط الأكثر مكراً سيصبح هو الرئيس وليس أي مواطن.... على الأقل ليس أولئك الذين قدّموا مساعدة حقيقية لأي شخص.
فقط الأشخاص الطماعون يقدرون على الوصول إلى أعلى المناصب السياسية في أي بلد، لأن الموضوع هو سباق ومنافسة، وتحتاج لأن تكون طماعاً جداً لتراهن بكل شيء لأجل الوصول.... وليس عليك أن تهتم بما تفعل أكان صحيحاً أم خاطئاً... عليك أن تحافظ على الهدف والنهاية والغاية تبرر الوسيلة وأن تفعل كل ما تراه صحيحاً لتصل للنهاية، سواء صح أم خطأ هذا غير مهم... إذا فشلت سيكون كل شيء خاطئاً، وإذا نجحت سيكون كل شيء صحيحاً... النجاح صحيح والفشل خاطئ... هذه هي الطريقة التي يتدرب عليها السياسيون ويدربون الآخرين عليها أيضاً.
ارمِ كل ما وضعه السياسيون ورجال الدين فيك، ومع رمي هذا الحمل الثقيل ستبدأ برؤية أشعة النور من جوهر كيانك النقي الأبدي المقدس... وهذا ما أدعوه التأمل... بمجرد أن تتذوقه سيغيرك للأبد.


Thank you Osho…
 

أضيفت في باب:14-3-2013... > صباح الصحوة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد