<<<< >>>>

ما هي البراءة؟ ولماذا الأبرياء هم أكثر من يعاني بين الناس؟

....لم أشاهد أبداً أي شخص بريء يعاني.. البراءة هي غبطة عميقة جداً لدرجة أنه مهما حدث من حولها فلن يشكل أي فرق.. ستبقى تتدفق بالحق والعشق.. حتى الموت غير مهم أمامها!

لكن أستطيع أن أفهم سؤالك.. وهذا ليس سؤالك وحدك بل سؤال كثير من الناس يتكرر دائماً: لماذا يعاني الناس الأبرياء؟.... إنهم أولاً لا يفهمون ما هي البراءة... وثانياً، عندما يعانون يعتقدون أنهم بسبب البراءة يعانون وأن سبب المعاناة لا بد أن يكون في مكان آخر خارجك.

نفس النوع من السؤال يتكرر طرحه من زوايا متعددة: لماذا الناس الجيدون الطيبون، لماذا الأتقياء المحسنون، ولماذا المتدينون هم فقط الذين يعانون؟

لم أرى أي شخص متدين يعاني، أو شخص جيد أو شخص محسن تقي يعاني... لكن كلامهم يدل أنهم فقط يعتقدون أنفسهم صالحين ومتدينين، أتقياء وأبرياء... وكل هذا غير صحيح وهم منه براء!

ربما هم جيدون صالحون لكن بسبب الخوف لا بسبب الحب... جيدون لأنهم خائفون من نار جهنم، محسنون لأنهم طامحون طماعون بمتاع وملذات الجنات..

وهم ليسوا أبرياء، لكنهم ببساطة جاهلون.. وهناك خط رقيق جداً خفيّ بين البراءة والجهل.

الطفل جاهل، ليس بريء..... وأنت عندما تولد من جديد ولادة روحية ولادة الوعي الجديد فيك فأنت تصبح مجدداً مثل الطفل... تذكر، أنا أقول "مثل الطفل".. ولا أقول أنك ستصبح طفل.. بل فقط مثل الطفل.... بريء وجريء

الخط الفاصل بين الجهل والبراءة رفيع جداً، لكن الشخص الجاهل يحاول دائماً ألا يكون جاهلاً.. وهذه هي العوارض: إنه يحاول بكل الطرق أن يصبح مثقفاً عارفاً بكل شيء.

الشخص البريء يحاول أن يكون أكثر براءة... إذا بقيت أي معرفة متعلقة به أو حوله، تجده يحاول رميها والتخلص منها، يريد أن يكون نظيفاً تماماً.

أتى إلي أحد الأشخاص، وأنا أعرفه جيداً.. بالتأكيد ليس شخصاً سيئاً، لكن هذا لا يعني أنه شخص جيد!.. إنه ببساطة جبان... يريد كل شيء يمتلكه الناس السيئون لكنه جبان متردد.. يريد امتلاك الثروات والشهرة والسلطة، يريد أن يصبح رئيساً أو رئيس وزراء، لكنه غير مستعد للخوض في كل المزاريب والمجارير التي عليك أن تعبر فيها قبل أن تصبح رئيساً ما.. إنها طريق طويلة ملتوية منحرفة عبر مزاريب ومزاريب، وهي تزداد اتساخاً كلما تعمقت فيها أكثر... ذلك الرجل لا يريد فعل ذلك.. بل ببساطة يريد أن يصبح رئيساً لأنه شخص جيد.

يريد أن يصبح أثرى الأثرياء، لكنه لا يعلم أن الثري قد حصل على ثروته بجهد جهيد وبكل أنواع المكر والاحتيال والغش والكذب.... كل هذا جعل الرجل خائفاً، فهو لا يريد الذهاب للسجن.

إذا كنت خائفاً من السجن فلا تفكر أبداً بالثراء وانسَ الموضوع!.. الثراء يعني نوعاً من الجرأة الوقحة المتهورة والجاهزية للقتال والتنافس دون الاهتمام بالوسيلة صح أم خطأ.

الرجل الثري، صاحب السلطة، الناجح ورجل الأعمال والأموال..... بالنسبة لهم الغاية دائماً تبرر الوسيلة وتجعلها صحيحة، سواء إنْ احتجتَ أن تقطع أعناق الناس وتذبحهم لا فرق.. هدفك أن تنجح تماماً وأنت مستعد لدفع كل شيء مقابل النجاح.

الآن، هذا الرجل أراد كل تلك الأشياء وأراد أيضاً أن يبقى جيداً صالحاً وتقياً، ولم يرد أبداً أن يصبح ماكراً محتالاً أو غشاشاً... أنت تطلب الكثير سوية!!

إذا كنتَ حقاً تحب الطيبة والصلاح، تحب البراءة والإحسان، سوف تكون مستعداً لتضحي بكل شيء لأجلها... كل النجاحات والشهادات، كل الاحترام والكلمات والشهرة والصفات..... حتى لو تغيّرت قوانين الوجود وتم الإعلان من السماء: أنه الآن لا يسمح إلا للأشخاص السيئين بالدخول للجنة، وكل الأشخاص الجيدين عليهم الذهاب إلى النار، ستكون مستعداً للذهاب إلى النار مقابل ألا تترك طيبتك وجودة قلبك.

 

أضيفت في باب:1-2-2014... > عبادة و تعبّد
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد