<<<< >>>>

أهمية تمارين التنفس العميق في صحة الجسد وصحوة الروح

قال الرومي الحبيب:

"هناك طريقةٌ من التنفس مُقيّدة ومُخزية...

وهناك طريقة أخرى:

تنفسُ الحب الذي يأخذك طوال الطريق إلى اللانهاية"

 

بعد الاعتناء قليلاً بنوعية طعامك وجعلها طبيعية وصحية أكثر، تأتي الخطوة الأولى لتفعيل طاقتك وحيويتك في كل مقامات جسدك... ورحلة نمو الوعي تسير من أول مقام للنفس إلى آخر مقام للألوهية.

كثيرٌ من تمارين تفعيل وتنشيط الجسد وطاقته تتطلب مستوى معين من التحكم بالتنفس، وعندما تتعلم التنفس بطريقة صحيحة ستصبح كل التمارين أسهل وأكثر فاعلية بكثير.. وهذا هو أساس صحة الجسد وصحة النفس.

تمارين التنفس هي طريقة مباشرة للتحكم بالتوتر النفسي...

كمثال، فكّر للحظة كيف تتنفس في حالة الضيق والإزعاج الشديد.. يصبح النفس مسدوداً محصوراً في القفص الصدري على شكل أنفاس قصيرة وضحلة تكاد تسمح بوصول الأكسجين إلى الرئتين.. وفي حالات الضغط القصوى قد يختفي التنفس تقريباً.. مع هذا النوع من التنفس، لا يتدفق الأكسجين الداعم للحياة بحريةٍ إلى الجسد.. وهذا يخلق مزيداً من الضيق والتوتر، ويجعله يسكن في الجسد بدلاً من السماح له بالتعبير والتحرير إلى الخارج.

 

منذ عهود قديمة في الطب الصيني، تم اكتشاف أن النَفس هو انعكاس مباشر للحالة العاطفية في الجسد... عندما يكون الشخص حزيناً، تراه يأخذ أنفاساً متلاحقة كشهيق قصير، حابساً الهواء في أعلى صدره... عندما يكون الشخص غاضباً، يكون النفس أطول وكزفير متقلص، مع شهيق متقطع قصير يكاد يظهر.. حتى عندما لا نكون نشعر بكثير من العواطف، يبقى النفس يعكس المشاعر العامة للجسد، وهي غالباً ليست غنية بالطاقة أو القدرة.

 

تماماً مثلما يقوم النظام الغذائي الصحيح بدعم مخزون الجسد من المغذيات الأساسية،

كذلك يقوم التنفس الصحيح بدعم مخزون الجسد من الطاقة الحيوية.

 

التنفس الصحيح يقوم به الحجاب الحاجز (وهو عضلة تفصل بين القفص الصدري والبطن) وليس القفص الصدري وعظام الترقوة... لكن بسبب الكسل، الجهل، التدخين، التلوث، الإمساك وغيرها من العوامل، يصبح معظم البالغين في هذا العصر متنفسين سطحيين من الصدر، بدل المتنفسين العميقين من البطن مثلما خُلقت بنيتنا وفطرتنا..

 

كل الفنون القتالية في الشرق وتقنيات التأمل

تستخدم التنفس كبوابة للتحكم بالجسد

ولإيقاظ الطاقات وتحويلها..

 

التنفس من البطن هو أكثر شيء طبيعي بالنسبة لنا.. الأمر هو مجرد أننا نسينا كيف كنا نتنفس... هل راقبتَ طفلاً صغيراً كيف يتنفس؟؟ لاحظ كيف تقوم المعدة أو البطن بالتنفس وليس الصدر... هذه هي الطريقة الطبيعية، الطريقة التي يجب أن نعود لها.

أحياناً طريقة تربية الطفل بالكبت والجهل تسبب ضيق وسطحية التنفس... مثلاً، عندما يمد الطفل الصغير يده لكي يداعب أعضاءه التناسلية.. إنها تعطي شعوراً ممتعاً من الدغدغة له ومن الطبيعي جداً أن يلمسها أحياناً ويكتشفها في أول سبع سنوات من حياته... لكن الأم الجاهلة والتي تهمها نظرة المجتمع أكثر من صحة وحياة طفلها، تقوم فوراً بسحب يده أو ضربه.. هكذا يخاف الطفل من ملامسة أعضائه ويصبح نفسه سطحياً بالتدريج.

 

التنفس من الصدر يستخدم العضلات بين الضلوع لإجبار القسم العلوي من القفص الصدري على التوسع، بهذا يخفض ضغط الهواء داخل الصدر، بحيث يدخل الهواء إليه عبر السحب... لكن هذا يترك القسم الأسفل من الرئتين وهو الحاوي على أكبر مساحة لتبادل الأكسجين جامداً دون حركة... بالتالي، يحتاج الشخص حوالي ثلاثة أضعاف الأنفاس من الصدر للحصول على نفس كمية الهواء التي نحصل عليها عبر نفس واحد بواسطة الحجاب الحاجز.

 

التنفس العميق من البطن، للنساء وللرجال:

التنفس العميق الكامل من البطن يجب أن يستعمل ثلاث مناطق من الرئة، بتوسيع لطيف متواصل يبدأ من الأسفل، في البطن وليس في أعلى الصدر.

يقوم الشخص أولاً باستنشاق الهواء ببطء إلى أسفل الرئة بجعل الحجاب الحاجز يتمدد منتفخاً للأسفل باتجاه تجويف البطن.. وعندما يتمدد الحجاب الحاجز تماماً، يأتي دور العضلات بين الضلوع لتفتح القفص الصدري وتملأ منتصف الرئة بالهواء.. مع وصول القفص الصدري إلى أقصى تمدد، يتم استعمال عظام الترقوة بحيث يتدفق الهواء إلى الجيوب الضيقة العلوية من الرئتين.

الآن قم بالزفير بتسلسل عكسي، محرراً الهواء أولاً من القسم العلوي للصدر، ثم نزولاً إلى القفص الصدري، وانتهاءً بإخراج الهواء من أسفل الرئتين عبر تقليص (بلع) البطن قليلاً.

التنفس من الحجاب الحاجز بهذه الطريقة يقلل عدد الأنفاس اللازمة في الدقيقة إلى أكثر من النصف، يحسن كثيراً من فعالية الأنفاس في امتصاص الأكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون، يحمي القلب من الجهد والإرهاق، ويحفظ الطاقة الحيوية في الجسم.

 

قرأتُ منذ 20 سنة صفحة عن التنفس من كتاب صغير عن اليوغا كان عندنا في مكتبة البيت.. صفحة غيرت حياتي تماماً... قرأت فيها أن التنفس الصحيح هو تنفس عميق من البطن، وبطيء حوالي 4 أنفاس كاملة في الدقيقة.. وهناك تمرين سهل: ضع أمامك ساعة وراقب عقرب الثواني.. خذ شهيقاً لمدة 5 ثواني، ثم زفيراً لمدة 10 ثواني، كررها لتحصل على 4 أنفاس في الدقيقة واستمر بالتمرين نصف ساعة كل يوم.. بمجرد أن عملتُ التمرين لأول مرة حدث تغيير في جسمي وفكري ومنذ ذلك اليوم أصبحت سيداً على غضبي وعواطفي بطريقة ما لم أفهمها في ذلك الوقت.

 

هذا النوع من التنفس له كثير من الفوائد للجسد والنفس والعواطف..

عندما نقدر على التنفس بهذه الطريقة، سيأخذ الجسد ذلك كإشارة ليهدأ ويسترخي.. وهذه أفضل الطرق للتغلب على الضغط النفسي اليومي في حياتنا.

قم بالتدرب على التنفس العميق من البطن متى ما سمح لك الوقت ببضع دقائق، سواء كنتَ تقود سيارتك أو تقف في صف انتظار أو في عيادة طبيب الأسنان وأي مكان آخر، وستحصل على نتائج عظيمة حقاً.. مع ممارسة هذا التنفس، سيبدأ جسدك قريباً بأخذ أنفاس عميقة تلقائياً دون الحاجة للنية الواعية طوال الوقت.

 

التنفس العميق من البطن ينشط إفراز ودوران السائل الدماغي الشوكي وذلك في الدماغ والعمود الفقري.. السائل الدماغي الشوكي والسائل المنوي لهما طبيعة متشابهة كثيراً، ولا ننسى دور اليود في زيادة إفرازهما طبيعياً.

التنفس العميق من البطن هو أيضاً تمرين رائع لزيادة الطاقة الجنسية.. فهو يرسل طاقة الحياة عميقاً للأسفل عبر الحجاب البولي التناسلي، فيحرر ويُرخي كامل تجويف الحوض... دون التنفس العميق، نجد أن أسفل البطن عنده ميول للشد والتقلص.. وهذا يؤدي إلى طاقة جنسية منخفضة أو طاقة جنسية لا يمكن التحكم بها: بالنسبة للرجال، يسبب هذا الشد القذف المبكر (وعدم حدوث انتصاب كافي)، الاحتلام الليلي اللاإرادي، العجز الجنسي، أو الإحباط الجنسي... بالنسبة للنساء: يسبب هذا الشد آلام الدورة الشهرية، طاقة جنسية ضئيلة، عدم اكتشاف النشوة، عوارض انقطاع الطمث، وغيرها من المشاكل العاطفية الأكثر تعقيداً.

 

تنفس الطاقة للنساء وللرجال:

يتم القيام بتنفس الطاقة عبر طرد الهواء بسرعة خارج الرئتين، وهو تنفس مصمم لخلق دوران فعال للدم وتقوية الطاقة في أسفل البطن.. تخيّل أن هناك ناراً صغيرة مشتعلة خلف السرّة.. لتحويل هذه الشعلة الصغيرة إلى ألسنة لهب متوهجة، نحتاج طبعاً للهواء.. مع تطبيقك لهذا التمرين، يجب أن يكون صوت التنفس مثل صوت مناخ النار الذي كان يستعمله الحداد لجعل الفحم يتوهج.

ابدأ بطرح كل الهواء بقوة من الرئتين مع تقليص قوي لجدار البطن للداخل.. مباشرة بعد طرح الهواء، دع الرئتين تمتلئ طبيعياً دون جهد، حوالي نصف سعتها.. عندما تصبح الرئتان نصف ممتلئة، قم فوراً بتقليص جدار البطن مجدداً لطرح الهواء بقوة.

يجب أن يتكون هذا التمرين من عشرين إلى ثلاثين عملية طرح سريعة للهواء..

يمكن أيضاً تجريب هذا أثناء صعودك الأدراج واكتشف قوة هائلة ولن تتعب أو تلهث..

هذا التمرين يقوي منطقة أسفل البطن ويشحنها بالطاقة، ويجعلها أداة في يدك لتستخدمها كصلاة حقيقية مقدسة... صلاة تصلك بأصلك، وتحولك من الهوس إلى القداسة، من حيوان إلى إله.

نذكر هنا أيضاً أن التأمل الحركي الديناميكي يحتوي أيضاً على مرحلة من هذا التنفس الطاقي ومراحل لصنع فجوة بينك وبين الجسد والفكر والعواطف.. ثم مرحلة احتفال بجمال هذا الحال.

 

Treasure this book:  Sexual Reflexology

أضيفت في باب:28-4-2017... > الجنس و التأمل
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد