موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

صلاة كونية

ها نحن الآن على أبواب العام ألفين وخمسة بعيون الشيطان... وبالرغم من كل هذا التطوّر والحضارة المزعومة... لا يمكنك أن تجد السلام الحقيقي في أي مكان في العالم...

فالمشكلة يا عزيزي لا تقتصر فقط على الأمن أو السلام الخارجي... بل إن المصدر الأساسي لكل الصراعات في العالم
هو فقدان السلام الداخلي في نفس الإنسان... ولهذا قلتُ بأنك لن تجده في أي مكان في هذا الزمان...

كيف بإمكانك أن تعرف السلام الحقيقي عندما تكون أوّل خطوة في حياتك مفقودة أو لا تأخذ منك الاهتمام المناسب؟

لقد أصبح الجنس في هذه الأيام تماماً مثل العَطْس...
مجرّد إنتاجٍ وتخزينٍ لطاقة الحياة ثم تفريغها بدقيقتين...
بدايةً بما عندك من كبْت وما تراه من الفَلْت على الشاشات العربية والعالمية... ونهايةً بالعلاقة الجنسية بين الشريكين التي لم ترتقي عن عطسة قصيرة وانتهى الأمر... ثم يأتي الشعور بالخطأ أو بالقَهر... ويأتي بعدَ شهرِ العسلِ الطعمُ المرّ.....

الجنس هبةٌ من الله وهدية من الطبيعة لكي يشاركها الإنسان فرحتها وبركتها الدائمة... لكن بدلاً من ذلك نجد أنه قد انفصل عن طبيعته تماماً... وأصبحت أول خطوة شيئاً يدعو إلى الحيرة.. وطَلب المشورة!

لقد تحوّل إلى كائن أدنى من كل الحيوانات... فتراه يحسد العصفور الذي يغني مع الوجود ويشارك نشوته مع الورود... والسمكة السابحة في المحيط بلا هم ولا غم... والأشجار التي تتمايل مع الرياح كالعاشق والمعشوق...
ولم يعد يرضى بطبيعته وشكله المرموق...
ناسياً أن الإنسان قد خُلِقَ على صُورةِ الله ومِثاله....


يا أخي المكبوت والمهووس... المنحوس ولو كان في يدك فانوس... سنضع الفانوس في قلبك لكي تُبصر بالنور بعيداً عن ظلام الجُحور والفجور... فترى فجرَ الحقيقة الأزليّة الذي يُبدّد ليل غفلتك ويحميك من البليّة...

إن ما تُحسّ به في نهاية العملية الجنسية والذي تُسمّيه "نَشوَة" ما هو إلا تحرير وهدر للطاقة... أي أنه مجرد عطسة... وهي ظاهرة موضعيّة جداً مُقتصرة على الأعضاء الجنسية أو قد تصل إلى الذنَب على الأكثر...!

هذه العطسة سلبيّة لأنك ببساطة تخسر الطاقة... أما النشوة الجنسية الحقيقية أو الرعشة الجنسية الكاملة ليست تفريغاً للطاقة... بل شيء مختلف ذو بعد آخر تماماً...

إنها صلاةٌ ووَصلةٌ تصلك بالمحيط الكوني المتجدّد...
ومن بعدها تشعر بالنشاط لا بالإنهاك.

آآآآآآه يا إنسان هذه الأيام لو تفهم وتختبر ما هي النشوة الحقيقية..... إنها الحالة التي تشعر فيها أنك لا تشعر!
أنك غير موجود... تَسبح وتُسبِّح في الوجود...

عندما يصبح جسدك كتلةً كهربائية لا محدودة... عندما يتجاوز حدود المادة ويرتعش بكامله كأمواج من الطاقة... كالكهرباء تماماً... رعشةٌ عميقة جداً... تتدفّق من روحك وتنتشر إلى كل كيانك...
عندها يتّحد العاشقان مع الله المعشوق الأبدي...


لقد أصبح عِلم اليوم يقول أن المادة ما هي إلا مظهر سطحي فقط... وأنه في أعماق المادة والذرّة لا يوجد إلا الطاقة... فالمادة ما هي إلا وَهمٌ بصري مؤقت...

وهذا بالضبط ما يحصل وما تكتشفه أثناء الرعشة الجنسية الكاملة التي تأخذك إلى أعمق طبقة في جسمك.... فتختفي المادة تماماً... ولا يبقى إلا الأمواج المهتزّة...
وتتحوّل أنتَ بها إلى رقصةٍ طاقيّة كونيّة تتجاوز بها كل الحدود... ولا تزال تشعر بنبضك يتوحَّد مع نبض المحبوب لكنه ليس مادياً أبداً... إنه نبض الكون... نبض الحياة...

وما هذه إلا لَمحةٌ وصَفعة وصَحوة من خلال الرعشة الجنسية الحقيقية... تصهرُ طاقاتك المتجمّدة لتُوحِّدك مع الأكوان والرحمان... مع المرأة والرجل... مع الأشجار والنجوم... وحتى مع الصخور... مع النور الموجود في كل ذرَّة من ذرات الوجود...

ومع أن ذلك يدوم للحظات قصيرة فقط... لكنها كافية لكي تخترق حاجز الموت إلى الحياة الحقيقية المستمرة في كل آنٍ ومكان... وتختبر فيها وعياً مختلفاً تماماً عن وعيك المعتاد... عن الوهْم الذي خُدعتَ به وظننتَه الحقيقة...

إنها تمنحك لمحاتٍ من الوعي الكوني الأبدي المقدَّس... لأنها تأتي إليك من الكليّة... من الله... وهذا هو حال الوجود دوماً... رقصةٌ كونية مع الأكوان والمكوِّن...
 

 

أضيفت في:1-8-2009... الحب و العلاقات> عهر و طهر
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد