موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

لينير لي قنديلي...

HTML clipboard

عاش أبو يزيد البسطامي التأمل لسنوات عديدة... وقد كان يبذل جهداً كبيراً في البحث عن الحقيقة والحق.. وكانت صلواته نابعة من أعماق قلبه.. حتى أن الله أحبه واهتم لأمره وكان رحيماً جداً معه، فأرسل له ملاكاً ليبلغه قائلاً:

"إن الله سعيد بك جداً وأرسلني لأنه يريد أن يلبي لك أي أمنية تطلبها مهما كانت... والآن تستطيع أن تنهي بحثك عن الحقيقة وتراها يا أبا يزيد..."

لكن أبا يزيد أجابه: "لا.. فتلك ليست الطريقة للوصول... وأنا لا أريد أن أصل بطريقة سهلة... أنا على يقين كم خُدعت من قبل في الحياة لسلوكي تلك الطرق المحتملة والرخيصة، والآن أنا لا أستطيع أن أخدع نفسي، فأخبر إلهي بأني سأصل إليه بجهدي وحدي مهما كان الطريق شاقاً والثمن غالياً"

لكن الملاك قال له: نك لأحمق!! فأنا أقول لك أن إلهك مستعد لأن يشعل النور في أعماق كيانك ويريك الحقيقة الكامنة في وجدانك، فقط اطلب!!"

لكن أبا يزيد قال له: علم ذلك وأشكرك وأشكره، لكني لن أطلب ذلك لأنه سيكون جاهزاً مستعاراً، وحتى إنْ كان الله من أعاره لي فسيبقى مستعاراً، سيبقى هبة لم أنله بنفسي... لذا دعني أبحث والتمس طريقي بنفسي"

فأجابه الملاك: "لكن الله سيحزن لرفضك عرضه، عليك أن تقبله وتطلب..."

عندها نظر البسطامي من حوله فرأى سراجاً صغيراً ولم يبقى فيه سوى القليل من الزيت فقال للملاك:

"إذا كان إلهي يرغب حقاً أن ينير شيئاً، فاطلب منه أن ينير لي مصباحي، لأن الزيت سينفذ منه بعد قليل والليل حالك جداً وأنا أريد أن أتأمل طوال الليل... لذا أخبره بأني أريد منه نعمة واحدة وهي ألا ينتهي الزيت أبداً من قنديلي، كي أستطيع أن أواصل تأملي"

هذا كل ما طلبه البسطامي... وقد كان الله سعيداً جداً برد البسطامي فقال للملاك:

"تلك هي الطريق الحقيقية إلى الحقيقة... فلو أنه طلب معرفتي وقبلَ بعرضي لفاته الكثير وخسر، لأن كل ما يُقدم إليك دون جهدك أنت للحصول عليه: لن تكون مالكه أبداً"..
 

أنت تملك فقط ما اختبرته وعرفته بنفسك.. تملك فقط ما حصلت عليه بعرق جبينك..

"كان أحد الفتيان يتعلم السباحة وكانت أنفاسه متسارعة جداً عندما عاد إلى منزله، فسأله والده لماذا تلهث هكذا؟؟ فقال له: إنها المرة الأولى التي أقفز فيها بنفسي عن لوح السباحة المرتفع، فتعجب الوالد قائلاً: لكنك أخبرتني بأنك قد قفزت عنه الأسبوع الماضي، فأجابه الفتى: نعم أعلم ذلك، لكن في المرة الماضية دفعني أحدهم عن اللوح."

أن تصنع طريقك لوحدك أمر مختلفٌ تماماً عن أن يقوم أحدهم بدفعك وصنعه لك، فما أعطيك أنا إيِّاه يختلف عما تناله لوحدك.. تذكر جيداً: إن المغريات ستكون موجودة دوماً في طريقك وعندما تكون الأشياء متاحة أمامك بثمن زهيد جداً تجنبها، على الإنسان أن يسلك الطريق الذي يصنعه بجهده بكل ما فيه، فتلك هي الطريق الوحيدة... كل تلك الطرق المصطنعة والمريحة التي سلكها آخرون من قبلك مزيفة ولن تقودك إلى نفسك بل إلى حيث يقف من سبقك..

والاعتقاد هو أسهل الطرق للوقوع في الجهل

الإيمان والعرفان صعب المنال...

أن تكون مسيحاً ليس كأن تكون مسيحياً....

أن تكون بوذا ليس كأن تكون بوذياً.....

أن تكون دليلاً ونبياً لنفسك وتستفتي قلبك

يختلف تماماً عن اتباعك لأي أحد...

مَن آمن بمحمد، محمد قد مات...

ومن آمن بالله فهو حي باقي لا يموت...


 


 

أضيفت في:25-11-2009... كلمة و حكمة> قصة و رقصة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد