موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الموت حق

الموت حقيقة كونية وحق على الجميع.... دون استثناء أو واسطة
لا يفرّق بين غني وفقير... غبي أو ذكي... أبيض أو أسود
ضعيف أو قوي.... زاني أو تقي... ملحد أو نبي
الموت يوحّد ويجمع الجميع...

انظر إلى حقيقة الموت.... وسترى أن الوجود بأكمله يموت
وهذا سيعطيك رؤية عميقة ليس للموت فحسب بل للحياة أيضاً
لأن الحياة هي التي تجلب معها الموت...

الموت مندمج في الحياة في عمق بنيتها... ويتجلى من خلالها
عندما يولد الطفل، يبدأ بالموت منذ أول نفس يأخذه
عندما يأخذ نفساً، يصير عمره نَفَسٌ واحد.... أي أن شيئاً ما قد مات وانقضى...
بمجرد الولادة فقط.. يبدأ الموت
و سيأخذ الأمر أربعين، خمسين... أو ربما تسعين سنة للموت كي يتجلى
لكن يبدو أن الحياة نفسها تحمل معها بذرة موتها

انظر إلى هذا الموت وتأمل فيه جيداً... دون أي تدخل من العواطف
واجهه... وتلك المواجهة تحديداً ستعطيك رؤيةً وفهماً عميقاً للحياة..
عندها لن تبقى حياتك كما هي بعد ذلك أبداً... فما المغزى منها الآن؟؟؟
كل ما كان والدك يقوم به ليس له قيمة، وأنت ستقوم بالشيء نفسه، وسيأتي الموت ليدمر كل شيء...

افعل شيئاً لا يمكن حتى للموت أن يدمره
وأقول لك أن هناك شيءٌ واحدٌ فقط لا يمكن أن يفنى...
وهو التأمل

كلما ذهبت نحو الداخل... تبتعد عن الموت
وكلما ذهبت نحو الخارج... تقترب من الموت
في لب القلب لا يوجد موت
وعلى السطح الخارجي لا يوجد إلا الموت
انظر للخارج وسترى الموت
انظر للداخل وسترى الخلود في الملكوت
وذلك الخلود هو جوهر التأمل

في الحالة العادية لا أحد يفكر بالموت
لكن عندما يحدث شيء كالذي نراه اليوم من حولنا...
نكبة، حرب، كارثة، ولا يبقى لك أب أو أم أو أخ.... أو قد يموت طفلك
هذه لحظات نادرة عليك الاستفادة منها... وعدم هدرها

اخرج من العواطف لأنها عقيمة
اخرج من تلك الغمامة السوداء وانظر إلى الموت
كلما صار الحدث المحزن أبعد، سيصبح ذكرى وستتقبله بسهولة...
وعندها لن يبقى الفكر قادراً على استخدامه

قد تكون حزيناً الآن لأن جرحك لا زال حديثاً لم يُشفى بعد
لكن قبل أن يشفى... استخدمه
ومن الممكن لهذا الجرح أن يصبح إشارة وبشارة
تأمله.... وكن محباً أكثر..
فالحب والموت متشابهان كثيراً

يجب أن تكون آخر أيام الحياة مخصصة تماماً للصلاة والتأمل والله
لذلك على المرء أن يحضر نفسه للموت....
والموت أهم من الحياة، لأن الحياة شيء سطحي

الموت سيأخذك لعمق صميم الوجود...
سيبوح لك بالذي لا يموت
هناك الكثير لتحضيره... فأكثر الناس يموتون في حالة غير واعية
يعيشون بلا وعي.. نائمون يسيرون طوال أيام حياتهم
ويموتون وهم غافلين... بعيدين عن الدنيا والدين
فيَفوتهم كل شيء...

عليك التعرف على الموت واستكشافه بمتعة وفرح كبير
لأنك لن تموت!
أنت روح الحياة ذاتها التي يستحيل تدميرها
الصَّدفة التي تحيط بك فقط ستموت... الجسد فقط سيتلاشى... وليس أنت
وعندما يرتمي الجسد، ستصبح أبدياً دون حدود أو نهايات

التحضير للحياة شيء عادي... أي مدرسة أو جامعة يمكنها فعل ذلك
لكن للتحضير للموت أهلاً بك في جامعتنا وجمعتنا حيث نعلّم فن الموت والنّموت
موتوا قبل أن تموتوا...
نتعلم معاً كيف نتحضر للموت ونقدر على الترحيب والاحتفال به
من يستطيع أن يموت عاشقاً راقصاً وضاحكاً... فقد تجاوز الموت
وهذه هي كل الغاية من الحياة.. التغلب على الموت:
أن نعرف أن الموت وهم
أن نختبر أن الحياة لا تبدأ ولا تنتهي أبداً
وأن نصل إلى إدراك ويقين.. يلمس المرء به أبديته وخلوده
عندها يقيني يقيني.....


 

أضيفت في:26-12-2012... حياة و موت> ولادة و موت و نمَوت
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد