موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

العبـــودية الأساســية

الجنس هو أقوى غريزة في الإنسان... وقد فهم السياسيون ورجال الدين منذ البداية أن الجنس هو أقوى طاقة دافعة للإنسان... لذلك فكروا بتقطيعها وتقليصها... إذا سُمح للإنسان بالحرية الجنسية المطلقة فلن يكون هناك إمكانية للسيطرة عليه وتحويله من خليفة إلى جيفة ومن سيد إلى عبد خاضع.

ألم تشاهد ماذا يفعلون بالثور الهائج؟ إذا أردتَ أن تربطه إلى عربة فماذا ستفعل؟ سوف تخصيه، أي تقطع خصيتيه فتدمّر طاقته الجنسية... وهل رأيتَ الفرق بين الثور والفدّان (الثور المربوط المدرب)؟ فرق كبيييير.. الفدّان بقية حيوان مستعبد مسكين يعمل دون كلل وملل.. الثور له قوة وفحولة وجمال طبيعي، راقب الثور وهو يمشي كأنه إمبراطور! وقارنه مع الفدان الذي يجر العربة بفتور...

هذا ما جرى ويجري فعله مع الإنسان... يتم تقطيع الغريزة الجنسية ودفعها للشلل... وصار الإنسان يعيش أقرب إلى الفدان المخصي بدل الثور الطبيعي، وكل إنسان يجر خلفه ألف عربة وعربة... انظر وسترى خلفك ألف عربة وعربة وأنت مربوط بها دون أن تدري!

لماذا لا يمكنك ربط الثور؟ لأن الثور الطبيعي قوي جداً... إذا رأى بقرة عابرة سيرميك أنت والعربة ويركض وراءها!.. ولن يهتم أبداً بمن تكون أو يسمع ماذا تصرخ وتقول.. وسيكون مستحيلاً أن تسيطر عليه.

الطاقة الجنسية هي ذاتها طاقة الحياة، وغير قابلة للسيطرة والتحكم.... السياسي ورجل الدين غير مهتم بك، بل مهتم بنقل وتحويل طاقتك باتجاهات أخرى... لذلك وضع آليات معينة لتنفيذ خططه ولا بد من فهمها جيداً.

إن كبت الجنس وتحريم الجنس هو أساس عبودية واستعباد البشر... ولا يمكن للإنسان أن يتحرر إذا لم يتحرر الجنس.. وإذا لم يُسمح لطاقته الجنسية بأن تنمو طبيعياً.

 

هذه هي الحيل الخمس التي بواسطتها يتم تحويل الإنسان إلى عبد ذليل بشع ومشلول:

 

الحيلة السرية الأولى:

حافظ على الإنسان ضعيفاً قدر الإمكان إذا أردت السيطرة عليه.

إذا أراد السياسي أو رجل الدين أن يسيطر عليك، فلا بد من إبقائك ضعيفاً قدر الإمكان، وأفضل وسيلة لذلك هي عدم إعطاء الحرية الكاملة للحب.... الحب غذاء الجسد والروح.. لقد اكتشف علماء النفس أن الطفل إذا تم حرمانه من الحب سوف يضعف ويذبل ويذوي على نفسه... يمكنك إعطاءه الحليب والأدوية وكل شيء آخر، لكن لا تعطيه الحب.. لا تعانقه، لا تقبله، لا تحمله قرب حضنك ودفء جسمك، وسيبدأ الطفل يضعف تدريجياً، ويصبح احتمال موته أكبر من احتمال بقائه.

ماذا حدث؟ لماذا؟ مجرد العناق والتقبيل وإعطاء الدفء سيجعل الطفل يشعر بالتغذية والقبول والحب والحاجة لوجوده... سيبدأ الطفل يشعر بالقيمة والأهمية والمعنى في حياته.

نحن الآن نجوّع الأطفال ونحرمهم منذ نعومة أظفارهم، لا نعطيهم مقداراً كافياً من الحب... وبعدها نحاول بكل طريقة إجبار ومنع الشباب اليافعين واليافعات من الوقوع في الحب ما لم يتزوجوا رسمياً وقانونياً.... مع وصولهم إلى عمر 14 يصبحون ناضجين جنسياً، لكن عملية التدريس والتعليم ستستغرق زيادة 10 سنين أو أكثر فيصير عمرهم 24 تقريباً عندما يحصلون على شهادة التخرج وربما يكملون أيضاً دراسات عليا وشهادات أعلى ونحاول دوماً منعهم من الحب.

إن الطاقة الجنسية تصل إلى ذروتها في عمر 18 تقريباً.. لن يكون الرجل بهذه القوة طوال حياته الباقية، ولن تقدر المرأة أن تحصل على نشوة جنسية أفضل طوال حياتها الباقية... لكننا نجبرهم على عدم الحب وعدم الجنس، نحافظ على الصبيان والبنات منفصلين في أماكن متباعدة، وبينهما تماماً تقف كل طوابير الشرطة والمحاميين والقضاة ومدراء المدارس ورؤساء الجامعات... يقفون كلهم هناك في المنتصف، يمسكون بالصبيان ويجرونهم للخلف لكي لا يذهبون إلى البنات، ويمسكون البنات لكي لا يذهبن إلى الصبيان.... لماذا؟ لماذا كل هذا الاهتمام والعناية؟ إنهم يحاولون قتل الثور وتحويله إلى فدان مطيع.

مع وصولك إلى عمر 18 ستصل إلى ذروة الطاقة الجنسية، وهي طاقة الحب والحياة عندك.. وعندما تتزوج في عمر 24 أو 28 أو أكثر.. والعمر هذا يزداد ويزداد... كلما ازداد البلد "حضارة" كلما كان عليك الانتظار أكثر، لأن عليك التعلم أكثر وإيجاد العمل المناسب وربما شراء البيت والمحل والسيارة.... عندما تتزوج تكون طاقاتك مستهلكة منتهية تقريباً، عندها ستحب لكن حبك لن يحمل أي حرارة معه، لن يصل أبداً للنقطة التي يتبخر ويختفي فيها العشاق، بل يبقى معتدل الحرارة والبرودة... وإذا لم تقدر على الحب بكلية واكتمال، فلن تقدر على حب أطفالك لأنك ببساطة لا تعرف كيف تحبهم... إذا لم تقدر على معرفة قمم الحب، فكيف ستقدر على تعليمه لأطفالك؟ كيف ستقدر على مساعدة أطفالك للوصول إلى قمم الحب؟

لذلك وعبر العصور، تم حرمان الإنسان من الحب بحيث يجب أن يبقى ضعيفاً طوال الوقت.

 

الحيلة السرية الثانية:

حافظ على الإنسان جاهلاً ومُضللاً قدر الإمكان، فيمكن خداعه بسهولة.

إذا أردت صنع نوع من الغباء السائد، وهو حاجة ماسة للسياسيين ورجال الدين ومؤامرتهم المشتركة، فأفضل شيء هو عدم السماح للإنسان بأن يحب ويُغرم بسهولة...

من دون الحب، نجد أن ذكاء الإنسان يهبط بشدة... ألم تشاهد هذا؟ عندما تقع في الحب، تجد فجأة أن كل قدراتك الكامنة تستيقظ وتصل إلى ذروة عطائها... منذ دقائق فحسب، كنت تبدو كالأبله البليد وبعدها قابلتَ امرأة وأحببتها فظهرت فجأة فرحة عظيمة في كيانك أشعلت وجدانك وشدّت أوصالك... عندما يكون الناس في حالة الحب، نجدهم يفعلون كل شيء بأفضل وأجمل شكل... وعندما يختفي الحب أو عندما لا يتواجد في القلب نجدهم يفعلون أسوأ وأبشع شكل.

 

أكثر الناس ذكاء هم أكثرهم في القدرة الجنسية... يجب فهم هذا، لأن طاقة الحب هي ذكاء في أساسها... إذا لم تقدر على الحب فأنت مغلق بطريقة ما وبارد ولا يمكنك التدفق والحركة.

في الحب يستطيع الشخص أن يتدفق ويرقص ويشعر بثقة هائلة تمكّنه من لمس النجوم... لذلك يمكن لامرأة أن تصبح مصدراً كبيراً للإلهام، ولرجل أن يقدح كذلك الإبداع الإلهام..

عندما تُحَبّ المرأة فهي تصبح أكثر جمالاً في الحاااال، فوراً!! منذ لحظات فحسب كانت امرأة عادية والآن قد هطل الحب عليها فهبط عليها نور وطاقة هالة جديدة تماماً تحيطها وتحملها في بحور من الجمال.. فتسير بجمال أكبر، هناك رقصة وتناغم في كل خطوة تخطوها.. عيناها صار لهما بريق أخاذ ووجهها يفيض بنور وأحوال.. وكذلك يحصل نفس الشيء مع الرجال.

عندما يكون الناس في حال الحب، يقومون بأعمالهم على أجمل وجه... امنع عنهم الحب وسيبقون في أدنى مستوى من الإبداع والعطاء... وعندما يبقون في أدنى مستوى يبقون في الجهل وفي الغباء ولا يهتمون أبداً بالاطلاع وزيادة المعرفة... وعندما يكون الناس جهلاء وأغبياء ومضللون يمكن بسهولة خداعهم.

عندما يكون الناس مكبوتين جنسياً ومكبوتين حبياً ووجدانياً، يبدؤون بالسعي والبحث عن الحياة الأخرى أو الآخرة... يفكرون بالجنة وحدائق الفردوس لكنهم لا يفكرون بصنع الجنة هنا والآن...

عندما تكون في حال الحب، فالجنة داخلك هنا والآن... عندها لن تهتم أبداً.. وعندها من سيذهب إلى رجال الدين؟ ومن سيهتم ما إذا كان هناك جنة أم لا؟ أنت موجود فيها سلفاً!

طبعاً لن تهتم بكل الماورائيات والخرافات.. لكن عندما يتم كبت طاقة الحب عندك ستبدأ تفكر: "لا يوجد شيء ممتع مفيد هنا، ويبدو أن هذه اللحظة وهذه الحياة فارغة دون معنى وجدوى.. لا بد من وجود هدف عظيم ما في مكان ما"..... فتذهب إلى رجل الدين لتسأله عن الجنة فيقوم برسم صور جميلة جذابة عن الجنة وحورياتها وأنهارها...

لقد تم كبت الجنس ولا يزال يُكبت ليجعلوك تهتم بالحياة الأخرى، في الجنة أو في جيل لاحق أخرى... وعندما يهتم الناس في الحياة الآخرة أو الأخرى، من الطبيعي ألا يهتموا "بهذه" الحياة!

هذه الحياة هي الحياة الوحيدة... الحياة الآخرة مخفية ومتضمنة في هذه الحياة! إنها ليست ضدها وليست بعيدة عنها بل هي داخلها تماماً.. هذه هي ذاتها!.... ادخل وتعمّق فيها وسوف تجد الحياة الأخرى أيضاً... الخالق مخفيّ في خلقه وفي عالمه، مخفيّ هنا والآن أمامك افتح عيناك وبصيرتك!... إذا أحببتَ ستقدر على الشعور به وبحضوره.. الألوهية الحية الأقرب من حبل الوريد.

 

الحيلة السرية الثالثة:

حافظ على الإنسان خائفاً مرتعباً قدر الإمكان.

والطريقة المضمونة لذلك هي عدم السماح له بالحب، لأن الحب يدمر الخوف ويعصف به تماماً... من يحب لا يمكن أن يخاف.. عندما تكون في الحب يمكنك أن تقاتل العالم بأكمله... عندما تكون في الحب ستشعر بمقدرة غير محدودة للقيام بأي شيء.

لكن عندما لا تكون في الحب، ستخاف من أشياء صغيرة.. وستصبح مهتماً أكثر بالأمان والضمان..... عندما تكون في الحب ستهتم أكثر بالمغامرة والاستكشاف..

يتم منع الناس من الحب لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لجعلهم خائفين... وعندما يكونوا خائفين مرتجفين سيكونون دوماً راكعين على ركبهم، ينحنون لرجال الدين والقادة السياسيين.

إنها مؤامرة كبيرة على البشرية... إنها مؤامرة كبيرة عليك أنت! رجل الدين عندك ورجل السياسة هم أعداؤك لا أصدقاؤك، لكنهم يتظاهرون ببراعة أنهم في خدمة الجماهير والمواطنين العوام.... يقولون: "نحن هنا في خدمتك.. الشرطة في خدمة الشعب.. ونحن نساعدك لتحصل على حياة أفضل.. نحن من سيصنع لك المستقبل والأمل والوعد"... وهم تحديداً من يدمر الحياة وروحها في كل جسد وروح.....

 

 

الحيلة السرية الرابعة:

حافظ على الإنسان بائساً قدر الإمكان.

لأن الإنسان البائس مضطرب ضائع، ليس عنده أي قيمة تجاه نفسه، بل يُدين نفسه ويحتقرها دائماً، ويشعر أنه حتماً قام بشيء خاطئ ما.

الإنسان البائس يشعر بانقطاع عن جذور حياته وكيانه، يمكنك دفعه من هنا وهناك وتحويله إلى خشبة عائمة منجرفة مع التيار بسهولة.... والإنسان البائس مستعد دائماً لتلقي الأوامر والتعليمات والتدريبات والأنظمة القاسية، لأنه يعرف: "أنا لوحدي بائس تعيس ببساطة.. ربما يقدر شخص آخر على تنظيم حياتي وإعطائي بعض السعادة"... وهكذا يكون ضحية جاهزة سلفاً لأي متحكم متسلط.

 

الحيلة السرية الخامسة:

حافظ على الناس غرباء بعيدين عن بعضهم قدر الإمكان، بحيث لا يقدرون على الاجتماع سوية لأجل هدف ما قد يرفضه السياسيون ورجال الدين.

حافظ على الناس منفصلين متباعدين عن بعضهم... لا تسمح لهم بكثير من الحميمية والتقارب... عندما يكون الناس منفصلين ووحيدين وغرباء عن بعضهم، لا يمكن أن يجتمعوا سوية، وهناك ألف حيلة وحيلة لإبقائهم منفصلين!

مثلاً، إذا كنت أنت رجل وتمسك بيد رجل آخر، صديقك مثلاً، تمشي في الشارع وتنشد أغنية ما بفرح.. ستشعر بالذنب لأن الناس سينظرون إليك ويقولون لأنفسهم: هل أنت لوطي؟ منحرف جنسي أو مجنون؟ ..لا يُسمح لصديقين أن يكونا سعيدين سوية.. أن يمسكوا أيدي بعضهم أو يضموا بعضهم أحياناً.. فوراً ندينهم ونعتبرهم لوطيين... فينشأ الخوف..... إذا أتى صديقك وأمسك يدك بيده ستنظر فوراً حولك وتقول: "هل هناك أحد يراقبنا؟؟!".. وتجد نفسك مستعجلاً لتترك يده بأسرع وقت!

حتى المصافحة العادية صارت سريعة جداً... ألم تلاحظ ذلك؟ مجرد أن تلامس يد الآخر وتهزها ثانية واحدة فقط وانتهت المصافحة! أنت لا تمسك بيد الآخر أبداً، ولا تضمه فالخوف هو المسيطر... هل تتذكر أباك وهو يضمك في أحد الأيام؟ هل تتذكر أمك وهي تضمك بعد أن أصبحت بالغاً جنسياً؟... ربما سيحدث جنس بين الشخصين أو فكرة جنسية ما وخيالات وفانتازيا... لقد تم زرع وصنع الخوف فيك: الأب والابن؟ لا ممنوع... الأب والابنة؟ لا ممنوع.... الأخ وأخته؟ لا ممنوع... الأخ وأخوه؟ لا ممنوع!!

يتم الحفاظ على الناس منفصلين في صناديق وحولهم جدران عظيمة مصفحة... يتم تصنيف كل شخص وصنع ألف عائق وعائق أمامه.... نعم، في أحد الأيام بعد 25 سنة من كل هذه التدريبات الصارمة يتم السماح لك بممارسة الحب مع زوجتك... لكن الآن صارت التدريبات عميقة جداً داخلك، والآن فجأة لا تعرف ماذا ستفعل... كيف سأحب؟ لم تتعلم بعد لغة الحب...

الأمر يشبه شخصاً تم حرمانه 25 سنة متواصلة من الكلام وحتى قول أي كلمة... انتبه!... شخص تم حرمانه 25 سنة متواصلة من الكلام، ثم فجأة تضعه على المنصة أمام الجمهور وتطلب منه: "الآن ألقي علينا محاضرة عظيمة!"... ماذا سيحدث؟ سوف يسقط ويتعثر ويتلعثم مباشرة... ربما يُغمى عليه أو يصاب بجلطة ويموت.... 25 سنة من الصمت المتواصل والآن فجأة نتوقع منه أن يعطي محاضرة عظيمة؟ هذا مستحيل.

لكن هذا ما يحدث!!! 25 سنة مضادة معادية للحب، مليئة بالخوف والذنب، وبعدها فجأة يسمحون لك قانونياً، يعطونك رخصة رسمية والآن فقط يمكنك أن تحب هذه المرأة... "هذه هي زوجتك، وأنت هو زوجها، ونسمح لكما الآن بالحب".... لكن أين ستختفي كل تلك الـ25 سنة من التدريب الخاطئ؟ ستبقى داخلكما.

نعم سوف "تحب".... ستقوم بأداء وضعية ما من الحب... لكنه لن يكون حباً منفجراً ثائراً أصيلاً، لن يكون حباً عارماً يعطيكما نشوة حقيقية... سيكون حباً فاتراً سطحياً عابراً لا أكثر..... ولهذا أنت تصاب بالإحباط والتعب والاكتئاب بعد ممارسة الحب، أكثر إحباطاً من أي وقت سابق... فيشعر الناس: "ما هذا إذاً؟ يبدو أن الحب ليس له طعم أو لون! يبدو أنه كذبة كبيرة وخدعة ووهم!"

في البداية، نجح رجال الدين والسياسيين بضمان عدم قدرتك على الحب، وبعدها يأتون ويبشّرون ويخطبون ويعلّمون: أن الحب ليس له أي أهمية أو فائدة عظيمة... وطبعاً تعليمهم وتفسيرهم يبدو ملائم ومتناغم تماماً مع تجربتك أنت.

في البداية، يصنعون ويضمنون التجربة العقيمة الفاشلة المسببة للإحباط، وبعدها ينشرون تعليماتهم وتفسيراتهم المرسومة بدقة.... وكلاهما يبدوان منطقيان سوية، جزئين من صورة كبيرة واحدة.... هذه حيلة سرية رهيبة جداً، أكبر حيلة في التاريخ تم تطبيقها على الإنسان.

 

هذه الحيل الخمس، يمكن صنعها وضمانها بواسطة شيء واحد، وهو تحريم الحب...

من الممكن تحقيق كل تلك الأهداف الشيطانية، عن طريق منع الناس بطريقة ما من محبة بعضهم البعض.... وتم نسج ذلك التحريم بطريقة علمية مدروسة جيداً... هذا التحريم تحفة مصنوعة بعناية فائقة، تم وضع أعظم الخبرات وأدهى أنواع المكر فيها... فعلاً تحفة!!

 

يجب علينا أن نفهم هذا التحريم جيداً....

أولاً، إنه شيء مخفيّ وغير مباشر... شيء غير ظاهر، لأنه متى ما صار التحريم ظاهراً جداً فلن يعمل... على التحريم أن يكون مخفياً جيداً، فلا تقدر على معرفة آلية عمله.... على التحريم أن يكون مخفياً، فلا تقدر حتى على تخيّل أن أي شيء معاكس له يمكن أن يحدث..... على التحريم أن يدخل بعمق في اللاوعي وليس في الوعي الظاهر... كيف تجعل التحريم شفافاً وخفياً جداً وغير مباشر؟

الحيلة هي: أولاً، استمر بتعليم أن الحب شيء عظيم، بحيث لن يفكر الناس أبداً أن السياسيين ورجال الدين معادون مضادون للحب.... استمر بتعليم أن الحب شيء عظيم، أن الحب هو الشيء الصحيح، وبعدها لا تسمح بظهور أي حالة يمكن للحب أن يحدث فيها.

لا تسمح للفرصة بالظهور... لا تُعطِ أي مجال، واستمر بتعليم الناس أن الطعام شيء جيد ومفيد وتناول الطعام متعة هائلة... "كل من الطعام قدر ما تستطيع"، لكن لا تقدم لهم أي شيء يأكلونه.... حافظ على الناس جائعين واستمر بالحديث عن الحب...

لذلك نجد أن كل رجال الدين يستمرون بالكلام عن الحب... ويمدحون ويبجّلون الحب بكل قداسة ويقولون أن الله محبة، وينكرون أي إمكانية لحدوث الحب فعلاً... بشكل مباشر يشجعون على الحب، وبشكل غير مباشر يقطعون جذوره... هذه هي التحفة التي نتكلم عنها!

لا يجرؤ كل رجال الدين على الكلام عن كيفية تسببهم بذلك الأذى.. الأمر يشبه هذا: تستمر بقولك للشجرة: "كوني خضراء.. أزهري وانتعشي واستمتعي"... وتستمر في نفس الوقت بتقطيع جذور الشجرة فلا تقدر أن تصبح خضراء أبداً.... وعندما تجد الشجرة غير خضراء تقفز إليها وتقول: "أصغِ لي! أنت لا تصغين أبداً!.. لا تتبعين الوصايا والتعاليم... كلنا نقول لك باستمرار: كوني خضراء وأزهي واستمتعي وارقصي".. لكنك تستمر بقطع الجذور.

 

يتم إنكار الحب وإدانته كثيراً جداً.... والحب هو أندر شيء في الحياة، يجب ألا يُنكر!

إذا قدر شخص على حب خمس أشخاص يجب أن يحب خمس أشخاص... إذا قدر على حب خمسين يجب أن يحب خمسين... إذا قدر على حب خمسمائة يجب أن يحب خمسمائة... الحب شيء نادر جداً لذلك كلما قدرتَ أن تنشره أكثر كان ذلك أفضل... لكن هناك حيل ومكائد عظيمة.. يتم إجبارك وحصرك في زاوية ضيقة جداً جداً... يمكنك أن تحب فقط زوجتك، يمكنك أن تحبي فقط زوجك، يمكنك فقط أن تحب هذا أو أن تحب ذاك... الشروط متعددة وكثيرة ومعقدة.... وكأن هناك قانون يمنعك من التنفس إلا بحضور زوجتك، أو يمنعكِ من التنفس إلا بحضور زوجك... عندها سيصبح التنفس مستحيلاً!! عندها ستموت ولن تقدر حتى على التنفس بحضور زوجك أو زوجتك..... لكن التنفس ضروري لجسمك 24 ساعة.

كن محببببببببببباً!

 

بعدها، هناك حيلة أخرى... يتحدثون عن "حب أعلى وأسمى" ويدمّرون الأدنى... يقولون أن عليك إنكار الأدنى، أي أن الحب الجسدي سيء دنيوي، أما الحب الروحي هو الحب الحقيقي والصحيح.

هل سبق لك أن رأيتَ أي روح تسير دون جسد؟ هل سبق لك أن رأيت بيتاً دون أعمدة أساسات؟ الأدنى هو الأساس الذي يُبنى عليه الأعلى... الجسد هو المعبد، والروح تعيش في الجسد ومع الجسد... أنت روح متجسدة وجسد متروحن... أنت الاثنان سوية... الأدنى والأعلى ليسا منفصلين بل هما واحد موحّد.. درجات من سلّم واحد... لذلك يجب عدم إنكار الأدنى، بل يجب تحويل الأدنى إلى الأعلى... الأدنى جيد، وإذا كنت عالقاً في الأدنى فالمشكلة فيك أنت وليست في الأدنى.... لا يوجد أي مشكلة أو خطأً في الدرجة الأولى من أي سلّم... لكن إذا كنت عالقاً بها فأنت الذي يعلق ويتعلق والأمر يتعلق بشيء ما داخلك.

تحرّك...

الجنس ليس خاطئاً... أنت تكون مخطئاً إذا بقيت عالقاً هناك... تحرك لمستوى أعلى.. والأعلى ليس مضاداً أو معاكساً للأدنى، فالأدنى هو ما يجعل الأعلى ممكن الوجود ويعطي الورود.

تلك الحيل الخبيثة قد صنعت الكثير من المشاكل الأخرى... في كل مرة تدخل فيها إلى حال الحب ستشعر بالذنب نوعاً ما داخلك... وعندما يكون هناك ذنب فلن تقدر على التحرك في الحب بشكل كلي من كل قلبك، الذنب يمنعك ويبقيك متردداً بطريقة ما.

حتى عند قيامك بالحب مع زوجتك أو مع زوجك، هناك ذنب مدفون... فأنت تعلم أن هذا عيب أو حرام أو خطيئة، تعلم أنك تفعل شيئاً خاطئاً... فـ"الناس الأتقياء أصحاب الدين والأخلاق لا يفعلون هذا"... أما أنت فنجس دنيوي وزاني وخاطي... لذلك لا يمكنك الحب بكلية حتى عندما يتم السماح لك، ظاهرياً، بحب زوجتك..... رجل الدين مختبئ هناك خلفك في شعور الذنب عندك، يقوم بسحب خيوطك للخلف من هناك.

عندما ينشأ الذنب، تبدأ تشعر بأنك مخطئ، تفقد قيمتك أمام نفسك واحترامك لنفسك.... وتظهر مشكلة أخرى أيضاً: عندما يكون هناك ذنب ستبدأ بالتمثيل والتظاهر... الأمهات والآباء لا يسمحون لأولادهم بمعرفة أنهم يمارسون الحب، إنهم يمثلون ويخفون الموضوع... يتظاهرون بأن الجنس غير موجود... تمثيلهم ذلك سينكشف للأطفال عاجلاً أم آجلاً.. وعندما يكشف الأطفال هذه الكذبة سيفقدون كل الثقة.. يشعرون أنه تم غشهم وخداعهم.

ويقول الآباء والأمهات أن أولادهم لا يحترمونهم... أننننننتم السبب في ذلك، فكيف يمكن لهم أن يحترمونكم؟ لقد كنتم تخدعوهم بأي طريقة ممكنة، كنتم كذابين وخبيثين.... كنتم تقولون لأولادكم ألا يقعون في الحب: "انتبهوووواا!!" لكنكم كنتم تقومون بالحب طوال الوقت.... وسيأتي اليوم عاجلاً أم آجلاً الذي يدركون فيه أنه حتى أباهم وأمهم لم يكونوا صادقين معهم... فكيف يمكن لهم أن يحترموا أهلهم؟

 

في البداية، الذنب يصنع التظاهر... بعدها، التظاهر يصنع الانفصال والغربة عن الناس.... حتى الطفل، طفلك أنت، لن يشعر بالتناغم معك... هناك حاجز وهو التظاهر عندك.... يوماً ما ستدرك أنك تتظاهر فحسب وغيرك يقومون بذلك أيضاً... وعندما يقوم كل شخص بالنفاق والتظاهر فكيف يمكنك أن تتواصل فعلاً مع الآخر؟ عندما يكون كل الناس مزيفين منافقين فكيف تتعامل معهم؟ كيف يتكون صديقاً ودوداً عندما تكتشف أن كل شخص حولك ممثل بارع مخادع؟ ...ستصبح حزيناً متألماً جداً من الواقع وتمتلئ نفسك بالمرورة.. ستجد أن كل ذلك من فعل الشيطان على الإنسان.

وكل شخص عنده وجه مزيف، ولا أحد صادق حقيقي... كل شخص يحمل العديد من الأقنعة ولا أحد يظهر وجهه الأصيل.... أنت تشعر بالذنب، وتشعر بأنك تتظاهر، وتعرف أن كل شخص آخر يتظاهر أيضاً... كل شخص يشعر بالذنب وكل شخص قد أصبح مثل جرح متقرح.. لذلك من السهل الآن تحويل كل هؤلاء الأشخاص إلى عبيد، تحويلهم إلى موظفين، رجال دين، مدراء مدارس وجامعات، جامعي ضرائب للحكومات، وزراء وحكام وقادة عظماء وملوك ورؤساء... الآن من السهل جداً إلهاؤهم والتحكم بهم، فقد قمت بذلك من أعمق جذور كيانهم.

 

 

شكراً أوشو.. شكراً لكم وللوجود....

أضيفت في:16-11-2013... رؤية للعالم الجديد> اقطع الجذور!
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد