موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

وصفة طبيعية مضمونة لأجل نوم هادئ وعميق

كنتُ جالساً في منزل مليونير أو ملياردير... هل هناك شيء في العالم غير موجود عنده؟.. لكن عيونه كانت فقيرة جداً وعندما يراها الشخص يتأثر كثيراً.

لقد اعتاد على جمع الثروة من الصباح حتى المساء... وأمضى كل حياته في عدّ النقود والاعتناء بها وإبقائها في مكان آمن، لكنه لم يكن غنياً... ربما كان مجرد حارس للنقود لا أكثر... طوال النهار يقوم بجمعها، وطوال الليل يقوم بحراستها.. ولهذا السبب تحديداً لم يستطع حتى النوم.

هل قدر أي حارس للثروة أن ينام يوماً دون حبوب منومة؟

النوم.. النوم العميق الهادئ دون كوابيس، هو الثروة التي يحصل عليها فقط مَن يتحرر مِن جنون كل أنواع الثروات، ثروة المال، ثروة الشهرة، أو ثروة الدين... أي شخص يجري في أي سباق، لن يجد السلام في النهار ولا في الليل... غياب السلام والطمأنينة هو خيال الفكر الراكض.. وعندما يهدأ الفكر سيأتي السلام تلقائياً.

 

في المساء، عندما تركتُ صاحب البيت الفقير المليونير لكي أنام، قال لي: "أنا أيضاً أريد أن أنام... لكن النوم لا يعرفني ولا ينظر إليّ أبداً... تمضي كل الليالي وأنا مشغول مهموم... لا أعرف ما نوع الأفكار الغريبة التي تجري دوماً في رأسي... ولا أعرف ما نوع المخاوف التي دوماً ترعبني... لطفاً أخبرني عن طريقة ما لأحصل على نومٍ صحي وهادئ وقليل من السلام... ماذا يجب أن أفعل؟.. أنا فعلاً أسير في طريقي إلى الجنون".

آه.. أي طريقة يمكن أن تنفعه؟ فأنا عرفتُ المرض والسبب... الثروة هي تحديداً مصيبته.. هي ما كان يشغله في النهار ويقلقه في الليل... الليل هو ثمرة لأعمال النهار وردّ فعل عليها.

مهما كانت المصيبة عند الشخص، بالأساس أي نوع من البحث عن الأمان خارج النفس هو السبب الجذري لها... وذلك لا يقدّم الأمان أو الشفاء، بل يزيد المرض سوءاً.

طالما بقي المرء متعلقاً بطرق البحث عن الأمان فلن يرجع إلى نفسه، وستبقى حياته كابوساً طويلاً ومؤلماً..

الأمان الحقيقي غير موجود إلا في داخل نفس الإنسان... لكن لإيجاده، من الأساسي امتلاك الشجاعة للبقاء دون أمان بكل طريقة ومكان.

 

رويتُ قصةً للثريّ ثم قلت له: "اذهب الآن للنوم"... والمفاجأة أنه استطاع أن ينام... في صباح اليوم التالي، كانت دموع السعادة والامتنان تملأ عيناه... أنا نفسي لا أصدّق ما هذا السحر في تلك القصة الذي جعله ينام!.. ربما في حالة محددة من الفكر، يمكن لشيء عادي أن يصبح خارق للعادة.. لا بدّ أن شيئاً مثل ذلك قد حدث له.

ربما أصاب السهم دون قصد النقطة المطلوبة... ونام الثري في تلك الليلة... وبعدها حتى في أيام حياته تفتحت العديد من الأزهار الجديدة... ما هي تلك القصة؟.. لا بدّ أن عيونك الآن مليئة بالرغبة لمعرفتها!

 

كان هناك مدينة عظيمة... وأتى شيخ حكيم ليزورها...

اعتاد الشيوخ والحكماء على زيارة المدينة ومغادرتها، لكن كان هناك شيء غريب في ذلك الحكيم... كانت ألوف الناس تأتي إلى كوخه، وكل من يقترب من الكوخ يشعر بنفس العطر والانتعاش الموجود في الشلالات الشاهقة أو في صمت الغابة أو تحت نجوم السماء...

والحكيم كان أيضاً رجلاً غريباً يحمل اسم ملك من الملوك... لقد كان ثرياً جداً قبل أن يسلك طريق الحكمة والصفاء... كان يرتدي خواتماً وأقراطاً ثمنها يساوي الملايين... كان معه الكثير من المال، لكنه عندما وجد أن فقره الداخلي لم يختفي بالحصول على المال، أصبح ثرياً غنياً بالاستغناء عن الثروة...

اعتاد أن يقول هذا للآخرين، والموسيقى الصادرة عن أنفاسه وكلامه كانت الشاهد عليه، والسلام المتدفق من عيونه شاهدٌ أيضاً، السعادة في طريقة حديثه وصمت حضوره ونوره اللطيف....

إذا كان الفكر ناضجاً، سيصبح التحرر من الثروة والشهرة والمكانة والطموح سهلاً جداً... فهي بعد كل شيء مجرد ألعاب طفولية.

 

اجتمع آلاف الناس خارج المدينة لرؤية وسماع الحكيم... بالإصغاء إليه أصبحت عقولهم هادئة مثل لهب شمعة صغيرة في مكان هادئ ليس فيه ريح... وبين الناس كان هناك امرأة جميلة وثرية اسمها ليلى... عندما حلّ المساء، نادت السيدة ليلى خادمتها وقالت لها: "اذهبي وأشعلي الضوء في البيت... أنا لن أذهب وأترك هذا الحديث الحلو مثل العسل".

عندما وصلت الخادمة إلى البيت، وجدت الباب مكسوراً واللصوص يقومون بسرقة الأغراض وزعيم اللصوص يقف في الخارج لحمايتهم... ركضت الخادمة بسرعة ورجعت إلى السيدة ليلى... ولحقها زعيم اللصوص أيضاً... وصلت الخادمة إلى سيدتها وقالت لها بصوت مرتجف: "سيدتي.. بسرعة! هناك لصووووص في البيت!"

لكن ليلى لم تعطها أي انتباه... كانت غارقة في أفكار ومشاعر مختلفة... وبقيت تصغي لما كانت تصغي إليه، وتنظر لما كانت تنظر إليه بصمت وسلام... بقيت جالسة دون حراك.. كانت فعلاً في عالم آخر، ودموع الحب تنهمر من عيونها الساكنة...

 

غضبت الخادمة وتوترت.. أمسكت سيدتها بقوة وقالت: "يا سيدتي!! اللصوص قد سرقوا منزلك! إنهم الآن يحملون كل مجوهراتك وأموالك!"... فتحت ليلى عيونها، وقالت: "آه يا مجنونة... لا تهتمي ولا تقلقي... دعيهم يحملون ما يريدون... كل تلك الملابس والمجوهرات مزيفة وغير حقيقية أبداً... لقد كنتُ غارقةً في الجهل، لذلك ظهرت لي أنها حقيقية.... وفي اليوم الذي يفتح فيه اللصوص أعينهم، سيجدونها أيضاً غير حقيقية.... حالما تُفتح العيون ستجدين ذلك الذهب الحقيقي الذي لا يمكن اختطافه ولا سرقته... أنا أنظر الآن إلى ذلك الذهب داخل نفسي.. الذهب موجود داخل كل نفس".

 

لم تقدر الخادمة أن تفهم شيئاً... ضاعت تماماً ولم تقدر على الكلام... ماذا حدث لسيدتها الغنية ليلى؟... لكن قلب زعيم اللصوص تحرّك... وكأن باباً ما قد فُتح داخله... وكأن مصباحاً ما داخل روحه قد اشتعل... رجع إلى البيت وقال للصوص: "يا أصدقائي، دعوا هذه الأكياس والأغراض مكانها... كل هذه المجوهرات الذهبية مزيفة... تعالوا معي... دعونا نبحث عن الثروة التي عندما اكتشفتها سيدة المنزل عرفتْ أن هذه المجوهرات غير حقيقية.... لقد كنتُ أنا أيضاً أبحث عن نفس ذلك النوع من الذهب الذي لا يأتي ولا يذهب... وهو ليس بعيد بل أقرب من حبل الوريد... إنه موجود هنا داخل النفس".

أضيفت في:13-5-2014... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد