موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

طائرة تطير لكنها لا تطير!

 في أحد الأيام، جلستُ بجانب الطريق... جلستُ في ظل شجرة كبيرة أراقب العابرين...

مع رؤيتهم عبرت كثير من الأفكار في رأسي.. لقد كانوا جميعاً يركضون هاربين إلى مكان ما...

جميعهم، أطفال وشباب وكبار، رجال ونساء... يركضون ويهربون... ظهرت عيونهم وكأنها تبحث عن أحدٍ ما، وأقدامهم مشغولة ومُتعبة في رحلة طويلة.... لكن إلى أين يهربون ويذهبون؟ ماذا كان هدفهم؟ وهل سيعرفون في النهاية أنهم وصلوا إلى مكان ما؟

نفس الفكرة تخطر على بالي عندما أرى أسئلتكم وتعليقاتكم يا إخوتي... والفكرة تجلب لي ألماً شديداً لأنني أعرف أنكم لن تصلوا لأي مكان... لن تصلوا لأن فكركم وأقدامكم تسير في اتجاه معاكس لله.

 

إن سرّ الوصول إلى مكان ما في الحياة هو: أن تسير في اتجاه الله... ما عدا ذلك لا يوجد أي اتجاه.. ولا يوجد أي طريق يقود إلى أي مكان....

إسبح وجذّف باتجاه الله... بالسباحة عكس الله لن يستطيع الشخص فعل أي شيء سوى تكسير وتحطيم نفسه.

 

ما هو خوف الإنسان؟ ما هو قلقه؟ ما هو ألمه؟ ما هو موته؟؟

لقد رأيتُ أن كل هذه المشاكل تتلخص في محاولتنا الفاشلة للسباحة عكس الله... الاستكبار ألم ومرض لأنه سيرٌ باتجاه معاكس لله، ومعاكسة الله هي معاكسة للنفس.

 

سمعتُ قصةً عن طيار يقود طائرة صغيرة بسرعة 300 كم في الساعة.... فجأة اكتشف أن الطائرة تنجرف في تيار هوائي قوي ومميت.... كانت الرياح عاصفة وقوية جداً، وسرعتها أيضاً 300 كم تهب بالاتجاه المعاكس لحركة الطائرة.

كانت حياة الطيار في خطر كبير ضمن هذه العاصفة الهوجاء، وكانت نجاة وسلامة الطائرة أمراً شبه مستحيل.... والمفاجأة أن كل أجزاء الطائرة كانت تعمل بشكل عادي والمحركات ممتازة وصوتها قوي، رغم ذلك لم تكن الطائرة تتقدّم حتى متراً واحداً!

 

بعد نهاية العاصفة قال الطيار: كم كانت غريبةً تلك التجربة: ألا تتقدّم للأمام بالطائرة رغم أنك تسير بسرعة 300كم!!.... كم كنتُ أطير بسرعة عالية، ورغم ذلك لم أكن ذاهباً إلى أي مكان!

 

أليس صحيحاً أن ذهاب المرء ضد نفسه لن يوصله إلى أي مكان؟

السعادة الحقيقية في الحياة تنتمي لأولئك الذين يعيشون في النفس، يعرفون أنفسهم ويحققونها... من عرف نفسه عرف ربه.

ألا ترى أن قصة هذه الطائرة تحدث في الحياة أيضاً؟

أولئك الذين لا يسيرون باتجاه الله، سيجدون أيضاً أنهم يسيرون لا بل يركضون دون شك، لكن دون الوصول إلى أي مكان...

الله هو الألوهية الحية... هو الوجود الداخلي للنفْس... الله هو النفْس ذاتها بين كل نفَس ونفَس.

أضيفت في:20-7-2014... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد