موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

هل أنت عامل أم فنان؟

بعض الأشخاص يحتار لماذا لا يقدر أن يعمل بجهد واستمرار.. بل فقط خلال أوقات متباعدة متقطعة ولا يقدرون على تغيير ذلك...

في الواقع، قد يكون هذا هو نوعك لأن هناك نوعان من الناس:

النوع الأول العامل وهو يستمر بالعمل المستمر... إنتاجه قد لا يكون عالي النوعية لكنه مستمر.. ليس جيداً جداً وقد يكون متوسط عادي جداً، لكن يمكنك الاعتماد عليه لأنه يستمر بالعمل كل يوم.

وهناك النوع الثاني، وهو النوع الفنان... إذا كان العمل سيكون جيداً عالي النوعية فلا يمكنك إنتاجه باستمرار، هذا مستحيل.... إنه يعمل وينطفئ ويعمل ثم ينطفئ... أحياناً تشعر بالتحليق والإلهام والتدفق فتصنع شيئاً جميلاً، لكن بعدها تختفي تلك الطاقة... وعندها تشعر بالهبوط وتختفي كل آثار الإبداع والتحدي.. لكن كل الفنانين العظماء ينتمون إلى هذا النوع.

 

انتبه أيضاً لأطفالك ما هو نوعهم، ولا تجبرهم على تغيير أي شيء...

النوع الأول هو العامل، مدير الإنتاج، المنتج، العامل متوسط الذكاء... يقوم بالأشياء الخدمية لكن ليس الأشياء الفنية العظيمة... النوع الثاني هو الفنان... الذي أحياناً يستخرج جواهراً باهرة من كيانه، لكن بعدها قد تمضي شهور ولا يظهر أي شيء، لأنك لا تقدر على إنتاج الجواهر كل يوم.

هناك مثل شعبي يقول: الكلبة تجلب عشر جراء في السنة، لكن اللبوة تجلب شبلاً واحداً..

النوع الثاني كان دائماً يواجه تلك المشكلة.. أمثال بيكاسو وفان كوخ... في يومٍ ما ينتجون شيئاً مجنوناً هائلاً، لن يناموا ولن يأكلوا شيئاً، يستمرون بالعمل أسابيع متواصلة... وبعدها لمدة أسابيع أخرى سيهدؤون ويستلقون مثل الكسالى.

الشاعر الكبير طاغور.. متى ما كان يكتب الشعر كان يغلق الباب على نفسه، لا طعام ولا حمام ولا شاي ولا أي شيء... لثلاث أو أربع أيام تجده مجنوناً مهووساً سكراناً بما يعمل، يصرخ ويغني ويرقص ويكتب ولن ينام.... وعائلته بكاملها تقلق عما سيحدث له... لن يقوم حتى بفتح الباب لأن أي تشويش بسيط سيكفي لهبوطه على الأرض... لقد كان فعلاً مجنوناً مبدعاً في الشعر وكأنه مأخوذ إلى عالم آخر.... بعد ذلك ولشهور متتالية لن يكتب شيئاً وسيكون مجرد شخص عادي.

لذلك تعرّف على نفسك ونوعك وافهمه... لا حاجة أبداً لتغييره... بدلاً من تغيير نمطك، عندما تأتي لحظات الخلق إليك استخدمها بكل جنون وفنون ونشوة ودعها تخلق شيئاً.... وعندما تذهب استمتع برحيلها واسترخي...

إذا أجبرت نفسك على التغيير قد تسير عكس طبيعة نفسك، وهذا لا يمكنني أن أنصح به أي شخص.

 

وأحياناً قد يطلب منك شخصٌ القيام بعمل ما، ولا تستطيع أبداً القيام به... قد يجلس هناك على الرف لمدة شهور، رغم أنه شيء بسيط لكنك لا تقدر عليه؟

ببساطة إذاً أنت لا تقدر عليه! وما هي المشكلة؟ المشكلة هي مشكلة الذي طلب منك العمل!... ببساطة أخبره أن هذه هي الطريقة التي تعمل بها أنت، بشكل متقطع مثلاً في المناسبات... إذا أمسك بك في مناسبة ما جيد، وإذا لم يمسك بك فهذا نصيبه!!

لا تقم أبداً بإرباك نفسك لأجل هذه الأمور... الذي طلب منك العمل يمكنه الذهاب لشخص آخر.. إذا كنتَ فنان فلا يمكنك أن تكون عاملاً عادياً، ومن الجيد أنك لا تقدر أن تكون... الأرض بحاجة لبعض الناس الأكثر إبداعاً من العمال... لا يمكنك أن تحوّل نفسك إلى روبوت يعرف كيف ينفذ الطلبات وتنفذها متى ما طُلب منك.

أنت تحب أي شيء تعمله، لذلك يمكنك عمله فقط عندما تكون الطاقة والحالة حاضرة له... ولا أقترح عليك تغيير نفسك لا حاجة أبداً..... هذا النوع من الناس أيضاً مطلوب في العالم فابتهج واحتفل بنفسك، هذه طريقة عمل دماغ الفنان.

وأعرف أيضاً النوع الثاني... العامل... يأتي إلي ويسألني كيف أصبح مبدعاً؟... مستعد للتضحية بكل شيء فقط ليكون مبدعاً.. لا يريد أن يكتتب ألف قصيدة، بل قصيدة واحدة تستحق جائزة نوبل!.. لكنه لا يقدر على ذلك لأنه ببساطة من النوع الثاني.... والعالم بكامله سيعاني المشاكل إذا لم يكن هناك أشخاص من النوع الثاني أيضاً.. نحتاج لـ 99% من الناس أن يكونوا هكذا، لكن 1% من الأعمال تبقى فقط للفنان.

لذلك اقبل ذلك وسيتاح لك المزيد... حالما تقبل نفسك ونوعك وأن هذه الطريقة التي خلقك الله بها، ستبدأ عدة أشياء جميلة تظهر من قلبك... وعندما لا تظهر فهي لا تظهر لا يوجد مشكلة ولا داعي للقلق!

 

أضيفت في:25-7-2014... أطفال وأجيال> كيف نربي أطفالنا؟
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد