موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

ما هي أول حقيقة في رحلة البحث عن الحقيقة؟

إنها معرفة المرء لنفسه كما هي.. هذه أول خطوة وأول درجة من السلم.. لكن في معظم السلالم نجد هذه الدرجة مفقودة، لذلك تبقى سلالم فقط بالاسم، لا يمكن استعمالها للصعود.. إذا رغب أحد ما يمكنه حمل السلم على كتفيه لكن يستحيل أن يساعده على التسلق ولا خطوة واحدة.

يقوم المرء بخداع الآخرين، ويخدع نفسه ويريد حتى خداع الله... وفي هذه المحاولات يفقد نفسه.. يحيط نفسه وعيونه بدخان صنعه بنفسه.

أليست حضارتنا وثقافتنا وأدياننا هي الأسماء الجميلة لنفس الخدع؟ ألم تقم بمحاولات يائسة عابثة لتغطية نقص الحضارة والثقافة والدين عندنا بهذا الدخان؟

وماذا كانت النتيجة؟

النتيجة هي أننا بفضل هذه الحضارة ذاتها لم نقدر أن نصبح متحضرين... وبفضل هذا الدين لم نقدر أن نصبح متدينين... لأن الزيف يستحيل أن يصبح الطريق الموصل للحقيقة..

الحقيقة ذاتها هي الباب إلى الحقيقة..

فقط بعد الاستغناء عن كل الخداع الذاتي، يمكن أن يصير طريق الحقيقة واضحاً وسالكاً.. من الأساسي تذكر أنك في النهاية لا تستطيع خداع نفسك.. في يومٍ أو آخر ستتحطم الخدع وتظهر الحقائق.. لهذا السبب بالذات، الخداع الذاتي يتحول في النهاية إلى ندم ذاتي أو تأنيب الضمير.

لكن الذي يستطيع فهم هذا بشكل مسبق لن يندم.

لماذا أنا أريد أن أخدع؟

ألا يوجد خوف خلف كل خداع؟

لكن هل يتم تحطيم الجذر الرئيسي للخوف بالخدع؟

على العكس، يتم دفن تلك الجذور عميقاً بواسطة الخدع، فتصبح أخفى وأعمق.

وبهذا لا تموت الجذور، بل تصبح أقوى وأنشط..

ولنفس السبب، تظهر الحاجة لاختراع خدع أكبر فأكبر لتغطيتها وإخفائها، وعندها تبدأ سلسلة غير منتهية من الخدع يزداد فيها الخوف والجبن، ويصبح المرء كومة من الجبن والخنوع.. وعندها يبدأ يخاف من نفسه أيضاً!

هذا الخوف يصبح جهنماً..

ليس جيداً أبداً أن ترتدي قناع الخداع في حياتك بسبب الخوف..

الجيد هو البحث عن السبب الجذري للخوف.

ليس ضرورياً كبت الخوف، بل الضروري كشفه واكتشافه..

التحرر مستحيل انطلاقاً من الخوف المكبوت.. فقط بعد معرفته ورفع الغطاء عنه، يمكن للمرء التحرر من الخوف...

ولنفس السبب أعتبر الشجاعة أعظم صفة من صفات الدين...

في معبد الحياة لا يوجد باب خلفي للدخول منه.

الله لا يستقبل إلا الذي يواجه بشجاعة.. إنْ خفتم من شيء فاخلوا فيه.

في إحدى المدن البريطانية الكبيرة، كان يتم عرض مسرحية لشكسبير.. حدث ذلك منذ عدة سنوات.

في ذلك الوقت، كان الناس يعتبرون حضور الرجل المحترم للمسرحيات خطيئةً عظيمة، أما حضور رجال الدين لم يكن وارداً أبداً..

الدين في الأصل هو مسرحية رجال الدين التي يحتكرونها لأنفسهم!

لكن أحد رجال الدين حينها لم يستطع مقاومة الرغبة في حضور المسرحية.. فكر فوجد حلاً هو نفس الحل الذي نطبقه كثيراً في الحياة.. كتب رسالةً إلى مدير المسرح يطلب فيها: "هل يمكنك تدبير دخولي من الباب الخلفي للمسرح، بحيث لا يقدر أحد على رؤيتي؟"

أرسل له المدير جواباً: "أعتذر منك، لا يوجد أي باب هنا يخفى عن الله"..

أريد أيضاً قول نفس الشيء لك...

لا يوجد باب خلفي للدخول في الحقيقة.. الله يقف عند كل الأبواب.

أضيفت في:17-1-2018... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد