موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

أين هي السعادة؟

يسألني الكثيرون عنها خاصةً هذه الأيام.. فأخبرهم قصة تتضمن الجواب.. في أحد الأيام عندما استيقظ سكان الأرض من النوم سمعوا إعلاناً غريباً.. لم يسمعوا مثله من قبل أبداً.. لكن لم يقدروا على معرفة مكان صدور الإعلان.

إعلان قوي واضح الكلمات.. ربما كان يأتي من السماء، أو أنه كان يأتي من داخلهم.. لم يكن المصدر معروفاً للناس:

"آهٍ يا سكان العالم! إليكم هدية مجانية من السعادة أرسلها الله لكم... هذه فرصة مؤكدة للتخلص من كل الآلام!

اليوم في منتصف الليل، على كل من يَرغب بالتخلص من آلامه أن يجمعها في حقيبة خيالية ثم يرميها خارج القرية.. وعند عودته، يمكنه ملء تلك الحقيبة بكل ما يرغب من السعادة، ويجب ملؤها قبل بزوغ الشمس.. وسوف تأتي السعادة وتحل مكان آلامه.

انتبهوا من أن الذي يفشل في استغلال هذه الفرصة سيفشل للأبد.. الليلة ستهبط شجرة الأمنيات إلى الأرض ولمدة ليلة واحدة فقط.. ثقوا بها واحصلوا على الثمار.. الثقة تجلب الحصاد."

بقي الإعلان يتكرر طوال النهار وإلى أن غابت الشمس.. مع قدوم الليل، حتى المشككين صار عندهم إيمان.. مَن سيكون أحمقاً لدرجة أن تفوته هذه الفرصة؟ ومَن من الناس ليس عنده آلام وليس عنده رغبة بالسعادة؟ بدأ كل شخص يجمع آلامه.. وتمنى كل شخص ألا يترك أي ألم عنده.

مع اقتراب منتصف الليل، فرغت كل بيوت الأرض، وبدأت حشود غفيرة من الناس تجري حاملةً آلامها مثل ملايين النملات خارجة من بيوتها ومدنها.. ذهبوا بعيداً جداً لرمي الآلام لكي لا تعود.. وبعد منتصف الليل، بدؤوا جميعهم كالمجانين يجمعون السعادة بسرعة، قبل ظهور الشمس لكي لا تبقى أي ذرة سعادة خارج الحقائب.. المتع كانت كثيرة جداً والوقت محدود.

جمعوا كل شيء وركضوا إلى بيوتهم قبل شروق الشمس بلحظات.. مع وصولهم للبيوت لم يقدروا تصديق عيونهم.. بدلاً من الأكواخ كان هناك قصور تعانق السماء.. كل شيء مصنوع من الذهب.. والسماء تمطر سعادة وافرة.

كل ما كان مرغوب أصبح موجود.. وتحققت هذه المفاجأة الموعودة.

لكن حدثت مفاجأة أكبر.. رغم تحقق كل الأمنيات لم يكن هناك سعادة في وجوه الناس.. سعادة الجيران كانت تصنع لهم الألم جميعاً..

اختفت الآلام القديمة، لكن أتت مكانها آلام ومقلقات جديدة تماماً..

لقد تغيرت الآلام لكن العقول لم تتغير ولذلك لم يكونوا سعداء.

لقد تغيرت كل الدنيا لكن الأشخاص لم يتغيروا وهذا لم يغير شيء..

كان بينهم شخص واحد لم يقبل الدعوة لرَمي آلامه وتجميع السعادة، إنه الشحاذ العاري.. لم يمتلك سوى الفقر ولا شيء سوى الفقر..

إشفاقاً على جهله طلب منه الجميع أن يأتي معهم.. فعند ذهاب الملك ذاته لابد أن يذهب الشحاذ أيضاً.. لكنه ضحك وقال:

"كل شيء خارج نفسي ليس سعادة، وأين سأذهب لأبحث عن شيء كامن داخلي؟ لقد وجدت ذلك بعد الاستغناء عن كل بحث.."

ضحك الناس على جهله وشعروا بالأسى.. اعتَبروه أحمقاً ساذجاً.. وعندما تحولت أكواخهم إلى قصور وتناثرت المجوهرات مثل الحجارة الوافرة حولها، قالوا لذلك الشحاذ: "ألم تدرك خطأك إلى الآن؟"

لكن الشحاذ ضحك مجدداً وقال: "كنت أفكر بطرح نفس السؤال عليكم جميعاً؟".

أضيفت في:23-1-2018... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد