موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الإنسان الجديد: نبض الأرض ونور الحياة

هذا هو الحل الذي نحتاجه جميعاً: ولادة جديدة للإنسان في هذا الزمان...

إنسان يعرف ويقدس الحياة، يعرف كيف يعيشها بقوة وحيوية وكمال وجمال...

بدل أن نبقى نجرّ أنفسنا جر من المهد إلى القبر...

الإنسان الجديد يجعل كل لحظة احتفالاً وأغنية ورقصة..

الإنسان القديم الذي تواجد حتى الآن، صار على فراش الموت.. لقد عانى كثيراً ويحتاج منا الرأفة والرحمة.. لقد تمّت تربيته وبرمجته على العيش في بؤس ومعاناة وتعذيب للنفس.. لقد أعطوه وعوداً عظيمة بجوائز هائلة بعد الموت، وكلما عذب نفسه أكثر، كلما عانى وصار مازوشياً أكثر ومدمراً لجسده ولكرامته، ستتم مكافأته أكثر...

كان ذلك مفهوماً مناسباً جداً لجميع أصحاب المصالح، لأن الإنسان المستعد للمعاناة يمكن استعباده بسهولة.. الإنسان المستعد للتضحية بهذا اليوم لأجل غدٍ مجهول، قد أعلن مسبقاً عن رغبته واستعداده للاستعباد... المستقبل يصبح قيوداً له.. وطوال آلاف السنين عاش الإنسان في الأمل فحسب، في المخيلات والأحلام والمدن الفاضلة لكن ليس في الواقع الحقيقي.. ولا يوجد حياة سوى هذه الحياة الواقعية، هذه الحياة الموجودة في هذه اللحظة.

الإنسان الجديد هو ثورة صحوة وتمرد على كل البرامج التي قد تكبته وتستغله وتستعبده، بمجرد أن تعطيه أملاً بجنة خرافية تستعبده بالترغيب، أو تهدده بالخوف وتبتزه بالنار الخرافية وتستعبده بالترهيب...

 

كل طرق الحياة القديمة كانت بغرابة تتفق على نقطة واحدة: هي أن الإنسان عبارة عن حيوان أضحية أمام أقدام صنم أو إله خرافي... قديماً كان هناك زمن يتم فيه فعلاً قتل الإنسان الحي وتقديمه كأضحية، يتم ذبحه أمام أصنام حجرية... رغم أنه لا أحد يتجرأ على القيام بمثل هذا العمل الآن، لكن نفسياً الحالة لم تتغير أبداً.. لا تزال التضحية بالإنسان مستمرة باسم الشيوعية أو باسم الرأسمالية، باسم العرق البشري الأبيض أو الأصفر، باسم الدين الإسلامي أو المسيحي أو الهندوسي... وبدلاً من الأصنام والآلهة الحجرية، صار عندنا كلمات وهمية... لكن الإنسان قبِل أن يعيش هكذا لسبب بسيط هو أن كل طفل يجد نفسه مولوداً في حشد تمت برمجته مسبقاً... المعلمون مُبرمجون، الأهل والجيران كلهم مبرمجون، والطفل الصغير دون حول ولا قوة فلا يجد أي بديل عن الاندماج بالقطيع.

 

الإنسان القديم كان خروفاً بين قطيع الخرفان، عصا ضمن العجلة وعدد بين الأعداد دون أي فردية أو كيان... المصالح الخاصة والتجارة بالبشر بذلت كل ما تستطيع لتدمير الكرامة واحترام الذات والفرحة والاحتفال والامتنان بأنك بشري مقدس إنسان... بأنك أرقى مخلوق بعد مسار طويل جداً من التطور الجسدي والروحي.. بأنك نبض الأرض ونور الحياة.

هذه الأفكار كانت خطيرة جداً... إذا امتلك الإنسان بعض الاحترام لذاته وبعض القيمة والكرامة، فلا يمكنك تقليصه إلى عبد، لا يمكنك تدمير روحه وجعله آلة بدل آية... إلى الآن، تظاهر الإنسان بأنه يعيش لكن حياته كانت مجرد نظرية.

 

الإنسان الجديد هو تمرد ضد الماضي بكامله.. إنه إعلان بأننا سنقوم بخلق طرق جديدة للحياة، وقيم جديدة للحياة، وأننا نتوجه إلى أهداف جديدة ليست أقل من نجوم المجرات البعيدة... ولن نسمح لأحد بأن يضحي بنا لأجل أي اسم جميل... نحن الذين سنعيش حياتنا، ليس وفقاً للقدوات وللمثل السائدة، بل وفق شغفنا وحدسنا وبصيرتنا الخاصة بنا... وسنعيش كل لحظة بلحظتها.. لن ننخدع مجدداً بكلمة "الغد" والوعود المستقبلية.

 

الإنسان الجديد يحمل المستقبل لكل البشرية.. والإنسان القديم لا بد أن يموت: إنه يقوم بتجهيز قبره ويحفره بنفسه كل لحظة أعمق فأعمق... ماذا تعتقد أن دونالد ترامب وجميع القادة والسياسيين فاعلين؟؟ يحفرون قبوراً للبشرية، أعمق قبر ممكن حتى الآن... ويبدو أن هؤلاء القادة يخافون حتى من الموتى، بحيث إذا لم يكن القبر عميقاً كفاية ربما يخرجون إلى الحياة وينتقمون منهم!!

الأسلحة النووية وكل وسائل التدمير الشامل هي تحضير لانتحار عالمي.. لقد قرر الإنسان القديم أن يموت... والأمر يعود للناس الأذكياء في العالم بأن يقطعوا علاقتهم بالإنسان القديم قبل أن يدمرك أنت أيضاً! اقطع نفسك عن كل المعتقدات والأديان والتقاليد البالية والخرائط الوهمية المسماة بلدان.

للمرة الأولى توقف الشيء القديم عن كونه ذهباً غالياً عتيق.. القديم صار جثة متعفنة لماضي بشع.. هذه مسؤولية عظيمة أمام الجيل الجديد وللشباب لكي يرموا الماضي.

المعتقدات والأديان الماضية علّمت الناس بأن يزهدوا وينكروا الدنيا... الإنسان الجديد سيتعلم محبة الدنيا بحيث يمكننا إنقاذها، وسيتعلم رفض ورمي الماضي بكامله وبشكل نهائي لا تراجع عنه.

 

الإنسان الجديد ليس تحسيناً على القديم وليس ظاهرة متصلة بالقديم وأفضل منه... الإنسان الجديد هو إعلان موت كامل للقديم، وولادة إنسان طازج جداً، دون برامج وتشفير، دون أي علب أديان وبلدان، دون أي تحيز وتمييز بين رجل وامرأة، أبيض وأسود، شرق وغرب، أو شمال وجنوب..

الإنسان الجديد هو تجسيد بشرية واحدة موحدة..

إنه أعظم ثورة يراها العالم بكامله..

لقد سمعتم عن المعجزة التي قام بها موسى عندما قسم البحر إلى نصفين.. تلك المعجزة كانت شيئاً بسيطاً جداً... أريد أن أقسم محيط البشرية بكامله إلى قسمين: القديم والجديد.

الجديد سيحب هذه الحياة وهذه الدنيا.. سيتعلم فن الحياة والحب والموت.. لن يكترث بالجنة والنار أو الفضيلة والخطيئة، لأنه عرف نفسه وعاش الفضيلة الفطرية الأصيلة، وعرف أنه لم يخرج يوماً من الجنة حتى يعود إليها.

 

الإنسان الجديد سيهتم بطرق زيادة متع وأفراح الحياة، زيادة الجمال والأزهار والاحتفال، زيادة الإنسانية والرحمة... ولدينا المقدرة والطاقة الكامنة لجعل هذا الكوكب جنة الفردوس، وجعل هذه اللحظة أعظم صحوة ونشوة في الحياة.

دعوا الماضي يموت ودعوا الموتى يدفنون بعضهم... دعوا القديم الذي يقوده رجال الدين والسياسيون.. دعوا العميان يتبعون العميان..

لكن أولئك الحاملين للروح الفتية الحية..

الروح الفتية قد توجد حتى عند الناس الكبار جسدياً والذين أرواحهم لا تزال فتية.. وقد لا توجد عند الناس الصغار ذوي الأرواح الهرمة المنتهية...

الأشخاص الشبان بالروح سيكونوا هم الإنسان الجديد..

الإنسان الجديد ليس وعداً أو أملاً..

بل أنتم سلفاً تحملونه داخلكم!

التأمل دوره فقط جعلك مدركاً بأن الإنسان الجديد قد وصل..

التأمل يساعدك على تذكره واحترامه وعيشه..

الإنسان الجديد ليس كائناً قادماً من كوكب آخر...

إنه أنت في كامل نضارتك وحيويتك.. في صمت قلبك المحتفل والحكيم، وفي عمق تأملك في محراب ذاتك، في مساحات الحب الجميلة التي تصنعها، وفي أغاني الفرح ورقصات النشوة وفي محبتك لهذه الأرض.

 

لا يوجد أي دين يعلمك أن تحب هذه الأرض، رغم أن هذه الأرض هي أمك، وهذه الأشجار والحيوانات هم إخوتك، وهذه النجوم هي أصدقاؤك...

مع رؤيتك للإنسان القديم يتقدم أكثر تجاه قبره، سيصبح أسهل عليك أن ترميه وتستغني عن أفكاره وطرق حياته ومعابده الميتة من كنائس ومساجد وأصنام وآلهة وكتب ومعتقدات... كتابك المقدس هو حياتك بكاملها، ولا يقدر شخص آخر أن يعيشها عنك أو أن يكتب لك كتاباً مقدساً... عليك أنت أن تكتب حياتك بقداسة وبنفسك.

أنت تأتي ككتاب فارغ، والأمر يعود لك ماذا تكتب فيه..

 

الولادة ليست هي الحياة، بل إنها مجرد فرصة معطاة لك لكي تخلق فيها الحياة، حياة مشرقة جميلة مباركة ودودة بقدر ما تستطيع أن تحلم وتتخيل..

أحلام الإنسان الجديد وحياته ستكون شيئاَ واحداً، لأن أحلامه ستكون متجذرة هنا في هذه الأرض وستجلب الأزهار والثمار.. لن تكون مجرد أحلام بل ستجعل الأرض دنيا أحلام!

أدركوا هذه المسؤولية... الإنسان لم يواجه أبداً مثل هذه المسؤولية العظيمة من قبل، مسؤولية رمي الماضي ومسحه تماماً من كيانك.

كونوا آدم وحواء من جديد، واجعلوا هذه الأرض تصبح جنة عدن.. وهذه المرة سوف نرى مَن هذا الإله الذي سيتجرأ على إخراج الإنسان من الجنة! ستكون هذه حديقتنا وجنتنا نحن، وإذا أراد الله الدخول إليها فعليه أن يطرق الباب أولاً!

 

يمكن لهذه الأرض أن تصير بهجة وسحراً ومعجزة.. أيدينا تحمل هذه اللمسة، والأمر فقط أننا لم نحاول تحويلها من قبل... لم يعط الإنسان أي فرصة لطاقته الكامنة لكي تنمو وتزهر وتجلب الرضى وتُمطر الأزهار على كامل الأرض فتملؤها بالعطر...

بالنسبة لي هذا العطر هو الألوهية...

الإنسان الجديد لن يعبد إلهاً كـ"خالق" للعالم...

الإنسان الجديد سيخلق الله كعطرٍ وجمال وحقيقة ومحبة...

حتى الآن كان الله هو الخالق، لكن بالنسبة للإنسان الجديد سيكون الإنسان هو الخالق والله هو المخلوق... نستطيع خلق الألوهية والأمر بين أيدينا..

لذلك أقول أن الإنسان الجديد هو أعظم ثورة قد حدثت في العالم...

ولا يوجد طريقة لتجنب ذلك، لأن الإنسان القديم مقرر ومصمم على الموت والانتحار.. فدعوه يموت بهدوء وسلام.

أولئك الحاملين للأرواح المتمردة عليهم فقط قطع أنفسهم عن القطيع، وهم الذين سيكونوا المُنقذين، هم مَن سيصنع سفينة نوح وسيكونوا بداية عالم جديد..

ولأننا عرفنا العالم القديم وبؤسه ومعاناته، يمكننا تجنب كل تلك السلبيات من فقر وبؤس وغيرة وغضب وحروب وميول تدميرية... يمكننا العبور بتحويل كامل وشامل: يمكننا خلق أناس أنقياء وأبرياء، ودودين ومحبين يتنفسون الحرية ويساعدون بعضهم لكي يتحرروا.

يمكننا تزويد غذاء الروح لكل شخص لكي تعود إليه كرامته واحترامه، ليس وفق بعض القيم أو القدوات بل لمجرد أنه إنسان كما هو ككيان...

الإنسان الجديد سيكون نبض الأرض ونور الحياة...

 

The Golden Future …32

أضيفت في:21-6-2019... رؤية للعالم الجديد> اقطع الجذور!
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد