موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الحياة تشارك ومُشاركة

الطبيعة والبيئة تتدمر بكاملها حول العالم... لأن الإنسان يعيش ككوكب معزول ولا يدرك أنه موصول بالأصول...
كل شيء في الطبيعة والكون يعتمد على بعضه البعض... والحياة رقصة كونية متناغمة ومتفاهمة...
حتماً سمعتَ بهاتين الكلمتين: التبعيّة والاستقلالية... وسمعتَ الحوارات بين المؤيدين لكل من هذين المنطقين... لكن كلاهما غير حقيقيين ولا منطقيين!......
الحقيقة هي في الجماعة... في المشاركة... ليس فقط بين الإنسان وإخوته.. ليس فقط بين دولة وأخرى... وإنما أيضاً مع الأشجار والأنهار والجبال... مع الشمس والقمر والرمال... كل شيء في الكون متلاحم.. مندمج مع بعضه البعض ومتعاون...

البشرية السابقة لم تفكر بهذا أبداً... لم تدرك أن هذا كون واسع كل جزء منه يعتمد على باقي الأجزاء... لم يكن بإمكانها معرفة أن الإنسان يعتمد في وجوده على الأشجار مثل اعتماده على الغذاء...
نعم.. لا يمكنك أن تعيش دون الأشجار، وهي كذلك لا تستطيع أن تعيش من دونك...
لكن الآن فات الأوان... لقد تم قطع ملايين الأشجار التي عمرها مئات السنين.. لأجل صنع الورق.. لأجل من؟ أجل! لأجل كل أنواع المجلات والجرائد التافهة التي تراها في السوق.. دون أن نكون قادرين على تعويض تلك الأشجار... وتحوّلنا إلى تجار.. نشرب البترول ونأكل الدولار...
لماذا حدث هذا الحدث؟...
لأن هناك العديد من القرى الفقيرة التي لا تملك سوى الغابة كمصدر للحياة والرزق... هذه القرى بدأت بقطع الأشجار وبيعها... كما أنها وقّعت عقوداً لثلاثين سنة قادمة، لضمان استمرارية قطع الأشجار وإرضاء جيوب التجار.... وفي هذا الزمان، لم يعودوا يستخدمون الفأس... بل يستخدمون الآلات الكبيرة.. التي تقطع مئات الأشجار في اليوم دون توقف أو نوم.. وهكذا تحوّلت مساحات واسعة من الأرض إلى صحراء خالية من الحياة والعافية....

الأشجار في الطبيعة تمنع السيول وهيجان الأنهار... وعندما نقطعها، تبدأ المياه بالتدفق بقوة جارفة... فتصل إلى البحر وتسبب الفيضانات في المدن الساحلية ويموت الناس فيها... كما يحدث في النيل في مصر.. وبنغلادش في الهند... كل عام تتدمر كل المحاصيل والبيوت... ويموت آلاف الناس... ولا يستطيعون فعل أي شيء... لا يستطيع أهل المدينة أن يقولوا لأهل القرى:
"توقفوا عن قطع الأشجار!"...
لأنه حتى لو توقفت القرى عن قطع الأشجار... الضرر الذي حدث لا يمكن التراجع عنه... بالإضافة إلى أن كثيراً من القرى قد باعت أشجارها مسبقاً وسلفاً لتقبض المال دون النظر إلى مستقبل العيال...

هذه الحالة موجودة في عدة مناطق من العالم.. المرض ذاته والغباء يوحّدنا...
خلال العشرين سنة القادمة ستزول معظم الغابات الاستوائية.. رغم مساحتها الكبيرة لكن التجارة تستغل الآلات وطمع وجوع الناس... وآثار زوالها خطيرة جداً... من أين سنحصل على الأوكسجين الضروري للتنفس؟... من ناحية أخرى... غاز الكربون السام الذي نطرحه في الزفير وفي عوادم السيارات والمصانع والمدافئ تمتصه هذه الغابات... لكنه بدأ بالتراكم بعد قطع الأشجار... وبدأت ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض بالازدياد حول العالم بكامله....
إذا استمرت الحرارة بالارتفاع، وهذا أمر أكيد لأنه لا يوجد أحد يصغي إلى العلم من أجل السلم... نستمر بقطع الأشجار... ونزيد ذلك بقراءة المجلات وجرائد الأخبار... كل هذه الأوراق الرخيصة عديمة الفائدة سوف تكلفنا حياتنا!... الحرارة المرتفعة بدأت تذيب الجليد القديم في الجبال العالية وفي قطبي الأرض... وبدأ مستوى البحار والمحيطات يرتفع.. وبعد فترة ستغرق كثير من المدن الساحلية الكبرى.. كنيويورك، لندن، أمستردام، مومباي وكلكتا...

أعداد البشر دائماً في ازدياد... خلال العشر سنين القادمة سيزداد العدد حوالي 40% ليصبح أكثر من 10بليون شخص!!!... هذا التكاثر بحد ذاته سيزيد الطلب على الماء إلى أكثر من الضعف في كثير من مناطق العالم... ولا نملك حالياً مصادر كافية من الماء.. عداك عن نقص الغذاء...
بالإضافة إلى ذلك، يقول تقرير للأمم المتحدة أن ستة ملايين هكتار سنوياً من المزارع والمراعي تتحول إلى صحارى... وعشرين مليون هكتار سنوياً تنعدم فيها الحياة... عدة مئات من الأنواع النباتية والحيوانية ينقرض كل سنة، وستنقرض بأعداد مضاعفة مع زوال الغابات والمراعي... مليونان ونصف إنسان عالمياً يعانون من التسمم بالمبيدات كل موسم، ويموت منهم حوالي مئة ألف سنوياً...

تنتج مصانعنا كثيراً من الغازات التي إضافة إلى سمومها المباشرة، تسبب ثقباً في الأوزون، وهو طبقة من الغلاف الجوي تحمي الأرض من الأشعة الشمسية فوق البنفسجية الضارة للبشر والحيوانات والنباتات.. هذه الثقوب تسمح للأشعة الخطيرة بالنفاذ وتسبب الكثير من الأمراض والسرطانات.. ولا تستطيع أي دولة أن تعوّض الأوزون المفقود...

لم تمرّ الأرض بفترة حرجة كهذه من قبل.. فترة خطيرة جداً وتظهر فيها عدة أمراض جديدة.... مع كل هذا، المصالح الخاصة والتجارة والدعارة غير قادرة على التوقف وإيقاف هذه المعامل والمصانع وآبار البترول أو إيجاد البدائل البيئية الطبيعية...

الميزانية العالمية للأسلحة والجيوش تُقارب ألف بليون دولار في السنة.... نعم لا تتفاجأ... كل سنة نصرف ألف بليون دولار على الحروب... وكل سنة يموت خمسة عشر مليون إنسان من الجوع والمرض......
كل دقيقة، يموت ثلاثون طفلاً من نقص الغذاء أو اللقاح الرخيص... وكل دقيقة يُصرف 1.3 مليون دولار من المال العالمي كنفقات للجيوش ومعداتها.....

يبدو أننا لم نعد مهتمين بالحياة على الإطلاق... قررّنا الانتحار ودمار كل العمار.. عبر التاريخ بكامله لم يمر الإنسان بمثل هذه الحالة الانتحارية الجنونية من قبل...

مليونان ونصف مليون طفل لم يتلقوا حتى التعليم الأساسي... وغواصة نووية واحدة تساوي بثمنها تكاليف ستة عشر مليون مدرسة ابتدائية في الدول النامية... غواصة واحدة فقط!... وهناك مئات الغواصات تصول وتجول في محيطات العالم.... وكل غواصة نووية تحمل أسلحة أقوى بستة مرات من الأسلحة التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية!... كل هذه الأموال الموضوعة لأجل الحروب، كان من الممكن أن تقدم لأطفالنا الغذاء والمأوى والتعليم... لكن اهتماماتنا ومصالحنا ليست في هذا...
نصف مليون عالِم وباحث موظفون من أجل تطوير أدوات الحرب وصنع أسلحة جديدة....

أكثر من خمسة عشر مليون شخص مصاب بالإيدز حول العالم.. وهو مرض لا شفاء منه... وهذا الرقم تقريبي وأقل من الواقع، لأن كثيراً من الدول لا تعترف وحتى لا تعرف عدد المصابين به تماماً... وتزداد أعداد المصابين بالإيدز في المجتمعات المنغلقة والمكبوتة جنسياً...
أعداد الانحرافات الجنسية حول العالم في ازدياد... لدرجة تجاوزت أيام صادوم وعامورا... وطبقاً لإحصائيات حديثة، سيصل عدد المصابين بالإيدز إلى مئة مليون خلال العقد القادم ولن تستطيع المشافي استيعاب هذا العدد الكبير...

هذه هي الأبواب التي فتحناها لكي يأتي الموت إلينا من خلالها....
إنني أؤكد هنا أن مشاكلنا عالمية، والحلول التي نضعها دولية ومحلية وغير كافية... لا تستطيع أي دولة بمفردها أن تحل جميع مشكلاتها...
نحن أمام خطر كبير لكن بإمكاننا أن نحوله إلى فرصة...
على جميع الأمم والدول أن تتحد وتذوب في حكومة عالمية واحدة.

أضيفت في:19-1-2006... رؤية للعالم الجديد> اقطع الجذور!
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد