موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

هل أنت صائم ؟

الحمد لله... لأ!!!

 

هل تعتقدون أننا نعرف ما هو الصيام؟

 

صوموا تصحّوا... هذا كان يا مكان أيام زمان... أما الآن: صوموا، عفواً... جوعوا، ثم امرضوا!!.... أصبح الناس عندما يصومون يمرضون، ويزداد زوار المشافي وحتى عمليات القلب تتضاعف.... ورمضان أصبح مَرَضَان...

 

كان رمضان شهر التقي والبركة والوحي والقرآن... والآن صار شهر الولائم والحفلات والمرض ومات الوجدان...

 

وفوق كل هذا نسأل وخاصة الغريب: هل أنت صائم؟؟؟

 

كأنه حتماً يعرف علم الصيام وبتطبيقه له سنعرف مقدار إيمانه ومدى رضى الله عنه... أو سنعرف إلى أي دين وطائفة ينتمي... أو هل هو قادر على التمثيل ومسايرة الناس وجيوبهم.... لا أعرف سامحوني...

 

لقد وصلنا إلى هذا الوصول الغير موصول والبعيد عن الأصول لأن العلم اختفى وبقيت الشرائع تملأ الشوارع... انفصلنا عن صلتنا وضاعت فطرتنا... وما من حل إلا بالعقل والعودة إلى القراءة والعلم...

 

 

ما هو الصيام؟

 

 

في الحقيقة، هذا الامتناع عن الطعام والشراب، ما يُدعى خطأً بالصيام، ليس إلا عملية هضم ذاتية، أي أن جسمك يأكل نفسه وأنت لا تدري... في كل يوم صيام سيختفي كيلوغرام من وزنك... فأين يذهب؟؟

هذا "الصيام" هو مجرد جوع، أو تجويع، لكن جسمك كل يوم يأكل كمية كبيرة من اللحم!!... إضافة للحوم الناس التي نأكلها في الغيبة والنميمة!

وفي هذا خطورة بالغة عند أكثر الناس لأن أكلهم ملوث بالمصنعات والمعلبات والملوثات... كل هذه تختزن في دهون الجسم، وهي أول ما يتم هضمه عند "الصيام"... لذلك الله يرحم: "صوموا تصحوا"...........

 

الصيام الصحي المفيد، يجب أن تسبقه فترة تغيير كامل لطعامك، بعدها يمكنك أن تصوم تدريجياً...

 

 

سر الصيام

 

 

كلمة الصيام في علوم اللغات القديمة لها معاني عديدة ورائعة، ليس مجرد الامتناع إرادياً عن الأكل والشرب... كلمة الصيام أو الصوم لغوياً تعني القُرب... أي القرب من الله الأقرب من حبل الوريد الساكن في عرش القلب... ليس لها أي علاقة بالطعام والشراب، ولهذا الصيام عن الجوارح خير من الصيام عن الطعام.

 

أول شخص دخل في شيء اسمه صيام، كان إنساناً بسيطاً متأملاً عاش منذ عشرة آلاف سنة، لم يكن يمتنع عن الطعام والشراب أو يلتزم بأوامر ووصايا معينة كما نفعل نحن في جهلنا، بل كان ذلك الفقير لله في حال من أحوال الاتصال في التأمل والوصال... لقد كان هائماً منتشياً ممتلئاً بنور الله المكوّن وطاقة الأكوان...

لذلك مرّت عليه ثلاثة أيام متواصلة دون أن يرغب بطعام أو شراب...

 

وكذلك الحبيب محمد... شهر رمضان شهر أُنزل فيه القرآن... تخيّل شخصاً موصولاً ويأتيه الوحي الإلهي والنور السماوي والآيات البيّنات بكل هذه الهالة الهائلة، فهل يحتاج إلى طعام أو ماء؟ معه كل مفاتيح الأرض والسماء، فهل يهتم بحاجة الجسد هذا الإناء؟

 

كان في مستوى من النور والحضور لا يحتاج معه إلى حاجات الجسد لفترة ما، تحددها طبيعة الجسد والساجد فيه... كان يستمد طاقته مباشرة من المدد، فما حاجة الجسم للغذاء؟ الغذاء مجرد طاقة واليوم العلم الحديث يرينا كيف بعض الناس يمكنهم البقاء شهوراً معتمدين فقط على طاقة النور الموجودة في الهواء.

 

هذا كان في زمان الرسول والصحابة... أما اليوم في زمان البترول وقانون الغابة، أصبح "الصيام" فريضة مفروضة بالإكراه والإجبار من قِبل رجال الدين... وكلما زادت ثروة الشخص تجده يفرض على نفسه وغيره الصيام بشدة وتعصب أكثر... كأن في هذا تعويضاً نفسياً عن ترفه وجشعه... أو أنها تجارة مع الله مثلما اعتاد أن يعيش حياته في التجارة والشطارة... "رُبَّ صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش"...

 

عدة ديانات تفرض الصوم وأحياناً بقسوة معتقدين أن في هذا تقرباً من الله... كيف يمكنك الوصول إلى الله بتجويع الجسد؟ ما هذا المنطق الخالي من المنطق؟

هل هناك أي علم وراء هذا الجوع القاسي المفروض؟

هل تعتقد أن الله يريد أن يعذبنا ويستمتع بألمنا، ويشاهد الناس جياعاً يحلمون بالطعام، وأجسامهم تضمر وتمرض؟

 

طبعاً لا.... الله يريد لكم اليُسر ولا يريد لكم العُسر... ولجسدك عليك حق...

الرحمن الرحيم... والعزيز الكريم... يريد لك أن تمتلئ به وبنوره... وعندما تمتلي تكتفي... تستوي وتنطوي.. عندها قد لا تشعر بحاجة للطعام لبضعة أيام...

 

وخصوصاً صيام الأيام الثلاثة البيض، التي تتوسط كل شهر هجري أي قمري... تكون فيها طاقة البدر ليلاً مكتملة في ذروتها فتغنيك عن الغذاء، وإذا أكلت في مثل هذه الليالي المنيرة سيمرض جسمك وأجسامك الشفافة أيضاً...

 

هذا هو صيام العارفين والعلماء... وما أكبر الفرق بين الصيام عن علم أو الجوع عن جهل.... ونومٌ على علمٍ خيرٌ مِن صلاةٍ على جهل...

 

 

الصيام الداخلي والصيام الخارجي

 

 

راقب نفسك عندما تصوم... ستعتقد أن صوتك الداخلي يقول لك أن تصوم، هذه هي الشرائع والكتب وأصحاب الدين، لكن الدين الحيّ فيك يقول: "أنت جائع، اذهب وتناول الطعام!"، فتعتقد أن هذا الصوت خارجي وأن الشيطان يفتنك ويغويك ويلهيك... يدفعك إلى فعل شيء حرام... ما هذه الحماقة؟

أصحاب الشرائع المشرّعة بالجهل هم الذين دفعوك منذ البداية إلى شيء مفروض غير طبيعي وحرام!... لا يوجد أي شيطان.... لكن بعض القوى الشيطانية تستغل الإنسان باسم الله والأديان...

 

الجوع يأتي عفوياً وهذا صوتك الداخلي الأصلي... كل خلية فيك تنادي وتصرخ: تناول الطعام!.... لكنك تقول لنفسك: "هذه فتنة وفكرة خارجية، لا بد أن الشيطان يوسوس لي... أو هذه مجرد رغبة، الجسد يرغب بالطعام وهذا الجسد فاني لا قيمة له، والآن روحي تقوم بالصيام لكي تتطهر وتتطور"...

 

الروح "تصوم"؟؟؟؟

الروح أصلاً لا تحتاج إلى أي طعام، فكيف تدخل في صيام عن الطعام؟

أنت بهذا تجبر جسدك على الجوع فقط وتخسر نعمة الصيام... الصيام عن الجوارح هو الصيام الحقيقي الذي يغذي الجسد والروح... ويمكنك أن تصوم هذا الصيام حتى وأنت تأكل الطعام...

 

لكن هناك صيام طبيعي أيضاً... راقب الحيوانات الطبيعية... كثير منها يصوم عن الطعام فطرياً دون أي خطبة أو وعظة!

إذا راقبت قطة أو كلباً، ستجد أنه عندما يشعر بتعب أو مرض سيتوقف عن الأكل.... صوته الداخلي سيوجهه وسيكون "صيامه" مفيداً وأصيلاً أكثر من صيامنا الذي فرضناه على أنفسنا بالتفكير والتكفير...

 

ما هذا المستوى الذي وصلنا إليه؟... الحيوانات لأنها لا تزال على اتصال مع الطبيعة تصوم وتسبّح الكون بصدق أكثر منّي... عندما يكون جسم الحيوان مريضاً فلا يمكنك أبداً إجباره على تناول الطعام، وإذا أجبرته سيستفرغ!

حكمة الجسم لا تحتاج الطعام في حالة المرض، لأنها توجّه كل الطاقة إلى عملية الشفاء، وعندما تحشو بطنك بالأكل ستذهب الطاقة إلى الهضم فيتأخر الشفاء...

 

أحياناً عندما يمرض جسمك، تلقائياً لن تشعر بالجوع...

وأحياناً عندما يقوى نورك، كذلك لن تشعر بالجوع...

 

عندما تشعر بهذا فلا تأكل... ليوم أو اثنين على الأكثر... لكن لا تأخذ على نفسك وعداً صارماً: سأصوم لمدة كذا يوم.... فمن يعلم إذا كنتَ ستجوع في المساء مثلاً؟

 

كن طبيعياً ومع الطبيعة... استفتي قلبك...

إذا أخبرك أن تصوم فصُم... وإذا أخبرك أن تأكل فكُل...

قلبك هو دليلك إلى ربك....

 

 

إذا كنت تريد فائدة صحية جسدية وروحية أكبر من جوع شهر (طبعاً في النهار فقط لا في الليل!) وإسراف الأكل طيلة 11 شهر ليل نهار، من الأفضل أن تخفض كمية طعامك وتحسن نوعيته وحُسن الاختيار... فما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه...

كثرة الطعام مثل قلته... وهي تضر الجسد وتضر الروح في هذا المعبد... ولذلك بدأ الناس بفكرة الصيام، لتخفف قليلاً من أعباء وعناء الجسد المحشي بالطعام...

 

اعتني بجسدك واهتم بهذه الأمانة... البِطنة تُذهِب الفِطنة... والمجاعة تختلف عن القناعة... جسدك مسجدك وأنت بحاجة إلى هذه الوسيلة لكي تتحرك... حتى لو كنت تريد الذهاب إلى الله سوف تحتاجه... فكن أميناً عليه بصدق ولجسدك عليك حق.

أضيفت في:27-7-2009... حياة و موت> عبادة و تعبّد
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد