موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

ارحموا أنفسكم يرحمكم من في السماء!

HTML clipboard

إذا لم تكن تحب نفسك فلن تقدر أبداً على حب الآخر...

إذا لم تكن لطيفاً مع نفسك، فلن تكون لطيفاً مع أي أحد...

وأولئك الزاهدين أو بعض رجال الدين المعذبين لأنفسهم بقسوة،

ببساطة يتظاهرون باللطافة والرحمة تجاه الآخرين... وهذا من المستحيل.. لا جسدياً ولا نفسياً.

إذا لم تكن حنوناً ولطيفاً مع نفسك، فكيف ستعامل الآخرين بحب؟

كيفما تكون مع نفسك ستكون مع الآخرين.. لنتذكر هذا المثل جيداً..
إذا كرهتَ نفسك ستكره الآخرين، وقد تم تعليمك أن تكره نفسك....
لم يقل لك أي أحد: "أحب نفسك!"... الفكرة بحد ذاتها تبدو سخيفة.. أحب نفسي؟
كيف سأحب نفسي؟؟؟...
إننا دائماً نفكر بأن حب شخص ما يحتاج لشخص آخر..
لكنك إذا لم تتعلمه مع نفسك فلن تقدر على حب الآخرين.

لقد قالوا لك مراراً وتكراراً وبرمجوك على أنك عديم القيمة...
من كل حدب وصوب قالوا لك أنك لا تستحق شيئاً
وأنت لستَ على ما يجب أن تكون... لستَ مقبولاً كما أنت...
هناك كثير من عبارات "يجب" تملأ رأسك، وهي تقريباً مستحيلة التحقيق
وعندما لا تقدر على تحقيقها وتفشل بها، ستشعر بالإدانة...
وتظهر كراهية عميقة في نفسك تجاه نفسك

كيف يمكنك حب الآخرين على هذه الحالة؟
إذا كنت مليء بالكراهية أين ستجد الحب؟
لذلك سوف تتظاهر فحسب، ستمثل أنك واقع هائم في الحب..
عميقاً داخلك لستَ واقعاً في حب أي شخص، لأنك لا تستطيع.
لكن تلك التمثيليات جميلة ومفيدة لبعض الأيام
ربما حتى ينتهي شهر العسل
بعدها تختفي كل الألوان..
ويفرض الواقع نفسه

كل علاقة حب تسقط وتتحطم على الصخور
عاجلاً أم آجلاً، تصبح كل علاقة مليئة بالسموم
وكيف يحدث هذا؟... لأن كلا الطرفين يمثلان أنهما محبان
كلاهما يقول أجمل عبارات وإشارات الحب والغزل
الأب يقول أنه يحب ابنه، والابن يقول أنه يحب أباه
الأم تقول أنها تحب ابنتها، والابنة تقول أنها تحب أمها
والإخوة والأخوات كلهم يحبون بعضهم..
العالم بأكمله يتكلم عن الحب ويغني ملايين الأغنيات
لكن، هل تستطيع إيجاد أي مكان خالي من الحب مثل هذا العالم؟!
لا يوجد أي ذرة من الحب في عالمنا.. وهناك جبال مكدسة
من الكلمات والأغاني وقصائد الشعر والنثر وكل أنواع الفن عن الحب المرحوم...

يبدو أن كل هذه القصائد مجرد تعويضات
لأننا لا نستطيع أن نحب، نحتاج لكي نؤمن نوعاً ما
من خلال الشعر والغناء بأننا نحب...
كل ما نفتقده في الحياة نضعه في قصائد الشعر
أو نضعه في فلم أو رواية.. وهذه هي الأفلام المناسبة للعرب، التركية والمكسيكية
الحب غائب تماماً، لأن الخطوة الأولى لم تؤخذ بعد

الخطوة الأولى هي: اقبل نفسك كما أنت
ارمي كل كلمات "يجب" و"يجب ألا"
لا تحمل هم أي واجب على قلبك!
ليس عليك أن تصبح كشخص آخر...
وليس عليك أن تفعل شيئاً لا ينتمي إليك
ليس عليك إلا أن تكون نفسك...
استرخي بهدوء وارجع إلى ذاتك
كن محترماً لفرديتك... وكن شجاعاً لترسم توقيعك الخاص بك
لا تستمر بنسخ تواقيع الآخرين

لستَ مخلوقاً لكي تصبح نبياً ما أو مسيحاً أو بوذا...
ليس متوقعاً منك إلا أن تصبح نفسك ببساطة
من الجيد أن محمداً لم يحاول أبداً أن يصبح شخصاً آخر
لذلك أصبح محمداً...
ومن الجيد أن المسيح لم يحاول أبداً أن يصبح مثل ابراهيم أو موسى
لذلك أصبح مسيحاً...

عندما لا تحاول أن تصبح شخصاً آخر، عندها فقط ستسترخي
وتهبط عليك نعمة كبيرة...
ستمتلئ بالعبير والروعة والهناء
لأنه لم يبقى أي صراع وعناء!
لم يبقى هناك مكان تذهب إليه، ولا شيء تصارع لأجله
لا شيء تجبره على نفسك بعنف...
فتصير نوراً من البراءة

في تلك البراءة ستشعر بالرحمة والمحبة تجاه نفسك
ستشعر بسعادة فائقة بنفسك، لدرجة أنه حتى لو أتى الله وطرق بابك
وقال: "هل تريد أن تصبح شخصاً آخر؟"...
ستقول: "هل جننت؟ أنا كامل مكتمل! شكراً لك
لكن لا تحاول معي أي شيء كهذا
أنا كامل كما أنا الآن وفي كل آن"

في اللحظة التي تستطيع فيها إخبار الله أنه:
"أنا كامل كما أنا... أنا سعيد كما أنا..."
هذا ما يسمى الثقة المطلقة...
عندها فقط تكون قد قبلتَ نفسك وقبلتَ خالقك...
أما إذا نكرتَ نفسك ستنكر خالقك

إذا ذهبت لتشاهد لوحة لبيكاسو وقلت:
"هذا خطأ وذاك خطأ... وهذا اللون يجب أن يكون هكذا..."
أنت بهذا تنكر بيكاسو
وبمجرد أن تقول: "عليّ أن أصير هكذا"
فأنت بهذا تحاول تحسين الله وعمله!!
أنت فعلياً تقول: "يا الله لقد ارتكبتَ عدة أخطاء
كان عليّ أن أكون شيئاً ما، وأنت خلقتني شيئاً آخر؟"
هل أنت أفضل من الخالق؟!!
من المستحيل أن تحسن ما قام به.. وصراعك دون جدوى
ولا بد أن تفشل مهما حاولت

وكلما فشلتَ، ستكره أكثر
كلما فشلت، ستشعر بالإدانة أكثر
وستشعر بنفسك ضعيفاً عقيماً...
وفي هذه الكراهية والإدانة والضعف، كيف يمكن للرحمة أن تنبع؟
الرحمة تنبع عندما تكون مستقراً تماماً في كيانك
عندما تقول: "نعم... هذا هو ما أنا عليه كاملاً مكتملاً كما أنا"
لم يبقى عندك مثاليات لتحققها ولا قدوات
وعندها مباشرة يتحقق الرضى وتتغير الحياة

إن الورود تتفتح بجمال أخاذ لأنها لا تحاول أبداً أن تصير ياسميناً
وأزهار الياسمين أيضاً جميلة لأنها لا تحاول أن تصير وروداً
ولم تسمع أي معتقدات وأساطير عن أنواع الزهور الأخرى...
كل شيء في الطبيعة يسير بتوافق وتناغم جميل
لأنه لا شيء طبيعي ينافس أي شيء آخر
ولا شيء يحاول تقليد شيء آخر..
كل شيء كما هو عليه

فقط شاهد النقطة المقصودة!
فقط كن ذاتك فحسب وتذكر أنه لا يمكنك أن تكون ذاتاً أخرى
مهما حاولت وبذلت... كل الجهود فاشلة...

هناك فقط طريقان: الأول هو الرفض،
تستطيع البقاء كما أنت مع الإدانة ولن تغير شيئاً...
الثاني هو: القبول، الاستسلام، الاستمتاع والابتهاج... وكذلك تبقى كما أنت
لكن أسلوبك وموقفك من نفسك يختلف.
ستبقى كما أنت مهما حاولت، نفس الشخص تماماً...
لكنك حالما تقبل، ستنبع الرحمة...
وعندها تبدأ بتقبل الآخرين!

هل لاحظتَ: من الصعب جداً أن تعيش مع قديس...
يمكنك أن تعيش مع شخص عادي أو مذنب
لكن لا يمكنك العيش مع قديس أو شيخ عظيم
لأن القديس سيلومك ويدينك باستمرار ليل نهار
بحركات جسمه، بعينيه، بطريقة نظره إليك وكلامه معك
وفي الواقع القديس لا يتكلم معك مطلقاً، بل يتكلم عليك!
لا ينظر أبداً إليك كما أنت، بل في عينيه دائماً مثاليات ما
تحجب نظره ويحاول فرضها عليك...
فلا يراك مطلقاً...
لديه صورة شيء بعيد عنك كثيراً فيقارنك به..
وطبعاً، ستفشل وتضعف أمامه
مجرد نظرة منه ستجعلك زانياً ومذنباً

من الصعب جداً أن تعيش مع قديس
لأنه بالأصل غير قابل لنفسه، فكيف يمكنه أن يقبلك؟
لديه داخله عدة نواقص وملاحظات عليه تجاوزها
وطبعاً سيرى نفس الأشياء فيك لكن مكبرّة عدة مرات

لكن بالنسبة لي، القديس هو فقط الذي قبل نفسه
وفي قبوله هذا قد قبل كل العالم...
تلك الحالة الفكرية هي كل القداسة: القبول التام
وهذا فيه دواء وشفاء وهناء...
بمجرد أن تكون مع شخص يقبلك تماماً
ستبدأ روحك وجسدك بالتعافي.. ويا شافي...


 

أضيفت في:17-6-2010... الحب و العلاقات> ما هو الحب ؟
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد