موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

كيف أصبح السيد على جسدي وعلى طاقتي الجنسية؟

الجواب داخلك ليس خارجك... إن مجرد التفكير بالمصطلحات الثنائية جداً خطير... أن تقسم نفسك إلى اثنين يعني أن تسير نحو الانقسام ومرض الانفصام... أنت واحد وكيان واحد! فكيف يمكن أن يكون هناك سيد وعبد؟ مجرد هذه الفكرة سم قاتل للوعي والروح، وقد سممت البشرية فعلاً عبر العصور..... لا تقم أبداً بتقسيم نفسك، وإلا ستعيش في صراع وحرب أهلية داخلية تتقاتل فيها مع نفسك، وهذا هو قمة الغباء.

إن قتال المرء مع نفسه يعني هدر الطاقة دون فائدة.. ضياع كبير وخسارة هائلة.. الطاقة نفسها يمكنها أن تصير أعظم بهجة واحتفال ينقلك من حال إلى حال.

لا تتعلم أبداً كيف تصبح السيد على طاقتك الجنسية! بل تعلّم أن تبقى كياناً واحد موحد، كيف لا تقسم نفسك على نفسك..... لا تقسم ذاتك أبداً إلى الجسد، الفكر، الروح، المادة، الأدنى، الأعلى، السفلي، السماوي، النجس، المقدس، الدنيوي، الأخروي! لاااا تقسم!! هذه مجرد تسميات مختلفة والمرض يستمر كما هو... التقسيم هو المرض.

وحالما تقسم نفسك، ستصبح في جدل واحتكاك وصراع... وعندها تختفي الفرحة والاستمتاع... فتصبح الحياة مأساة ومعاناة... ولن تقدر على تحقيق أي نصر.

كيف يمكنك أن تنتصر على نفسك؟ هذا مستحيل... لذلك تجد أن رجال الدين والرهبان والشيوخ العظام يحملون الحزن والآلام... حياتهم كلها عقيمة دون قيمة.... وما هو أساس ذلك؟ أين أضاعوا ذاتهم وفاتهم القطار؟ لقد قاموا بتقسيم أنفسهم.

تعلّم أن توحّد الوجود داخلك وخارجك.. وابقَ متحداً دون انقسام... لا تفكّر أبداً أنك منفصل عن طاقتك الجنسية أو أي فكرة مشابهة... أنت تمثل تلك الطاقة تماماً! أنت طاقة جسدية جنسية.. أنت طاقة من الحب الفطرية... أنت ذلك الوعي والعفوية... أنت هو الجسد ولجسدك عليك حقّ... لديك العديد من مظاهر الوجود، وألماسة حياتك لها العديد من الوجوه البراقة، تلك الوجوه مجتمعة هي ما يجعل لك قيمة عظيمة أكبر من أي ثروة.

لكن هذه الفكرة تكررت واستمرت عبر العصور، وخاصة عن موضوع الطاقة الجنسية..

لماذا؟

لأن الجنس لديه أعظم جذب وطلب طبيعي عند الجميع، لذلك دائماً ما يجد الشخص المستكبر أن القتال مع الجنس موضوع شيق وجاذب... فلو قدر المرء أن ينتصر على رغبته الجنسية سيكون عندها رابحاً منتصراً عظيماً... ويبدو أن الجنس هو أعظم تحدي أمام المستكبر.

تذكّر، الجنس ليس تحدّي للإنسان المتدين الحقيقي أو الروحاني، فهو شيء طبيعي فطري من الله ومن الطبيعة.. الحياة بالنسبة له رضى وتسليم واسترخاء وقبول تام.... لكن عند المستكبر نجد أن الحياة هي تحدّي مستمر دائم... والتحدّي إما أن يأتي من الخارج أو يأتي من الداخل.... إما أن يكون عليه تسلق قمة الإيفرست، لأنها قمة جبل عالي جداً تقف هناك كتحدي هائل، هذا يجرح الأنا... ولا يوجد أي غاية أو فائدة من الوصول إلى الإيفرست.. فقط غاية واحدة هي أن الإنسان قدر على قهرها والوصول لها.

أو أن يلتفت المستكبر إلى داخله... هناك مستكبرون يذهبون في رحلات خارجية وهناك مستكبرون يذهبون في رحلات داخلية... والداخلية هي ما تجدها "الأنا" كأعظم تحدي لها في الطاقة الجنسية، فالانجذاب هائل عظيم وجبار لا يُقهر... قم بقتلها وقتالها!! لكنك بقتالها ستقوم ببساطة بتدمير نفسك، وستفقد أيضاً كل الجمال في الجسد وطاقته الجنسية.

ليس هناك أي حاجة لقهر وكبت الطاقة الجنسية، بل يجب استعمال الطاقة بطرق مبدعة وخلاقة... ليس هناك صراع فهذا كنز طبيعي عظيم... ويمكنك أن تحقق الكثير من خلالها.. في الواقع، كل ما يمكن تحقيقه متاح فقط من خلالها... نفس الطاقة على مستويات أخرى تتحول إلى طاقة حب وتتحول إلى صلاة وصِلة.

الشخص الذي يولد دون أي طاقة جنسية لن يكون قادراً على الحب، ولن يقدر على الشعور بالرحمة أيضاً، ولن يقدر على الصلاة أبداً... فالصلاة ما هي إلا الشكل الأعلى الأسمى من الطاقة الجنسية... إذا تصارعتَ مع الجنس، لن تقدر أبداً على تحويله إلى صلاة... الصراع لا يحوّل أي شيء... التحويل يحتاج للصداقة لا للعداء! فكُن صديقاً لجسدك وجنسك لا عدواً.. إنه طاقتك أنت.. إنه أنت.

لا تفكر بمصطلحات وكلمات السيد والعبد... استخدم هذه الطاقة الكامنة كطاقة مخزونة لك... طاقة خامة صرفة... يمكن تنقيتها وتقطيرها وتحويلها... يمكنها أن تصل إلى قمم أعلى لم تحلم بها يوماً.. ويمكن في النهاية أن تصلك بالصمد والواحد الأحد في كل لحظة.

لكن لا تبدأ أبداً بالعدائية.. ابدأ بالصداقة والقبول.. اقبل واستمتع وراقب... حاول أن تفهم الطاقة: ما هي؟ وما هو الانجذاب إليها؟ وما هي متعتها وبهجتها؟... النشوات الصغيرة المؤقتة التي تتاح لك من خلالها؟...

ماذا يحدث بالضبط عندما تمارس الحب؟ للحظة خاطفة يختفي الزمن... وفي تلك اللحظة من الأبدية تحصل على فرحة ومتعة عارمة... تلك هي لمحة من الأبد والصمد والصمدية الإلهية.

الجنس ليس عدوك، بل هو باب الوصول إلى الله... بالطبع، نجد أنه يفتح ويغلق... كل ما تراه من خلاله يضيع، لكن هذا ليس سبباً لأن تصير غاضباً منه... من خلاله فقط ستدرك وجود شيء ما غير دنيوي موجود في الوجود... إنه موجود، حتى في تلك اللحظة العابرة التي تضيع أنت فيها تماماً... وتتوقف الأنا عن العمل.... لقد كنتَ متمدداً دون حدود وقيود... تلك اللحظات من النشوة الجنسية هي اللمحات الأولى: بسيطة وبدائية غير ناضجة من تجربة الله والألوهية الحية.

إذاً، لا تفكر بأن تصبح سيداً على طاقتك الجنسية... ولا يوجد أصلاً أي طريقة حتى تصبح سيداً عليها... بالسيادة عليها قد تدمرها... وبتدميرها ستدمر نفسك أنت ولا أحد آخر.... حالما تدمّر طاقتك الجنسية ستصبح حياتك جافة قاحلة دون عصير ودون طعم كالصحراء... لن يبقى فيها ورود وأزهار وعصافير... ولن تبقى أنت واحة غنّاء من الهناء.... ستعيش نوعاً من الموت وتحمل الكفن معك أينما ذهبت بانتظار يوم الدفن.

اقبل واذهب مع هذه الطاقة.. استمع بإصغاء لرسالتها ومعانيها.. كن صامتاً تماماً... الجنس مقدس وليس منجس! ..عندما تدخل إلى محرابه فأنت تدخل إلى أعظم مسجد ومعبد في الكون... قدماك تسيران على أرض طاهرة مطهرة، فاترك كل فكرك وأفكارك وقلقك بعيداً..... ادخل إليه راقصاً محتفلاً، مع الشكر والحمد والصلاة... وستخرج منه متجدداً منتعشاً مولوداً من جديد.. حاملاً لنظرة ورؤى جديدة، وحدس قوي وبصيرة مفتوحة.

أضيفت في:19-11-2013... الحب و العلاقات> الجنس و التأمل
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد