موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الطريقة المناسبة للتصرف مع دكاترة الجامعة المتحجرين

كل الناس مخدوعون بأنفسهم... لا أحد يعرف نفسه، ولذلك يقوم بمضاعفة وتضخيم شخصيته وأناه ومعارفه، خاصة أصحاب الألقاب والشهادات التي تملأ الجدران..

معظم الدكاترة المدرسين في الجامعات والمعاهد عبارة عن مستحاثات متحجرة منذ عشرات السنين، باقون في مهنة التدريس لأجل المال أو السمعة فقط، عداك عن انتشار قبض الرشاوي والشقراوات لكي تنجح في المواد!... فكيف تتصرف مع أبو شهادات؟

قال أوشو مرةً: وجدتُ أن أحد البروفسورات في الجامعة لم يقرأ أي شيء بعد أن تخرج من جامعته منذ ثلاثين سنة... كل شيء يقوله في محاضرته قد عفا عليه الزمن... وكانت مادته هي علم النفس، وهو علم يتضخم ويتطور بسرعة كبيرة.. في ثلاثين سنة، كل شيء كان صحيحاً أصبح في سلة المهملات... لكن البروفسور لا يزال يكرر ويقتبس من الكتب التي قرأها قبل أن يتخرج.

من الطبيعي أن يكون عنده مشكلة معي، لأنني كنت أقرأ أحدث الكتب وأقتبس من أحدث الأبحاث... كان رجلاً فقير الروح، لم يقدر حتى على قول: "سامحني، فأنا غير مطلع على هذه الأبحاث".... ولكي يحافظ على الأنا عنده، كان يقول: "نعم لقد رأيت ودرست تلك الأبحاث"... لكنه لو كان رأى تلك الأوراق أو الكتب التي صدرت للتو، لما كان سيُدرّس نظريات قديمة ميتة منتهية الصلاحية عن فكر الإنسان والوعي البشري.

ذهبت إلى رئيس الجامعة لأنقل له تقريراً عنه وقلت له: "يجب وضع قانون يلزم كل بروفسور مدرّس أن يمضي ساعتين على الأقل كل يوم في المكتبة".

قال لي: "لا يوجد أي قانون مثل هذا في أي جامعة.. وسوف يعترض كل الدكاترة عليه.. لماذا تقول هذا؟"

قلت له: "كل الدكاترة هنا تم تعليمهم منذ عشرين سنة ماضية، ثلاثين سنة، وكل ما يعرفونه لم يعد له قيمة... لقد كنتُ أتفقد المكتبة، أي من الدكاترة يستعير ويقرأ الكتب منها... وهذا البروفسور المحدد الذي أخبرك عنه، لم يأخذ حتى كتاباً واحداً من المكتبة.. لم يدخل إليها مطلقاً"..

ومكتبة الجامعة كانت غنية جداً وحديثة فيها كل الكتب الصادرة مؤخراً وتجلب كل الكتب باستمرار، لأن الرجل الذي أسس المكتبة كان مثقفاً جداً وأحب الكتب أكثر من أي شيء آخر.

لذلك أخبرت رئيس الجامعة: "استدعي هذا البروفسور هنا أمامي وسأريك لماذا أطالب بهذا... وإذا لم ترد عليّ، عندها سأذهب إلى إتحاد الطلبة وأتكلم مع كل الطلاب لكي يقاطعوا كل البروفسورات الذين لا يذهبون إلى المكتبة ساعتين على الأقل".

كان الرئيس يعرفني، يعرف بأنني أقدر أن أنجح بذلك، لذلك قال: "لا داعي لكل هذا.. اجلب ذلك البروفسور هنا"

قلت له: "لن أقوم بجلبه.. أنت اتصل به، وأنا جالس بانتظاره هنا"

اتصلَ بالبروفسور فأتى... وهنا قمتُ باختراع اسمين وهميين من علماء النفس، واسمين وهميين لكتابين لم تتم أبداً كتابتهم ولن تتم أبداً.. وسألتُ البروفسور: "هل قرأتَ هذه الكتب؟"

أجاب: "يا الله! كيف قدرت أن تكتشف ذلك؟ إنهما على الطاولة في البيت.. لقد كنت أقرأهم وهما من أحدث الكتب الهامة في علم النفس الحديث"

وقلتُ لرئيس الجامعة: "كل من هذين الاسمين والكتابين وهمي مزيف، غير موجودين أبداً... والآن أخبر هذا الرجل أن يذهب ويجلب هذين الكتابين إلى مكتبك، فهما على الطاولة في منزله"

وهنا خاف البروفسور... من أين سيجلب هذين الكتابين المزيفين؟!! وقد قال أنهما على طاولته وكان يقرأ فيهما وأنها كتب عظيمة.

قلت: "هذه هي الحالة: هؤلاء هم الأشخاص الذين يدرّسون هنا، وطلابهم سيصبحون بروفسورات في المستقبل، وسوف يكملون بتجارب مهترئة عمرها خمسين سنة فشلت تماماً وتم استبدالها بأفكار جديدة"

قال الرئيس: "أنا أستسلم وأقبل معك"... وقام بوضع قانون إجباري يلزم كل بروفسور أن يذهب للمكتبة ويدرس أحدث المجلات والكتب والدوريات ويبقى على اطلاع مستمر.

كان البروفسورات غاضبين، كلهم غاضبين مني، لكني قلت لهم: "الغضب لن ينفع في شيء... أنا أتفقد المكتبة كل يوم، من يذهب إليها ومن لا يذهب... بالنسبة للذين لا يذهبون للمكتبة، سأقدم اعتراضاً إلى كل الطلاب في قسمهم، وعندها لا تقولون لي: أنت تصنع الفوضى.. فأنتم السبب في الفوضى أصلاً!"

تفاجأ مدير المكتبة.. أصبح كل البروفسورات يأتون ويقرؤون الكتب ويستعيرون منها إلى البيت.. لكن في اليوم الذي تركتُ فيه الجامعة، أخبروني أنهم أزالوا القانون... بعد سبع أو ثمانية سنوات، ذهبت لتلك الجامعة لإعطاء محاضرة.. ذهبت إلى المكتبة، وكان نفس الشخص هو المدير فيها... لم يكن فيها أي شخص يقرأ... سألته: "ماذا حدث؟"

أجاب: "هؤلاء البروفسورات لم يعودوا يأتون أبداً... بمجرد أن تركتَ الجامعة، تم إزالة القانون.. كانوا يأتون بسبب الخوف من أن تسبب لهم مشكلة... حتى رئيس الجامعة بدأ يأتي إلى المكتبة... لكن الآن لم يعد يأتي أحد"

يستمر الناس بصنع الخداع والأوهام ويخدعون أنفسهم ويضخمون الأخاديع... من دون التأمل لا يوجد أمل بأي وعي أو صحوة...

أضيفت في:10-12-2014... كلمة و حكمة> همسات من الحياة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد