<<<< >>>>

ماذا نفعل بعد التأمل؟

انتبه!!!

 

أكيد كل العلماء والمستنيرين الذين تكلموا عن التأمل يقولون أنك لا تحتاج إلى أكثر من عشرة دقائق أو عشرين دقيقة للتأمل يومياً. ولكن ماذا سنفعل بالثلاثة وعشرين ساعة وأربعين دقيقة الباقية؟

 

هل هذا يعني أننا نتأمل في الصباح وبعدها نبدأ بالحياة العادية؛ نذهب للعمل ونكذب ونسب ونغضب وننتقم ونفعل كل شيء للوصول لأهدافنا ومن ثم ترجع للبيت ونعيد التقنية التي تعلمناها مرة ثانية وننام ونصحا على نفس الحال...

 

سأروي لكم قصة لأحد الصوفيين؛ كان هناك حكيم صوفي كبير وله تلاميذ كثيرين ومن بين كل هؤلاء كان هناك تلميذ يحب هذا الاستاذ كثيراً. وفي يوم مرض فيه الحكيم، فذهب إليه التلميذ وقال: أريد أن أسألك سؤال يشغل بالي دائماً. فأجابه الحكيم: اسأل. قال التلميذ: ماذا أفعل لو انتقلت أنت للعالم الآخر؟ أنا لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونك! كيف ستستمر الحياة؟ فأجابه الحكيم: لا تخف أنت ستموت بعد شهرين من رحيلي.

 

ففرح التلميذ من هذا الجواب. إلى أن وصل اليوم الموعود وانتقل فيه الحكيم إلى العالم الاخر. بعد انتهاء من الدفن تذكر التلميذ ما قاله الحكيم فصار يسأل نفسه: ماذا يجب أن أفعل الآن؟ فأبصر الحكيم في منامه فقال: له ادفع ماعليك من ديون. فصار التلاميذ يفكر بالديون المادية والمعنوية ويدفع ويعتذر ويسامح ويعمل على تنظيف الفكر واستغرق كل هذا شهر.

 

 فابصر الحكيم مرة ثانية في المنام وقال له هذه المرة: أريد أن أخبرك أنه لا يوجد هنا شيء يشبه الأرض! هنا الأجواء مختلفة تماماً.

 

 والآن ماذا سأفعل؟ ما معنى هذا الحلم؟ اذا كانت الأجواء مختلفة فكيف سأستعد للعالم الآخر؟! ولكن خطرت له فكرة أخرى!! اذا كانت الأجواء هناك لا تشبه الأرض وهي مجهولة بالنسبة لي فالأفضل أن أستمتع بالاشياء التي أعرفها... أستمتع بالحياة... فصار ينظر إلى الطيور بشكل آخر وكذلك يلمس الأرض ويشرب الماء ويشم العطور ويعمل كل شيء وكأنه يودعها ويستمتع بها لأن هذا الشهر هو الفرصة الأخيرة لكل شيء...

 

 واو ما أجملك يا حياة...

إلى أن وصل اليوم الموعود ولكن لم يمت التلميذ!! وبعد يومين أبصر الحكيم في منامه فسأله: يا حكيم لماذا لم تفِ بوعدك؟ قال له الحكيم: هل جننت؟ هل تراني ملك الموت؟ فأجابه التلميذ: لا العفو ولكن ماذا سأفعل الآن من دونك؟ قال الحكيم: عش وكأنك ستموت.

حين تفكر بالموت سيختفي الماضي والمستقبل وستعيش اللحظة التي تملكها. هذه اللحظة هي الحال الوحيد الذي يمكنه أن يعطيك لحسة من الأبدية. إذن لنجعل كل لحظاتنا تأمل...

 

التأمل لا ينتهِي بعد انتهاء التقنية بل هو يبدأ بعدها...

أضيفت في باب:22-4-2008... > انــتــبـــه !!
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد