<<<< >>>>

الفطرة: علم تصفية الحب من كل سمومه وهمومه

الفطرة تعني البراءة والنقاء والحب الصافي بل أصفى درجات الحب...

الفطرة ليست فلسفة بل علم واختبار.. إنها علم تصفية الحب من كل سمومه وهمومه..

إذا كنتَ مغرماً مغموراً بالحب وأقصد هنا الحب الواعي طبعاً، فإن حبك سيساعد الآخر ليكون كاملاً متكاملاً رجلاً وامرأة سويةً حراً متحرراً.. حُبكَ بحد ذاته سيصبح دعامة وقوة تُوحّد الآخر مع ذاته... فعندما تُمطر سماؤك بكل هذا الحب الندي على الآخر سترتوي أعماقه ويتوحد كيانه.. الحب هو طاقة توحد طاقتك وتلملم أجزاءك المبعثرة وتجعلك كلاً واحداً حاضراً بكل كيانك.. إنه أعظم قوة قادرة على تحويل كل شيء كالخيمياء التي تحول الحديد إلى ذهب.. الحب النقي يحرر أرواحنا ويوحد ذاتنا ويرفعنا ويحملنا، ويطوف بنا.. يجعلنا نمشي بلا قدمين ونحلق دون جناحين..

ولأن الحب الواعي الفطري سيمنح الحرية للآخر، سيبدأ الآخر بالنمو والسمو في ظل حبك وتحت حمايته.. فكل نمو يتطلب رعاية ًوحُباً.. لكن حباً صافياً عفوياً فطرياً من دون أي شروط... وإذا كان للحب شروط فهذا النمو لن يكتمل، لأن تلك الشروط ستقفُ عائقاً في طريقه.. وعندها كيف له أن يُزهر؟

عليك بالحب دون أية شروط.. لا تنتظر أي شيء بالمقابل.. سيأتيك الكثير من تلقاء ذاته، لكن ذلك أمرٌ آخر.. عندها لن تكون بحاجةً لشيء أو لأحد ولن تنتظر شيء من أي أحد.. ولا حتى من الحياة نفسها.. أنت فقط تشارك بما يفيض عنك وعبر هذا التدفق والنهر المنهمر من أعماقك، ستشعر بالغنى والفيض والوفرة الحقيقية في داخلك..

فلا تكن متسولاً في الحب بل كن ملكاً مسرفاً... فقط قدّم الحب وشاهد ماذا سيحدث.. سيعود إليك آلافاً مضاعفة.. لكن على المرء أن يعود لفطرته المفقودة ويتعلم من جديد كيف يُحب، وإلا سيبقى بخيلاً يقدّم القليل وينتظر عودة الكثير الكثير....... انتظارك وتوقعاتك وأفكارك تلك تدمر كل جمالية وصفاء الحب.

عندما تنتظر وتتوقع شيئاً ما سيشعر الآخر بأنك تغشه.. لستَ صادقاً معه، قد يقول ذلك وقد لا يقوله لكنه يشعر بأنك تتلاعب به.. وما أن يشعر المرء بأن هناك تلاعباً ما سيثور ضده تلقائياً لأن ذلك يُخالف الحاجة الداخلية للروح، فأي مطلب من الخارج سيجعلك مفككاً مُنقسماً ومُستعبَداً...

أي مطلب من الخارج هو جريمة بحقك مهما كان، لأن حُريتك قد تلوثت وتم العبث بها.. وعندها لن تعود صافياً مُقدساً مُتدفقاً، لم تعد أنت الغاية بل الوسيلة ويتم استخدامك كأداة فحسب... وأكثر عمل غير أخلاقي في الحياة والعالم بأكمله هو استخدام شخص ما كشيء أو أداة.

كل إنسان هو الغاية النهائية لوجوده ونورٌ كافي لنفسه... الحب يُعاملك كغاية وألوهية حيّة.. ذلك هو دين الفطرة... لكن الفطرة دوماً خطرة.. لأنها تُعلّمك بأنك لم تُخلق لتُلبّي أية توقعات أو تُجرَّ بسلاسل وقلادات.

الفطرة هي الحب الذي يسمو للألوهية وهي أسمى أشكال الحب، إنها العلم الحقيقي، علم الحب والصفاء.

إذاً هناك بضعة أشياء عليك تذكرها جيداً: أحبّ، لكن ليس من باب الحاجة بل من فيض المشاركة.. أحب لكن لا تتوقع أو تنتظر شيئاً.. أعطي.. شارك.. أحب لكن تذكر أن على حُبك هذا ألا يتحول إلى سجنٍ للآخر... أحب لكن كن حريصاً جداً فأنت تمشي على أرضٍ مُقدسة، أنت تمضي نحو أعلى وأصفى وأقدس معبد وكنيسة ومسجد.. كن يقظاً!.. ارمي كل ما تحمله من نفايات وشوائب تُعكر صفاءك خارج المعبد، ثم امضي للداخل إلى قلب الآخر.

عندما تحب أحداً، فأحب هذا الإنسان وكأنه إله، ليس أقل من ذلك... إياك أن تُحبّ امرأة كامرأة، أو تحبّي رجلاً فقط كرجل لأنك إذا أحببتي رجلاً على أنه فقط رجل فإن حُبكِ سيكون عادياً معتاداً جداً، وإذا أحببتَ امرأة كامرأة فلن يكون حُبكِ أكثر من رغبة وشهوة جسدية، لن يصفو ويطفو ليُحلّق بك عالياً... أحبّ المرأة وكأنها آلهة، عندها يصبح الحب عبادةً.. صلةً وصلاةً..

مبادئ الفطرة موجودة في قلب الإنسان في كل الأديان منذ ألوف السنين، وفي الشرق لها حكمة عميقة وتقنيات روحية وجسدية حيث تدعى الفطرة بعلم التانترا... إذا أراد الرجل ممارسة الحب مع المرأة فعليه أولاً أن يحترمها فهي سيدة نساء العالمين... أن يُقدِّسها ويعبدها نوعاً ماً ويرى الألوهية المتجلية والأم فيها شهووراً قبل ذلك...

وعندما تصبح نظرته المقدسة لها كاملة ولا توجد لديه أي شهوة جسدية تجاهها، عندما يراها جالسةً أمامه عاريةً تماماً وببساطة يشعر بأن طاقة سماوية تداعب روحه فيهتز كيانه ويقشعر جسده لها لكن دون رغبة، ويصبح جسد المرأة وشكلها بحد ذاته شيئاً سماوياً مُقدساً، وتتوقف كل الأفكار ولا يبقى إلا شعور التبجيل والوقار.. عندها فقط يُسمح له بممارسة الحب معها.

قد يبدو ذلك سخيفاً قليلاً أو مُحيّراً متناقضاً.. فعندما لا توجد حاجة لممارسة الحب معها عندها فقط يسمح له بممارسة الحب معها؟ فقط عندما تصبح المرأة آلهة بالنسبة له يُسمح له بحبها؟!!

نعم لأنه فقط الآن صار من الممكن للحب أن يُحلّق عالياً... الحب يقدر أن يصبح ذروةً وأوجاً متصاعداً... ويحملنا لأبعد من سبع سماوات... الآن هذا الحب لا ينتمي إلى الأرض وهو ليس من هذا العالم، لن يكون بين جسدين بل بين كيانين، سيكون لقاءً بين كونين، روحان ستلتقيان وترقصان وتندمجان وتمتزجان وكلاهما ستخرجان من ذلك وحيدتين تماماً صافيتين...

 

الوحدة تعني الصفاء والفطرة.. إنها الخلوة حيث الجلوة..

الوحدة تعني بأنك فقط أنت ولستَ شخصاً آخر..

الوحدة تعني بأنك ذهبٌ نقي خالص، ذهبٌ فقط دون شوائب..

الحب يجعلك وحيداً..

عندها ستختفي العزلة والوحشة، وتتجلى الوحدة والفطرة..

 

أضيفت في باب:4-12-2013... > الجنس و التأمل
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد