موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

يقيني.... يقيني

حاول أن تكون أكثر استقراراً ويقظة في كل مكان وزمان...

حافظ على وعيك في مركزك...

ولا تدع شيئاً يشغلك يا إنسان...

لتحيا حياة صاحية وراضية... في الجنة هنا والآن....

 

ليس هناك مكان آخر لتذهب إليه

كل ما يجب أن يحدث، يجب أن يحدث في داخلك

لستَ لعبةً وخيوطها معلقة بيد شخص آخر يحركها كما يريد

الخيوط في يدك أنت وحدك... وبيدك القرار أيها المختار...

فانتبه أيها الإنسان لأنك فرد وكيان حر ومستقل تماماً

إذا اخترتَ العيش في الأوهام فهذا يعود إليك وعليك

وتستطيع الاستمرار بذلك المنام لأجيال وأجيال...

وإذا اخترتَ الخروج من الحلقة المفرغة، فلحظة يقظة

لحظةٌ من الصحوة والوعي تكفي لإيقاظك وانتشالك...

 

كان الشيخ العارف فريد يعيش في إحدى المدن، وكانت تعيش فيها فتاة جميلة جداً تدعى فاتنة...

فاتنة كانت راقصة وغانية، ففي تلك الفترة من الزمن كان هناك تقليدٌ منتشر وهو أن المرأة الأكثر حسناً وجمالاً في كل مدينة تُمنع من الزواج بأي رجل... كي لا يخلق ذلك الغيرة والتنافس والصراع بين الرجال... لذلك كان على تلك الفتاة أن تكون زوجة المدينة بأكملها.

ولم تكن هؤلاء النساء رخيصات أو بائعات هوى عاديات... بل كانوا يحصلون على كامل الاحترام، وكان زوارهم من الملوك والأغنياء والأمراء القادة والجنرالات أي الطبقة الرفيعة الدفيعة فقط من المجتمع.

 

في أحد الأيام كانت فاتنة الجذابة تطلّ من شرفة بيتها، فرأت شاباً عابداً ذا حضور لافت للنظر والقلب...

خطف بهاء هذا الشاب والوعي والدفء في وجهه وحتى طريقة مشيته قلبَ فاتنة، وهي التي لم تقع بحب أي أحدٍ من الرجال الذين أتوا إليها من قبل.

فخرجت فاتنة مسرعة نحوه وقالت: "لقد رأيتُ فيك كثيراً من الحب والجمال النادر... وأنا أدعوك للإقامة في منزلي لمدة ثلاثة أشهر"

فأجاب الشاب العابد: "سأذهب إلى شيخي وأسأله، فإنْ أذنَ لي بالإقامة عندك سأحضر وأسكن وأساكن"

وهكذا ذهب العابد إلى شيخه، سلّم عليه واحترمه ثم روى له ما حدث معه وقال: "لقد أخبرتها بأني سآتي إليك وأسألك أولاً... وها أنا ذا أمامك يا شيخي الحبيب... قابلاً جوابك مهما كان"

نظر الشيخ فريد إلى عيني الشاب وقال له: "اذهب إليها يا بني"

 

كان رد الشيخ صدمة كبيرة لكل الشبان الحاضرين، حيث ساد الصمت في المكان وبدأت انفعالات الغيرة والغضب تظهر على وجوههم بعد أن غادر الشاب ليذهب إليها... وبدأ الشبان يؤلفون الأقاويل والقصص وأصبحت قصة الغانية فاتنة والشاب العابد حديث المدينة بأكملها..

فجمعهم الشيخ وأمرهم بالتوقف عن ذلك والتزام الصمت...

فهو واثق كل الثقة بتلميذه، وقال:

"لقد نظرتُ في عينيه ولم أجد فيهما أي رغبة، وحتى لو أنني قلتُ له: (لا.. لا تذهب) فلن يشعر الشاب بأي فرق... لذا سمحتُ له بالذهاب وأنا واثق بوعيه وبعمق التأمل والصمت الذي يعيشه في داخله...

لكن انظروا الآن إلى أنفسكم أنتم... ما الذي جعلكم تثورون وتشكون وتقلقون هكذا؟؟؟ أية أفكار وأوهام؟؟؟"

 

بعد مضي ثلاثة أشهر، عاد الشاب وسلّم على معلمه، وبرفقته كانت فاتنة مستغنية عن ثياب العاريات ومرتديةُ ثياب العابدات... داخلها قبل خارجها... فتقدّمت إليه وسلّمت عليه وقالت:

"لقد حاولتُ جاهدةً أن أفتن تلميذك، لكنه هو الذي فتنني... لقد أقنعني بحضوره ووعيه وقلبه المتأمل بأن الحياة الحقيقية هي حياة الجماعة ويد الله فوق يد الجماعة لا في جيوب المجتمع والمنتجع..."

نظر الشيخ بصمت إلى جميع الشبان، وقد أحنوا رؤوسهم خجلاً...

وأصبحت فاتنة واحدة من المريدين المستنيرين

الذين عرفوا نفسهم فعرفوا ربهم...

 

عندما يصبح التأمل حياةً ونابعاً من الأعماق

عندما يصبح الوعي أكثر نضجاً وصفاء

وتختفي غيوم الأفكار من السماء

لن يستطيع أي شيء أن يعكر الأجواء

وستمتلئ حياتك سلاماً وهناء

 

أضيفت في:6-11-2009... بطاقات الحكمة> البطاقات
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع



 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد