موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

المخدرات العاطفية

لقد هبط الإنسان في هذا الزمان إلى أسفل السافلين... وأهم مصيبة وقع فيها هي التعلق بالأشياء الخاطئة.
في مكان ما من اللاوعي الجماعي، لا بد أن هناك فكرة الحصول على أجمل الأشياء في الحياة دون بذل أي عناء... وبالمقابل دفع الكثير للحصول على التوافه والكماليات.
لقد صرنا نعبد ونكرر الأغاني وكلمات المطربين ولاعبي كرة القدم ونجوم الأفلام والسياسيين ورجال الدين... ولا نقدر أي شيء من العلم والحكمة.
هذه الحالة حقاً تثير الشفقة... فكيف يمكن أن نفهم ونقدر جمال الفيض الإلهي الكوني ونعيده إلى المصدر، بينما نحن في هذا الفقر؟
ما هذه العراقيل التي وافق الإنسان عليها، ودفنها في اللاوعي؟
 

بداية سأتحدث عن ظاهرة الإدمان أو التخدير العاطفي... وهي فعلاً مخدرات بكل معنى الكلمة، ليست حبة كيميائية بل لعبة نفسية عاطفية.. وعواقبها رهيبة ومخيفة.
أتى إلي منذ فترة أحد الرجال الكبار "المهمين جداً".. جالباً معه ابنه الشاب الوحيد الذي يعاني من حالة اكتئاب وانطواء مستمر، فلا يرغب بالدراسة أو الخروج من البيت والحديث مع صديق، وكان وقتها على أبواب البكالوريا التي ترعب الطلاب لأنها كما يقولون "تحدد مصير الشخص ومستقبله".... باختصار، كان الشاب هادئاً لطيفاً ولا يعاني شيئاً في جسده لكن نفسيته محطمة نوعاً ما ولا يتحدث كثيراً... وكان الأب فعلاً متواضعاً ومثقفاً منفتح الذهن، أثناء الحديث قال أن في بيته كتب من كل الأديان والألوان وهو غير متعصب، لكن زوجته لا تقرأ... تمضي أعظم وقتها على التلفاز.. وماذا تشاهد؟ المسلسلات التركية... وقد توقعت ذلك قبل أن يقولها...
وهكذا نفسية الأم غير المتوازنة عاطفياً ومخاوفها وتعلقاتها انعكست على ابنها ونفسيته...


هذه المسلسلات التركية والمكسيكية وغيرها هي أكثر المخدرات العاطفية انتشاراً وتأثيراً اليوم، خاصة عند العرب، إضافة إلى أغاني الفيديو كليب وفيروز وأم كلثوم مع محبتي لهما... كنت أسمع وأعزف بعض أغانيهما الجميلة منذ سنين، لكن انتبهت منذ زمن لتأثيرها خاصة عندما تتكرر... صارت فيروز تبيع قناني الغاز في سورية (كنداء على سيارات التوزيع) فتجبر على سماعها كل يوم!.. وقد قال لي أحدهم أنهم يضعون أغانيها في الجيش إجبارياً كل صباح؟!... وأم كلثوم كانت ولا تزال أغانيها تخدر ملايين العقول العربية ولمدة ساعات... ويسمّون هذا طرباً وسكراً وإلى ما هناك من تغطية جميلة لمرض الإدمان العاطفي.
 

الأشياء العظيمة ذات القيمة ليست مدفونة في اللاوعي، بل هي تنكشف لك عندما ترتفع أعلى من الوعي إلى الوعي الفائق.


الشيء المدفون في اللاوعي هو الذي يجعل حياة الإنسان غبية جداً: لذلك تراه يهتم كثيراً لكلمات لاعبي كرة القدم أو للمثلين، ولا يستمع أبداً لكلام الحكماء.
اللاوعي هو سقيفة الفكر.. المخزن المهجور.. هناك عدة أشياء مدفونة في لاوعيك وهي تعبّر عن نفسها من خلال وعيك.... مثلاً، تجد أن ملايين الناس يشاهدون مباريات الملاكمة وكرة القدم والمسلسلات التركية وتراهم يهيجون ويستمتعون فعلاً، ولا يفكرون أبداً بالذي يشاهدونه...
في الملاكمة لا يشاهد الناس إلا العنف... لكن هناك استمتاع، لأن هذا تعبير عن العنف المخبأ داخلك.


لقد نجح المجتمع وتحكم بالإنسان لكن بطريقة خاطئة تماماً... وكانت فكرة المجتمع: إذا تم دفن شيء ما في السقيفة، في ظلمة اللاوعي، فأنت بذلك تنتهي منه..... لكن هذه ليست حقيقة، وأنت لن تنتهي منه بهذه الطريقة.. سوف يعود ويظهر بشكل مختلف، ومع انتقام، وسيستمر بالتكدس.
غضب صغير لا يشكل أي مصدر للقلق لأنه يأتي ويذهب... لكنك إذا بقيتَ تكبت الغضب، ستأتي نقطة يصبح فيها مثل البركان الجاهز للانفجار مع أي عذر...
كان الكبت هو الطريقة السائدة عبر التاريخ، للمحافظة على الإنسان "متحضراً" نوعاً ما.. لكن في الواقع، هذا كان سبب بقاء الإنسان متحضراً ظاهرياً فحسب، بسماكة رقيقة كالجلد... فقط اخدش شخصاً ما قليلاً وستجد الحيوان البدائي الهمجي البربري مخفياً داخله.


بطريقة خفية، كل الألعاب التي تشاهدها، هي إرضاء لرغبتك بأن تكون منتصراً... وفي الأفلام والمسلسلات تشاهد العنف، الجريمة، الاغتصاب، التجسس والحرب... وأي فلم لا يحتوي على الإجرام والاغتصاب والعنف، يبدو أنه لا يجذب أي مشاهد.... هذه هي المكونات الأساسية التي تجذب البشر!
رغباتك في اللاوعي تنتظر التحقيق والإشباع، وهذه الألعاب والمسلسلات والأغاني طريقة بديلة لإشباعها... وأنت في المسلسل تتعلق وتتقمص دور المجرم، أو ربما الضحية... تتقمص دور المغتصب أو المغتَصبة الضحية... وبهذا يحصل تحرير صغير لشحنات عواطفك، وتدمن عليها.... هذه هي فرحتك بمشاهدة المسلسلات والأفلام وقراءة الروايات.


تمت عدة دراسات وإحصائيات حول الجرائم ومباريات الملاكمة وكرة القدم، فوجدوا أنه بعد كل مباراة يرتفع عدد الجرائم 14% أكثر من المعتاد خلال الأسبوع التالي للمباراة.
ماذا يحدث؟... الأشياء التي كانت مخبأة... عندما يرى الشخص العنف في الملاكمة والمنافسة في المباريات، يبدأ العنف والطمع داخله بالظهور، وهذا العنف يزيد أعداد الجرائم 14% أكثر من المعتاد... وتستمر الزيادة طوال أسبوع حتى تعود لتنخفض.
والآن الحكومات كلها تعرف هذا، تعرف أن مباراة الملاكمة يجب أن تمنع لأنها جريمة وشيء ضد القانون والبشرية... لكنها لا تمنعها لأن المباريات تجلب كثيراً من المال للحكومة وشركات الاتصالات والمواصلات والشرطات... وكل الطات طات طات.... ويبدو في هذا الزمان أن أي شيء يصير قانونياً إذا جلب معه المال والرأسمال.


في اللاوعي، لن تجد القيم الحقيقية، لأنه لم يقم أحد بكبتها.... القيم الحقيقية لا تحتاج لأن تكبتها لأنها ليست ضد أي شخص، ولا تؤذي أحداً أبداً... إنها صفات الحب والرحمة... لكن الإنسان لم يختبرها بعد، لأنها أعلى من مستوى الفكر الواعي.
عليك أن ترتفع أعلى من الفكر والوعي لتحصل على لمحة من جمال عالم القيم الحقيقية: الحق والحقيقة، الصدق والإخلاص، الحب، المودة، الرحمة، التعاطف، الحساسية، تقدير الجمال والنعمة... كل هذه الكنوز مصطفة هناك بانتظارك.
لكن المجتمع قد وضعك في صراع مع اللاوعي، مجبراً كل إرثك الحيواني على الاختفاء في اللاوعي، وصار عليك دوماً أن تكبته هناك... وليس صحيحاً أنك بدفنه ستنتهي منه، بل سيستمر بالعودة وطلب الظهور.
ولا يوجد في حياتك أي شيء آخر... لا شيء من الإبداع ولا أي نوع منه، حيث يمكن أن تعمل طاقتك.. بهذا لا يبقى أي طاقة يستطيع اللاوعي استخدامها... وصرنا في حالة غريبة ماتت فيها كل أبعاد الإبداع والحياة.


لا أحد يتحدث عن الوعي الفائق في أنظمة التعليم السائدة... والشيء الوحيد الذي يذكرونه هو الفكر الواعي، وأن الطريقة الوحيدة للتخلص من أي سم هو دفنه في الدسم، وإخفاؤه في اللاوعي.
الإستراتيجية بأكملها خاطئة.... لهذا وصل المجتمع البشري لهذه الحالة الخاطئة، حيث تجد الناس أحياء وليسوا بأحياء... بل أقرب للجثث السائرة الحائرة.... من المهد إلى اللحد، تراهم ببساطة يموتون يوماً بعد يوم ببطء... موت بطيء، يستمر طوال سبعين عام... لا يمكنك أن تدعو هذا حياة، لأنها خالية من الأزهار والأغنيات والجمال...
أنت لا تقوم بإثراء الحياة... وتذكر هذا القانون الأساسي:


ما لم تثري الحياة، فلن تحصل عليها


إذا كان عندك حياة، فعليك أن تثريها وتزيدها... عليك أن تترك العالم بصورة أفضل مما وجدته عليه...

لكن الآن يبدو أنك ستترك العالم بظلمة وكآبة وحزن وبؤس أكثر...
 

يجب التخلي عن الإستراتيجية القديمة تماماً، دون أي استثناء.
ويجب تذكر بعض الأساسيات:
اللاوعي ليس لديه أي طريقة ذاتية لتحرير أي محتوى بشكل مباشر... ليس لديه أبواب، بل هو سقيفة... ولكي يخرج أي شيء منه، عليه أولاً أن يأتي إلى الفكر الواعي.. والوعي هو الباب.
بنفس الطريقة، الوعي الفائق أيضاً ليس لديه أبواب... ولكي يتم التعبير عن أي شيء منه، يجب أن يأتي إلى الفكر الواعي...
الفكر الواعي هو الطابق الأرضي في نفسك، ومن هناك يمكن خروج الأشياء.


إذاً الشيء الأول: يجب تفريغ اللاوعي... لكن المرء يخاف من تفريغه، لأنه يحمل كل أنواع الصفات البشعة... كيف نفرغ العنف المختبئ هناك؟ الغضب.. الحزن... كل أنواع القلق والخوف التي دفنتها هناك لأنك لم تستطع التعامل معها؟.. كيف ستجلبها كلها إلى الوعي؟... وإذا أتت، فماذا ستفعل بها؟
اللاوعي ليس مهتماً بالعنف مثلاً كشيء، بل يهتم فقط بالتخلص من العنف.... يمكنك ببساطة أن تضرب وسادتك وستشعر بتحرير كبير... سيبدو هذا شيئاً أخرقاً بالنسبة لك، أنك تضرب الوسادة مع أنها لم تفعل لك شيئاً... طبعاً فأنت تظن نفسك مثقفاً متحضراً ذكياً وراقياً، ماذا تفعل الآن بضربك لهذه الوسادة المسكينة؟
ليس الموضوع أن الوسادة فعلت شيئاً أم لا، بل مجرد ضربها سيحرر العنف داخلك، والعنف ليس له علاقة بالشيء الخارجي الملموس.
سواء ضربتَ شخصاً أو وسادة لا فرق... سواء ذبحتََ شخصاً أو لعبة دب صغير لا فرق... لكن القتل لا بد أن ينجز.


في العديد من المجتمعات البدائية حتى الباقية منها الآن، يقومون بتقديم الأضاحي لآلهتهم بشكل أبقار مصنوعة من الطين، مع احتفال كبير.... وكذلك يضحون بحيوانات أخرى وبشر أيضاً لكن كلها مصنوعة من الطين... وأغرب شيء حول هذه المجتمعات البدائية هو: لا يوجد عنف بين أفرادها... الناس فيها لا يتقاتلون، ليس عندهم طاقة للقتال... لقد قاموا بـ"قتل" أحد ما... لذلك تجد أن فكرة القتل لم تعد موجودة.
 

هناك مجتمعات في العالم حيث يعتبرون الحلم حقيقة ويتعاملون معه كحقيقة... وهذا أثبت فرويد شيئاً منه.
لكن تلك المجتمعات وعبر آلاف السنين، كانت تقوم بتحليل نفسي أفضل بكثير... وهم أناس بدائيون بسطاء لا يعرفون ماذا يفعلون.
إذا حلم أحد ما في الليل... وأولئك الناس نادراً ما يحلمون... الحلم موجود عندك لأنك كبتّ بعض الأشياء في النهار... أردتَ أن ترى امرأة جميلة، لكن زوجتك كانت معك فلم تقدر على رؤية تلك الجميلة.. في حلمك ستظهر تلك الجميلة نفسها.
في تلك المجتمعات البدائية لا يوجد نظام كابت... إذا أحبّ شخص ما شخصاً آخر، سيذهب إليه مباشرة ويقول: "أنت شخص جميل وأنا أحبك كثيراً"... وذلك الشخص ممكن حتى أن يكون غريباً..... لكن عندهم إذا حلم أحد ما، فأول شيء يحدث أن كبار القبيلة يجتمعون، وعلى الشخص أن يعترف بحلمه أمامهم.
الحلم عندهم حادث عظيم... إذا حلم أحدهم أنه أساء لشخص ما، فعليه أن يذهب إليه ليعتذر آخذاً معه الحلويات والفواكه كهدية صداقة، لمجرد أنه أساء إليه في الحلم.
بالنسبة لنا سيبدو هذا هراء بلا معنى، لأنه في الحلم كل ما تفعله يتعلق بك أنت، والآخر لا يعرف أنك أسأتَ إليه... لكن ليس هذا هو الموضوع.
الموضوع هو أنه عندك نوع ما من العدائية ظهرت تجاه ذلك الشخص في حلمك، ومن الأفضل توضيح الأمور قبل أن تتراكم.. اذهب للشخص وقدّم له الهدايا، وبهذا لن يتكرر الحلم أبداً.
 

جمع أحد ملوك مصر حاشيته وأخبرهم أن أي شخص من المملكة يأتي في حلمه، سيكون الموت عقابه... هذا سخيف حقاً.
ارتعب الناس عندها.. لكن ماذا يمكنك أن تفعل إذا ظهرتَ في حلم الملك؟
المشكلة هي مشكلة الملك وحده، أنت لم تذهب بنفسك إلى حلمه... وقد قتل الملك عدة أشخاص، لأنهم أتوا إلى حلمه رغم التحذير والتهديد.
لماذا يأتي أحد ما ليقلق حلم الملك؟... وكان الملك سلطاناً قوياً لديه كل القوة والتحكم بحياة وموت الناس وقتل الكثيرين.
كانت المملكة بأكملها خائفة، أي شخص قد يقتل في أي وقت، دون أي ذنب.... ولم تكن لهم علاقة بأحلامه أبداً... حلمه هو حلمه ومشكلته هو... لكن من كان سيذهب ليقول هذا للملك؟
 

هؤلاء القبائل البسيطة أذكى بكثير وأكثر براءة...
في المجتمعات البدائية حيث يعتبرون الأحلام أشياءً حقيقية، حيث عليهم فعل شيء وبوعي لكي لا يأتيك حلم بشع ويدمر كرامتك، لم يقوموا بأي حرب طوال التاريخ.... لم تقم أي قبيلة منها بقتال قبيلة أخرى ولا يوجد أي عنف.
 

اللاوعي يحتاج ببساطة لأشياء وهمية لكي يتخلص من نفاياته... لا حاجة لقتل أي شخص، يمكنك قتل لعبة أو تمثال، أو تحرق صورة... واشعر بالسكينة بعدها.
وتدريجياً، مهما أتى في أحلامك أو ساعات يقظتك من اللاوعي، أعطه شيئاً من الواقعية ليستطيع الخروج.... لا تكبته، ولا تفكر: "هذا شيء سيء وعليّ ألا أظهره لأي شخص"... لأنه بذلك سيتحول إلى جرح وسرطان في نهاية الكبت.


فحرره...


في غرفتك الخاصة يمكنك تحريره بأي طريقة تحبها... مثلاً التأمل الديناميكي صمم أساساً لمساعدة اللاوعي على تحرير نفسه.
 

حالما يصبح اللاوعي نظيفاً تماماً ولا يبقى طاقة تضيع في كبته، فإن الطاقة ذاتها تبدأ بالصعود للأعلى.. لأنه وتذكر، الطاقة لا يمكن أن تبقى ساكنة، عليها أن تتحرك... والآن لأنه لم يبقى هناك عمل لها في اللاوعي، ستبدأ بالصعود إلى أماكن أسمى وأكثر نوراً داخلك، وهناك سوف تجد القيم الحقيقية التي تجعل الإنسان إنسان وترفعه أعلى من مستوى الحيوان.
 

كل ما تختبره في الوعي الفائق أيضاً عليك أن تجلبه إلى الوعي وتتصرف فيه.... لا تفكر بالأفكار العظيمة فحسب، لا تستمر باختبار الجمال والتمعن فيه فحسب، بل دع اختباراتك تتحول إلى أفعال وإبداع... افعل شيئاً تجاهها... ومع بدايتك بالأفعال ستجد أن صفات أعمق وأجمل تنهمر عليك.
مجرد كتابة قصيدة قد يحرر مصدراً كبيراً من الطاقة... القيام بأي فعل جميل، أي تصرف رحيم، المشاركة بشيء تمتلكه أو تعرفه بكرم مع أي شخص.... وسيبدأ وعيك الفائق بالقدوم أكثر فأكثر إلى وعيك... لقد حصل على باب للخروج إلى العالم.


وعندما يصبح الوعي الفائق فارغاً تماماً، عندها سيبدأ الوعي الفائق الجماعي بغمرك بكنوزه العظيمة المخفية....

وعندما يفرغ الوعي الفائق الجماعي، ستصل إلى أعظم بركة ونعمة وهي الوعي الكوني.


من هذا الفكر الكوني فائق الوعي، ستبدأ كل أفعالك الواعية بحمل عطر القداسة والألوهية... كل ما تلمسه سيصير ذهباً، وكل ما تقوله سيصير حقيقة... كل تنقلاتك في الحياة ستصنع أمواجاً من الجمال والفرح والنشوة، وستصل هذه الأمواج إلى أبعد حدود الوجود، ستلمس ملايين الناس الذين لم يعرفوك من قبل وربما لن يعرفوك أبداً.. لكنهم سيشاركونك بفرحك المبارك.
ربما تكون قد شعرتَ بهذا في أحد الأوقات: وأنت جالس، تشعر براحة وهدوء، فجأة تصبح حزيناً دون أن تعرف السبب.... السبب هو أن أحد الأشخاص يحرر موجات من الحزن وهو قريب منك، وهي قوية كفاية حتى تؤثر بك.
أحياناً أخرى قد تشعر بالعكس: تشعر بالنور والخفة والسعادة دون أي سبب... نضارة وفرحة وبهجة... لا يمكنك حتى أن تقول لأي شخص: "أنا أشعر بالفرح"... سيفكر أنك مجنون لأنه لا سبب يدفعك للفرح حينها.


ما هو السبب؟ لا يمكنك إعطاء التبرير لأنك نفسك لا تعرف السبب... إنه مجرد فرح أحد الأشخاص صنع موجة والموجة لامستك.
نحن كائنات حساسة جداً... مثل أنتيل الراديو، نستمر بالتقاط كل الأمواج التي تأتي إلينا وهي أمواج مرهفة جداً.
في معظم الأوقات أنت تعاني من معاناة الآخرين، وفقط في بعض الأوقات تفرح بسبب فرح الآخرين... لأن الحزانى والبؤساء كثيرين، والفرحين المبتهجين قليلين ونادرين.


إذا قدرتَ على فهم هذا، ستشعر أيضاً بمسافة ما عندما تشعر بالحزن... ربما ذلك الحزن لا علاقة له بك... وعندما تشعر بسعادة ما، أو متعة، كذلك قد لا يكون لها علاقة بك... يمكنك المحافظة على مسافة ومراقبة هذه المشاعر، ومراقبتها ستساعدك على اكتشاف مصادرك أنت الخاصة بك.


يولد الإنسان مع كثير من الكنوز العظيمة، لكنه يولد أيضاً مع كامل إرث الحيوان

وبطريقة ما علينا أن نفرغ الجزء الحيواني، ونفسح مجالاً للكنز لكي يأتي إلى الوعي ونشارك به

لأن هذه إحدى صفات الكنز الحقيقي: كلما شاركت به أكثر، كلما حصلت عليه أكثر
 

أضيفت في:30-7-2010... صيدلية الروح> التعامــل مع المـــَزاج
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد