موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

ما هي المسؤولية؟ وهل هي حريّة أم تبعيّة؟

ما هي المسؤولية؟

هل هي حريّة أم تبعيّة؟

أشعر كل يوم بأهميتها أكثر... لكنني مرتبك ومرتاب...

فهل أنا أتفادى بعض الأسباب؟

 

قال النبي الحبيب كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته.. وعن نفسه أولاً وآخراً... مشكلة المسؤولية هي قضية أساسية جداً... لكن قبل أن نبدأ بها يجب أن نعرف ونفهم بعض الأشياء... لقد خرّب الجهل حتى الكلمات في كل اللغات.

منذ أن قتلنا رسالات الأنبياء السماوية قمنا بتنظيمها وصنعنا بجهل كل الأديان والطوائف... فقامت الأديان بنشر لعبة التحكم الشهيرة بين الناس... الكبت والفلت... وهي مسؤولة عن انتشار الكذب والعهر في أنحاء العالم... حتى اللغات لم تسلم من أيدي الجهل.

المسؤولية بحد ذاتها كلمة جميلة ولها أهمية وقيمة عظيمة... لكن بمرورها على أيدي من يعتبرون أنفسهم متدينين أصبحت كلمة قبيحة ومقرفة...

أولاً: المعنى الطبيعي للكلمة يأتي من كلمة مسؤول... أي القادر على الإحساس بنفسه والتجاوب... ولكي تفهم التجاوب عليك أن تفهم رد الفعل والانفعال....

يأتي أحد ما ويهينك بكلمة ما... قام بفعل محدد... لهذا أنت تهتاج وتنزعج وتغضب... هذا هو رد الفعل... أنت هنا لا تتصرف من تلقاء ذاتك، بل الآخر قد ضغط على زر انفعالك... وبهذا يكون هو السيد، وأنت تتصرف كعبد مطيع له.

 

تقول القصة... وهي قصة نادرة عن نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام عندما كان مع بعض الصحابة ومروا بقرب قرية سكانها ضد النبي ويكرهونه كثيراً... مر بقرب القرية ولم يدخل فيها تفادياً لصنع أي خلاف أو إزعاج دون سبب... فهؤلاء الجهلة لن يتركوه بسلام...

لكن الجهلاء وأبو جهل اندفعوا خارجين من قريتهم ولحقوا بالنبي وأصحابه...

أحاطوا به وبدؤوا يشتمونه بكل الطرق واستخدموا لغة قبيحة لا يمكن استخدامها مع أي إنسان... فكيف مع نبي الله...

صحابة النبي غضبوا جداً.... وكانوا مستعدين لرد الصاع صاعين، لكنهم لم يفعلوا شيئاً قبل أن يقول النبي كلمة ما...

وما قاله أدهش وصدم الجميع..

استدار إلى الصحابة وقال لهم: "حسبي الله ونعم الوكيل... لقد خذلتموني ولم تكونوا حسب ما أتوقع منكم... أولئك الناس يقومون بدورهم... غاضبون.. ويعتقدون بأنني عدو دينهم ومعتقداتهم وقيمهم الأخلاقية.. من الطبيعي أن يغضبوا.. وأنا أصغي إليهم.. يشتمونني أنا ولا يشتمونكم أنتم... فلماذا أنتم غاضبون؟

رغم أنكم تتمالكون أنفسكم وتحبسون أنفاسكم لكن هذا لا يشكل أي فرق..

لقد سمحتم لأولئك الناس بالتحكم بكم... هل أنتم عبيدٌ لهم أم عباد لله؟"

 

صُدم أهل القرية الجهلاء أيضاً... ودخلوا في صمت غريب...

قال لهم النبي: "أنا مستعجل لكي أصل للقرية المجاورة لأن فيها أناساً بانتظاري.. والآن إذا انتهيتم يمكنني الذهاب.... وإذا كان لا يزال لدى أحدكم شيئاً يقوله، سأخبركم قبل أن أعود بقليل لكي أمرّ عليكم مرة ثانية... وعندها تكملون ما لديكم... فهل تسمحون لي بالذهاب الآن؟"

أجاب الناس: "لقد كنا نشتمك ونقول كل الأشياء القبيحة عنك، وكثير منها كذب ونعلم بهذا... لكن في الحب وفي الحرب يكون كل شيءٍ صحيحاً... لكنك هادئ ومسالم... وكأننا نرحب بك ونحييك، وأنت تطلب الإذن بالرحيل!؟"...

قال النبي: "مهما كان فعلكم تجاهي، فهو مشكلتكم أنتم لا أنا... أنا أفعل ولا أنفعل...

لا يستطيع أي شخص إجباري على فعل أي شيء ولا أن يؤثر بسلوكي وقراري....

وإذا أردتُ القيام بشيء فلا أحد يستطيع منعي... أفعالي هي أفعالي أنا... وهي ليست انفعالات أبداً"

 

عندما تفعل... فهذا تجاوب... أما عندما تنفعل فهذا ليس تجاوب...

لكن لكي تفعل عليك أن تكون واعياً جداً بحيث لا يتمكن أحد من الضغط على أزرارك...

ولا يتمكن أحد من التحكم بك ودفعك إلى فعل محدد...

لكن الآن في هذا الزمان كل شخص يتعرض للتحكم وكلنا ضحية الجهل وضحية الضحية...

ومجتمعنا بأكمله يعتمد على التحكم:

الأهل يتحكمون بأولادهم... السياسيون يتحكمون بجمهورهم... رجال الدين يتحكمون بأتباعهم... الأطفال بدؤوا يتحكمون بأبيهم وأمهم... حتى الصغير منهم في عمر ستة أشهر يتعلم كيف يتحكم.. يعرف أنه إذا ابتسم سيحصل على الألعاب والحلويات والقبلات... ليس لديه رغبة بالابتسام لكنه تعلم تمرين شفتيه ببساطة... بوضعية معينة يبدو أنه يبتسم، لكنك إذا نظرت في عيني الطفل ستفاجأ كثيراً لأنك ستجد سياسياً ماكراً مختبئاً هناك! حتى الطفل بعمر ستة أشهر عليه أن يصبح سياسي ومنافق... فما نوع هذا المجتمع الذي صنعناه بأيدينا وبجهلنا؟

يبدأ الطفل بالتحكم منذ صغره... وأنت تستمر بمكافأته على جهوده المبذولة... تدريجياً قد ينسى أن ابتسامته الأولى كانت مزيفة وكل الابتسامات الأخرى مجرد تكملة وتكرار للابتسامة الأولى... وربما تكون آخر ابتسامة له عندما يموت مجرد استمرار وتكرار..

ربما لا يكتشف أبداً ما هي الابتسامة الحقيقية... الابتسامة التي تأتي من الأعماق دون أي سبب ودون أي طلب لأي شيء... أو انتظار للمكافأة والاهتمام ... فهي ليست صفقة تجارية...

أنت ببساطة فرح ومرح داخلك لدرجة أن بسمة لطيفة تنتشر لتغمر كل جسمك وروحك.

عندما يكون هناك بسمة تغمر كل الجسم، قد لا تقدر على اكتشافها إلا على الشفاه وربما في العينين لكنها فعلاً منتشرة في الجسم كله... كل خلية فيه ترقص طرباً... لذلك الموضوع غير مرتبط بمكافأة ما، ولا رغبة ولا رشوة لأحد ما.....

لكن الأمر لا يتوقف على البسمة، بل يتعلم الطفل التحكم بكل شيء آخر أيضاً..

 

قال النبي لأصحابه: "أنتم تتصرفون وكأنكم عبيد لأولئك الناس"...

وقال لأهل القرية: "لقد أتيتم متأخرين قليلاً... لو أنكم أتيتم أبكر بعشرة سنوات قبل أن أصبحَ الصّبح عليَّ، لكنت قطعتُ رؤوسكم جميعاً... ولعرفتم معنى أن تشتموا أحداً ما... لكن الآن تأخرتم كثيراً! لا يمكنني أن أتصرف كعبد... أنا الآن سيد على نفسي ولا يمكنكم التحكم بي!.

سأسألكم سؤالاً... في القرية الأخيرة التي مررنا بها، جلب لنا أهلها الطعام والأزهار والحلويات فقط ليشكرونني... وقد أخبرتهم: لقد تناولنا غداءنا في قرية أخرى منذ قليل، الآن أعيدوا هذا الطعام والشراب مع مباركتي له... لا يمكننا حمله معنا لأننا لا نحمل أي طعام وأي شيء لأجل المستقبل... فالله هو الرزاق.. سيأتي أحد ما ويقدم لنا شيئاً... وهذا ما كان يحدث دائماً...

سأسألكم الآن: أولئك الناس أعادوا ما جلبوه من طعام وهدايا... فماذا فعلوا بها؟"

أجاب أحد الحضور: "لا بد أنهم وزعوها فيما بينهم... مع أنفسهم وعائلاتهم وأطفالهم... ولا بدّ أنهم استمتعوا بها كثيراً"...

قال النبي: "هذا بالضبط ما جعلني أحزن منكم... لقد رفضتُ شتائمكم... عندما رفضت الهدايا من أولئك الناس أعادوها لأنفسهم و شاركوا بها... وأنا الآن أرفض أن آخذ شتائمكم... وطوال عشرة سنين كنت أرفض أخذ أي إساءة من أي أحد... لذلك هيا الآن... أعيدوا حملكم إلى منازلكم ووزعوه بين أنفسكم... واعملوا ما تشاءون فهذا شأنكم أنتم..

لا علاقة لي بشتائمكم وإساءاتكم.. أنا أرفضها ببساطة ولديّ الحق في رفض أي شيء... وأقول لكم: شكراً.... فأنا لا أرغب بما تقدموه لي... لا يمكنكم إجباري على أخذه... إنني أتصرف انطلاقاً من وعيي أنا بالذات... ولا يمكنكم تعكيره بشتيمة ما وجعلي منفعل وغير واعي".

 

الانفعال غير واعي... وأنت فيه لا تعرف أنه يتم التحكم بك...

لا تدرك أنك تتصرف كالعبد المأمور لا كالسيد حامل النور..

الفعل الناتج عن الوعي هو التجاوب...

لكن الناس المتدينين بالاسم شوهوا كثيراً كلمة "المسؤولية" فصارت بشعة وفقدت صفاتها الأصلية: لقد جعلوك "مسؤولاً" عن أشياء كثيرة:

ما هو الصح؟ أخبروك وعلّبوك...

ما هو الخطأ؟ أخبروك وحذّروك...

ولم يتركوا لك شيئاً تقرره بنفسك... هكذا صار كل دين يمنعك من أن تكون مسؤولاً حقيقياً عن نفسك... فأنت ناضج وواعي كفاية لكي تقرر ماذا تفعل أو لا تفعل...

 

قال لنا الله تعالى... "لا تُكلّفُ نفسٌ إلا وِسعها"... "ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى".. أي أن الإنسان لا يحمل ذنب غيره... وليس للإنسان إلا ما سعى وكسب بأيديه... أي أن الإنسان مسؤول أولاً وآخراً عن نفسه.. ووعيه هو المقياس...

رغم ذلك يستمر دعاة الأديان ورُعاة مصالحها من الأزهر إلى الفاتيكان وغيرهم من عبيد المال يستمرون بصنع الله والشيطان على هواهم وحسب مصالحهم.. رغم أنهم قد يحللون الرضاعة من زميلة في العمل لكنهم يحذرون الشباب والشابات خاصة من: الشيطان... من وسوسة وغواية الشيطان... فهو يا أبنائي قد يوسوس لكم بتناول الكحول والمخدرات وأخطر منها خاصة الزنا والجنس خارج إطار الزواج والانحرافات..

والآن... من هو هذا الشيطان؟ إنني لم أقابله يوماً ولم يوسوس لي شيئاً... ولا أعتقد أن أياً منكم أيضاً قد قابله أو أغراه و وسوس له.... الرغبات الجسدية هي من فطرتك الطبيعية ولا يوجد شيطان ما يوسوس لك... لكن هذه إستراتيجية ماكرة باسم الدين لرمي المسؤولية على شكل وهمي: الشيطان، وبهذا تبقى مكبوتاً أو مفلوتاً دون الشعور بالإدانة...

لا بل تتم إدانتك فعلاً لكن بشكل غير مباشر... يقول لك رجل الدين ضمنياً أنك أنت الشيطان، لكن ليس لديه الجرأة على قول ذلك، لذلك يقول أن الشيطان شيء آخر له هيئة منفصلة وظيفتها الوحيدة الوسوسة وغواية الناس...

 

هذا هو الجهل الذي حدث عندما نسينا أن الله ليس شخص بل حضور ونور... نسينا أن الحقيقة هي الألوهية والنورانية الموجودة في قلب المؤمنين والمؤمنات، لذلك صنعنا أصناماً فكرية وآلاف الأفكار عن الله وعن الشيطان... اختفى عباد الله، ولا تجد اليوم إلا عبيد فكرة الله وعبيد فكرة الشيطان... وهما دوماً يتقاتلان ويقتلان الإنسان...

هذا غريب حقاً... طوال ملايين السنين الماضية ألم يتعب هذا الشيطان؟ يستمر بالوسوسة ليل نهار... وماذا يكسب من هذا العمل الجبار؟....

لم أجد في أي نصوص دينية ما هي مكافأة الشيطان على هذا العمل الشاق ملايين السنين... من الذي يدفع له؟ ومن يوظفه عنده؟ هذا أول شيء...

ثاني شيء: أليس الله الذي نعبده عظيم القدرة وقادر على كل شيء؟ هذا ما تقوله كل الأديان والكتب المقدسة... وباعتبار أن لديه السلطة والقدرة المطلقة.. ألا يمكنه فعل شيء بسيط؟ أن يوقف هذا الشيطان عن الوسوسة للناس؟ بدلاً من أن يتوجّه إلى كل شخص ويخبره: "لا تسمح للشيطان أن يوسوس في نفسك وفي صدرك.."

لماذا لا يقوم بقتل هذا الشيطان وهو مخلوق واحد فتنتهي كل هذه المشكلة الأزلية؟

أو أن يقوم الله بإعطاء الشيطان ما يريد لكي يتوقف عن التخريب... هذا عمل خاص يمكنهما أن يتفقا عليه، وما علاقتنا نحن البشر حتى نُسحق بينهما دون ضرورة؟!

طيلة ملايين السنين لم يكن الله قادراً على إقناع الشيطان أو تغييره أو إنهائه.. وإذا كان الله فرضاً ضعيفاً لهذه الدرجة أمام الشيطان، فماذا عن مخلوقاته البشر المساكين، الذين يستمر ممثلو الله بالقول لهم: "لا تدعوا الشيطان يدفعكم لفعل الزنا والمعاصي والمحرمات".... إذا لم يقدر الله على الشيطان فكيف سيقدر عليه البشر العاديون البسطاء؟

 

طوال عصور.. كان أصحاب الاستغلال والمصالح ولا يزالوا يقولون للناس هذه الأكاذيب، ولم يحاولوا أبداً ولو مرة أن يكونوا مسؤولين.

أهذه هي المسؤولية؟ هذه عدم مسؤولية عندما يقولون للشباب: "احذروا واستعيذوا من الشيطان الرجيم وارجموه... لأنه سيغريكم ويوسوس ويفسفس"

في الواقع، سامحوني يا أخوتي فكلنا مسؤولون وكلنا معاً في نفس الجهل... ورجل الدين سواء كان كبيراً كبابا الفاتيكان أو مفتي الأزهر والحرَمان وأياً كان.. بقوله وتحذيره يكون قد زرع الوسوسة سلفاً في فكر المستمعين له... عندما كانوا يسمعون وعظته وخطبته لم يكونوا يفكرون بالمخدرات والكحول والزنا... لقد أتوا ليسمعوا منه كلمة روحانية مقدسة عن الله والمحبة والرحمة... لكنهم سيعودون لمنازلهم وهم لا يفكرون إلا بالزنا وكيف يحصلون على وسوسة الشيطان وأين يجدون تجار المخدرات!

عند إخوتنا المسيحيين، الكحول بالتأكيد ليس وسوسة من الشيطان.. لأن المسيح نفسه كان يشربه، ولا يشربه فحسب بل يوزعه على حواريه وتلامذته... الكحول ليس ضد الدين المسيحي، وهم يقبلوه لأن نكرانه يعني وضع المسيح في النار!.. لم يكن عضواً في هيئة مكافحة الإدمان الكحولي... بل يستمتع بالشرب ولم يقل يوماً أن الشرب حرام، كيف يمكنه قول ذلك؟

والآن يبدو أن البابا متدين أكثر بكثير من المسيح.. ويمكنكم تخيل إذا كان ابن الله الوحيد يشرب الكحول، فلا بد أن والده يسكر ليل نهار والروح القدس أيضاً!

وهؤلاء الناس هم السبب... فمن أين تعلم يسوع هذه الأشياء؟

بالتأكيد لم يستطع الشيطان إغواءه.. نعلم أن الشيطان كان يحاول دوماً إغراءه لكن المسيح أجابه: "اذهب من هنا وابقَ ورائي بعيداً... لا يمكنك إغوائي أبداً"..

لكن هؤلاء المفسرين والناس المتدينين ظاهرياً مريضين عقلياً... لا يمكنك أبداً أن تلتقي بالشيطان ولا يمكن أن تتحدث معه هكذا!.. إذا كنت تسير في الشارع وقلتَ هذه الكلمات وسمعك أحد الناس سوف يخبر أقرب مركز شرطة بأن هناك رجلاً يتحدث مع الشيطان رغم أننا لا نرى أي شيطان هناك!

المسيح أيضاً قد وصلته العدوى من حاخامات اليهود ورجال الدين وقتها... إنها الجماعة المتحكمة ذاتها لكن بعناوين وماركات مختلفة.. لكن التجارة ذاتها ذاتها والمؤسسة مستمرة بعملها حتى اليوم: إفساد البشر وتدمير براءتهم وفطرتهم...

 

فكر رجال الدين مملوء فقط بالجنس خارج الزواج... يسمونه الزنا دون أن يعرفوا ما هو الزنا... وأن الله كتب على ابن آدم الزنا بحواسه الخمس... لذلك دوماً يشددون على هذه النقطة ويكبتون الناس.

لكن ما هو الخطأ في الجنس قبل الزواج؟.... كان ذلك مشكلة في الماضي، لكن هل دخلتَ إلى القرن الواحد والعشرين أم بعد؟

كان مشكلة في الماضي لأن الجنس قد يؤدي للحمل والأطفال وتظهر عندها مسألة من سيربي الأطفال؟ ومن سيتزوج الفتاة التي لديها طفل؟

لكن الآن لا حاجة لظهور أي مشكلة.. والمشاكل في الواقع تظهر بين الأزواج لأن الجنس قبل الزواج ممنوع... الأمر يشبه عندما نقول لك: لا يمكنك السباحة قبل أن تبلغ 21 سنة من العمر.. لا تسمح للشيطان أن يوسوس لك!

السباحة قبل البلوغ زنا وخطيئة لا تغتفر...

حسناً... يوماً ما ستبلغ 21 لكنك لا تعرف كيف تسبح... الآن تعتقد أن السباحة مسموحة فتقفز إلى النهر لكنك تقفز إلى قبرك!... لا يوجد أي ضمان أو قانون يضمن معرفتك للسباحة بمجرد بلوغك 21... ومتى ستتعلم كيف تسبح؟

ماذا يقول أولئك الناس فعلياً؟؟ يقولون أن عليك تعلم السباحة قبل القفز في النهر... وإذا قفزت إلى النهر فهذه خطيئة... لكن أين ستتعلم السباحة؟ في غرفة نومك؟ أم على سجادة الصالون؟! للسباحة لا بد من ذهابك للنهر..

 

هناك العديد من قبائل البدو يعيشون على الفطرة وهم بشر طبيعيون أكثر منا نحن... الجنس قبل الزواج عندهم يدعمه المجتمع ويشجع عليه لأن ذلك الوقت هو الوقت المناسب للتعلم...

الفتاة في عمر 14 تصبح ناضجة جنسياً والفتى في عمر 18.. وهذه الأرقام تصغر مع تقدم المجتمعات العلمي والتقني وتحسن نوعية الطعام والصحة العامة.

طبعاً في أميركا الفتيات يبلغن أبكر من الهند... وطبعاً في السودان أو أثيوبيا كيف يمكن لك أن تبلغ؟ ستموت قبل ذلك بكثير!

الجنس قبل الزواج واحد من أهم الأمور التي يجب أن يقرّها ويعترف بها المجتمع البشري...

الفتاة لن تكون حيوية ونشيطة جنسياً أكثر من عمر 14.. والفتى في عمر 18...

عندما تكون الطبيعة في ذروتها تقوم أنت بمنع أطفالك... وعندما يصبح عمر الشاب 30 تسمح له بالزواج... لكن طاقته الجنسية تتراجع الآن وحتى طاقته العامة بدأت تتناقص وبدأ اهتمامه بالجنس يقلّ... بيولوجياً قد تأخر 16 سنة وقد فاته القطار منذ زمن بعيد.. هذا هو سبب ظهور الكثير من المشاكل الزوجية وسبب ازدهار مستشاري الزواج ومحاميين الطلاق!.. لأن كلا الشريكين قد تجاوزا سنين الذروة وسنين الذروة تلك كانت الوقت المناسب ليعرفوا ما هي النشوة... الآن تراهم يقرؤون عنها في الكتب ويحلمون بها ويتفننون بتخيلها لكنها لا تحدث... لقد تأخروا كثيراً والسبب هو وقوف الهيئات الدينية بينهم وبينها.

 

اسمعوني جيداً: لا تسمحوا لرجل الدين أن يوسوس لكم!

لا تسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم.... أولئك هم الشياطين وعبدتها الحقيقيين... إذا سمعتهم سيفسدون حياتك كلها.. وقد أفسدوا حياة ملايين الناس... بعضهم اعتبر ويعتبر المرأة هي الشيطان والشر أو يتهمونها بعلاقتها مع الشيطان فقتلوا آلاف النساء أحياء في أوروبا في العصور الوسطى، أو يكبتون الناس هنا ويعدونهم بجنة الحوريات بعد الممات...

عندما يصبح عمرك 30 فلن يكون لديك تلك النوعية والشدة والنار الداخلية مثلما كنت في عمر 18... لكنهم قالوا لك: تلك السنوات يجب أن تبقى فيها عازباً وتدرس وتحذر من الشيطان جداً... عندما يوسوس لك ابدأ فوراً بالصلاة لله وقل مردداً: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم... واحمل مسبحة في يدك طوال الوقت!.. متى ما سمعتَ رجلاً يستعيذ من الشيطان فاعلم أن الشيطان يوسوس له وإذا شاهدته يحرك مسبحته بسرعة كبيرة فاعلم أن الوسوسة كثيرة في ذهنه......

لا يوجد أي أحد يوسوس لكم..!

إنها طبيعتكم ببساطة.. ليس الشيطان!

والطبيعة ليست ضدكم.. إنها تعمل كل شيء لأجلكم...

 

في مجتمع بشري أفضل، يجب تقدير الجنس قبل الزواج تماماً مثلما تقدره بعض القبائل البدوية البسيطة.. والمنطق الذي يثبت صحة هذا بسيط: أولاً الطبيعة قد حضرتك لأجل شيء ما فلا يجب حرمانك من حقك الطبيعي... وإذا كان المجتمع غير مهيأ لكي تتزوج فيه فهذه مشكلة المجتمع لا مشكلتك أنت، وعلى المجتمع إيجاد حل ما.

والقبائل البدوية قد وجدت الحل منذ زمن طويل.. من النادر جداً أن تحمل أي فتاة وإذا حصل وحملت فتاة ما فالفتى يتزوج بها.. ولا يوجد أي عار أو خجل أو فضيحة في الموضوع..

لا يوجد إدانة لأي أحد بل بالعكس، يقوم كبار القبيلة بمباركة الزوجين اليافعين لأنهما أثبتها أنهما حيويين مليئين بالصحة والطاقة، والطبيعة قوية مزدهرة في أجسادهم وأرواحهم أكثر من بقية الناس في القبيلة.. لكن هذا يحدث نادراً... الذي يحدث هو أن كل فتاة وكل فتى يصبح متعلماً ومختبراً وخبيراً.

في بعض المجتمعات البدوية التي زرتها، هناك قاعدة للجميع هي أن كل فتاة بعد عمر 14 وكل فتى بعد 18 لا يسمح لهما بالنوم في منازلهما... بل لديهم قاعة كبيرة مشتركة وسط القرية حيث يجتمع كل الفتيات والفتيان وينامون سوية هناك.. والآن لا حاجة لهم أن يختبئوا خلف السيارة أو في المقعد الخلفي أو يذهبوا لمتاجر الدعارة... هذا بشع حقاً... هذا هو المجتمع عندما يجبر الناس أن يصبحوا لصوصاً غشاشين وكذابين...

تجربتهم الأولى من الحب حدثت في هذه الحالات البشعة.. خائفين ومختبئين شاعرين بالذنب ومتأكدين بأن هذه وسوسة من الشيطان... لا يستطيعون الاستمتاع به عندما يكونوا قادرين على الوصول إلى ذروته واختبارها.

 

إذا قدروا على اختبار الحب في ذروته، فإن سيطرة قبضة الجنس على رقابهم ستزول... بعدها لن يكونوا طوال حياتهم يشترون مجلات الدعاية والدعارة فلا حاجة... حتى لن يحلموا بالجنس أو يدخلوه إلى مخيلاتهم... لن يقرؤوا الروايات الرخيصة التافهة ولن يتابعوا الفيديو كليب وأفلام هوليوود.

كل هذه الانحرافات ظهرت بسبب حرمان الشباب من حقهم الطبيعي..

في المجتمعات البدوية يعيشون مع بعضهم ليلاً.. ولا يقولون لهم إلا قاعدة واحدة: "لا تبقى مع فتاة واحدة أكثر من ثلاثة أيام، لأنها ليست ملكك.. ولا أنت ملكها... عليك أن تتعرف على جميع الفتيات وعليها أن تتعرف على جميع الشباب، قبل أن يختار المرء شريك حياته".

هذا يبدو عين العقل والمنطق.. قبل أن تختار شريك حياتك يجب منحك فرصة لتتعرف على كل النساء المحيطين بك وكل الرجال...

يمكنك أن تنظر بنفسك وترى حول كل العالم... لقد فشل الزواج المرتب سلفاً من قبل الأهل وكذلك فشل الزواج الذي تسمونه زواج عن حب...

كلاهما فشل والسبب الأساسي في الحالتين هو أن الشريكين غير خبيرين، لم يتم إعطائهم الحرية والفرصة لإيجاد الشخص الصحيح... ولا يوجد أي طريقة لإيجاده سوى الاختبار..

أحياناً أشياء صغيرة جداً قد تكون مزعجة جداً.... مثلاً رائحة جسد أحدهما قد تكون كافية لإفساد الزواج كله... وهي ليست شيئاً عظيماً لكن كافي لصنع المشكلة:

كل يوم نفس الرائحة المزعجة... إلى متى تستطيع تحملها؟ لكن بالنسبة لشخص آخر قد تكون هذه الرائحة مناسبة وتعجبه.

فقط دعوا الناس يجربون بعضهم... وخاصة الآن لأن مشكلة الحمل لم تعد موجودة... أولئك الناس البدو كانوا شجعان للقيام بها طوال آلاف السنين... ولم يكن هناك كثير من المشاكل في زيجاتهم.. في أحيان نادرة قد تحمل الفتاة فتتزوج.. غير هذا لا يوجد أي مشكلة.

 

في تلك القبائل لا يوجد أي طلاق لأنك طبعاً بعد أن نظرت إلى كل النساء في القبيلة وتعرفتَ إليهم عن قرب، وبعدها قمتَ بالاختيار... فماذا ولماذا ستغير شريكك؟

لقد اخترته بعد الاختبار.. لذلك في تلك المجتمعات لا حاجة ولا حتى هناك أي فكرة عن الطلاق تخطر على بال أي أحد...!

ليس أن الطلاق غير مسموح، بل الفكرة بحد ذاتها لم تظهر ولم يفكروا بها... ولم يطلب أحد من أحد أن ينفصل عنه.

سمعتُ عن حالة دعوى طلاق في محكمة في دمشق، مضحكة ومبكية فعلاً... رفعت الزوجة دعوى الطلاق على زوجها... والسبب؟... كان قد وعدها في عيد زواجهما بسيارة حديثة موديل 2009 لكنه أهداها سيارة أقدم موديل 2008 ...

هذه هي المجتمعات الحديثة "المتحضرة" وجميعها تعاني من المشاكل الزوجية، لأن الزوج والزوجة أعداء تقريباً... يمكنك تسميتهم أعداء مقربين وأصدقاء، لكن المعنى لن يتغير... لا بل من الأفضل أن يكون الأعداء بعيدين عن بعضهم وليس قريبين، وإلا سيكون هناك حرب 24 ساعة في اليوم وكل يوم!

والسبب الوحيد البسيط لهذه الحرب هو الفكرة الغبية عند معلمين ومبشرين الأديان: إحذروا من الجنس قبل الزواج.

إذا كنتَ تريد أن تحذر فاحذر من الجنس بعد الزواج! لأنه هناك تكمن المشكلة.. الجنس قبل الزواج ليس مشكلة وخصوصاً الآن بسبب توافر عدة وسائل منع حمل.

كل جامعة ومعهد ومدرسة يجب أن تتفق على نقطة أن كل طفل صبي أم بنت يجب أن يمر بكل أنواع الاختبارات وكل أنواع الناس وفي النهاية يختار ولا يحتار.

هذا الخيار سيكون مبنياً على جذور عميقة من المعرفة والفهم...

 

لكن المؤسسات الدينية آخر اهتمامها هو معاناة البشرية من الزواج... وبسبب معاناة الأزواج يتعلم أطفالهم طرق المعاناة لا الاحتفال في الحياة.

اهتمامات المؤسسات الدينية فقط إصدار الفتاوي وأكل المشاوي والتحذير والتخويف من الله ومن الشيطان وألف كذبة وكذبة... وبدل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قصدهم هو أعوذ بالله من وسائل منع الحمل اللعينة!

المؤسسات الدينية من أغنى المؤسسات في العالم... البابا من أغنى رجال العالم لأن 60 مليون كاثوليكي يستمرون بصب أموالهم وتبرعاتهم على الفاتيكان... ومثله الأوقاف الإسلامية ورجال وأئمة ومفتيين كل الأديان... اللعبة واحدة وهي استغلال الإنسان.

هؤلاء الناس قد أعطوك فكرة خاطئة عن المسؤولية، فصرتَ مسؤولاً تجاه أهلك، تجاه الله، تجاه رجل الدين، تجاه وطنك وقطعة القماش المرفوعة في السماء، تجاه أساتذتك ومجتمعك.. تجاه كل شخص آخر إلا أنت.

 

هذه هي الفكرة الخاطئة عن المسؤولية التي فرضوها عليك.

 

أريد أن أقول لك: أنت فقط مسؤول عن نفسك، ولا أحد سواك.

وعندما أقول هذا، لا تسيء فهمي... لأن الشخص المسؤول عن نفسه يكون تلقائياً مسؤولاً عن كل شخص يتواصل معه.

لا يمكنه أن يكون غير مسؤول، فكل أفعاله تنتج من الوعي، والوعي من صفاته الرحمة والاهتمام والاحترام للحق في كل الخلق.

وماذا فعلت الأديان؟ فعلت تماماً العكس... لا يقول أي دين أن عليك أن تكون مسؤولاً عن نفسك.. الأنبياء يقولونها لكن الأديان تعكسها... وتقول لك: كن مسؤولاً تجاه بلدك وأمتك ودينك ومسجدك وكنيستك... تجاه كل شيء تافه.. وعندما تصبح مسؤولاً عن كل هذه التوافه ستتدمر حريتك... ووعيك...

 

لقد أعطوك كلمة بديلة عن الأصيلة وهي: الضمير... وإلا لا حاجة لأي ضمير.

لقد كبتوا الوعي ووضعوا فوقه طبقة من التشفير وسموها الضمير...

والضمير يعني ماذا يريد منك دينك أن تفعل وألا تفعل... وإذا مشيتَ عكسه فأنت غير مسؤول... والكتب الدينية المقدسة تقرر لك ما هو الصح وما هو الخطأ.

لا يمكن لأي كتاب مقدس أن يقرر ما هو الصواب وما هو الخطأ... فالحالة تتغير كل لحظة.. وكل ساعة لها ربها... كل لحظة ستأتي نضرة وتحمل معها قراراً جديداً... ليحدد وعيك ما إذا كان هذا صحيح أم خاطئ.. ولا يمكن لأي قواعد ميتة أن تساعدك، بل فقط الوعي الحي لحظة بلحظة.

 

لا حاجة لأي فكرة ضمير أو فكرة مسؤولية... لأن الأعمى فقط يسأل عن النور وعن مكان الباب... وهل أذهب لليمين أم لليسار؟...

أما إذا كان لديك عينان فلا حاجة للسؤال ولا حتى للتفكير بالباب.... عندما تريد الخروج ستخرج ببساطة.

 

الوعي يعطيك بصيرة وعينان

الضمير يعطيك فقط كلمات وطبلاً رنان

وعندها يصبح بمقدور أي شخص أن يستغل الإنسان

 

يستمر الآباء والأمهات بفرض أفكارهم على أبنائهم قائلين: "هذه مسؤوليتك"..

لقد أعطوا كلمة مسؤولية معنى غريب معاكس لحقيقتها.

المسؤولية ببساطة تعني القدرة على التجاوب... وهذا يحتاج منك أن ترمي كل شيء من الضمير وكل ما قاله لك الناس عن الصح والخطأ... ربما كان ذلك صح أو خطأ بالنسبة لهم، ليس بالنسبة لك.

ارمي هذا الضمير، المفروض عليك، وكن واعياً لكل حالة تواجهك...

وفي كل لحظة هناك حالة مختلفة... كن واعياً لها ولا تتصرف إلا انطلاقاً من ذلك الوعي....

 

كل ما تفعله بوعي سيكون صحيح

وكل ما تفعله دون وعي سيكون خاطئ

الفعل بحد ذاته ليس صح أو خطأ... بل الأمر يعتمد عليك أنت.. على وعيك..

على نوعية الوعي التي تعطيها لفعلك...

وعندها سيكون لكل لون بريق جديد

ولكل زهرة عطر فريد

 

 

 

Read more these treasures:

And The Truth Shall Set You Free

From Misery to Enlightenment

 

 

www.AlaalSayid.com

 

 

أضيفت في:16-4-2011... الحب و العلاقات> عهر و طهر
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد