موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

احتفالٌ يتجاوز حدود ويليام رايخ

أنيشا ديللون Aneesha Dillon، الحائزة على شهادات في علم النفس والعلوم السياسية من جامعة بوسطن الأميركية، والتي تدرّبت لتصير معالجةً بتقنيات رايخ الحديثة Neo-Reichian في معهد Radix Institute, (Santa Monica) وتعمل في معهد Esalen Institute ومراكز النمو والتطوير البشري عبر أوروبا....

تتحدث هنا عن تقنيات التأمل النشيط التي وضعها أوشو، وأثرها على حياتها وعملها طوال 25 سنة:

إن عملي يرتكز على التقنيات العلاجية من التنفس والعمل على الجسد وتحرير العواطف، التي طورها ويليام رايخ في الثلاثينيات والأربعينيات، والتي تمّت إعادة إحيائها في حركة تطوير القدرات البشرية خلال الستينيات والسبعينيات بواسطة تلاميذ رايخ الجدد.

عندما اختبرتُ التأمل الديناميكي بنفسي لأول مرة، تفاجأت بأنني محظوظة جداً لاكتشاف حكيمٍ شرقي يجمع بين استفراغ العواطف والتعبير عنها مع التأمل... لاحظتُ كثيراً في علاجي لذاتي وللمرضى، أنه بعد جلسة تحريرٍ عميق للعواطف، بالإضافة للتدفق الحر للطاقة، يظهر فضاء داخليّ من الصمت والقبول... شعرتُ أن هذه اللحظات هي أهم جزء من جلسات العلاج.

وما فاجأني فوراً أن التأمل الديناميكي يشتمل في بنيته على ما يشبه دورة الطاقة الحيوية رباعية الأطوار التي تنشحن فيها الطاقة وتتفرغ، وهي الدورة التي نستخدمها في عمل تحرير نبضات العواطف المكبوتة:

1- التنفس يقوم بتجميع شحنة من الطاقة.

2- يتشكل توتر عضلي مع محاولة الجسد القوية لاحتواء أو إمساك شحنة الطاقة.

3- الاستفراغ أو تحرير العواطف يحدث عندما يعجز الجسد عن احتواء الشحنة، ويتم تحرير الطاقة عبر أصوات وحركات تعبيرية عفوية.

4- حدوث الاسترخاء مع عودة تدفق الطاقة المحررة إلى الجسد وخلاله بالكامل.

 

رايخ سمّى هذه العملية من الطاقة بـ: "وصفة الأورغازم (النشوة الجنسية)"

 

إن استفراغ العواطف له نفس الجذور في نفس مبدأ الطاقة الحيوية الذي يحكم النشوة الجنسية..

في النشوة الجنسية، تصل الطاقة إلى قمة الإثارة ثم يتم تفريغها تحديداً عبر الأعضاء الجنسية.... وفي تحرير العواطف، يمكن تفريغ الطاقة عبر أي مركز في الجسد، لكن مبدأ شحن وتفريغ الطاقة هو ذاته.

اكتشف رايخ أننا عندما نكبت التعبير عن أي عاطفة، أو نوقف أنفسنا عن عيش أي طاقة طبيعية تظهر داخلنا، فنحن في ذات الوقت نقلّل من قدرتنا على تحقيق نشوة جنسية مُرضية ومُشبعة، والعكس صحيح أيضاً.

إذا كبتنا طاقتنا الجنسية، سنصبح في ذات الوقت أكثر "موتاً" أو جموداً عاطفي، متوترين في الجسد ومتصلّبين في بنية شخصيتنا.

الكبت يبدأ عندما ننكر شعوراً أو عاطفة قام أهلنا بتعليمنا أنها غير مقبولة.... ومنذ لحظة الولادة نتلقى قوائماً غير منتهية من الوصايا لكي نفعل أو لانفعل، وهي ما تشكل التشفير أو طريقة التربية المقولبة للشخص.

 

التأمل الديناميكي هو طريقة فعّالة جداً وآمنة لنفض الأنماط القديمة المتصلبة من التربية والتشفير، وإعطاء فسحة للتعبير عن العواطف المكبوتة من الماضي.

حالما يتم التعبير عنها، نجد أن التوترات والعقد في الجسد (التي يدعوها رايخ "الدروع العضلية") تتحلل، والعضلات تسترخي، وتقدر الطاقة على التدفق بحرية من جديد.... بعدها يصبح الدخول إلى الداخل سهلاً جداً دون جهد، والتأمل شيء طبيعي سهل مع اتساع حضور الشاهد داخلنا.

 

التأمل الديناميكي ينظف جهاز الطاقة بفعالية عالية لأنه يفعّل التأثير الحيوي الطبيعي لوصفة الأورغازم النشوة، أي عملية توتر وتحرير الطاقة الحيوية التي يصفها رايخ.

الممارسة المنتظمة للتأمل الديناميكي هو أفضل طريقة أعرفها للحفاظ على صفة النشوة الطبيعية خلال حياتنا وأعمالنا والاستمرار بأعلى مستوى من الطاقة والحيوية المتوازنة.

وأعني بهذا قدرة الشخص على رمي التحكم والاستسلام لأمواج من المشاعر سواء كانت جنسية أم عاطفية...

إن القدرة على إعطاء واستقبال الطاقة، وعلى الغوص داخل النفس والغوص خارجاً إلى العالم برشاقة ودون إعاقة، يصنع حياةً وبيئة منتشية نشوانية كل جزء من الجسد فيها متصل بكل الأجزاء الأخرى، ويقوّي حسّ الكمال والاكتمال والتوحيد... واختبار هذا التكامل المنتشي يصنع احتفالاً عظيماً وهائلاً!

 

التأمل الديناميكي مميزٌ في إعطاء فسحةٍ للفرح والاحتفال الذي يظهر طبيعياً بسبب الحيوية التي نشعر بها في أعماق أنفسنا... هذه المرحلة مفقودة في نموذج رايخ... لقد عملَ وسمحَ لظهور الاسترخاء والمتعة ونوعٍ من الإشباع الجنسي عبر الجسد، لكن الغبطة والبهجة وهي شذى التأمل لم تكن جزءاً من اختباره.... لهذا أجد أن رؤية أوشو في العلاج والتأمل هامة جداً: يسمح للطيف الكامل لطاقة الإنسان بالظهور، من الجذور في طبيعتنا الحيوانية الفطرية وصولاً إلى الأجنحة في طبيعتنا السماوية المقدسة...

 

بعض الناس يلاحظون أحياناً أن المشي السريع والهرولة وتمارين الأيروبيك تقوم أيضاً بتحريك الكثير من الطاقة، تعمّق النفَس، وتجعل المرء يشعر بالتحسن والانتعاش بعد ممارستها.. لذلك لماذا لا نقوم بهذا فحسب بدلاً من التأمل الديناميكي؟؟

هناك عدة أسباب لذلك.... أولاً التنفس في الديناميكي عميق وسريع لكنه أيضاً عشوائي... هذه الصفة العشوائية للتنفس والاستفراغ ومرحلة صوت "هووو" تفكك النماذج القديمة الثابتة من التحكم والتوتر العضلي...

المشي والركض يميل للانتظام، وأحياناً نقوم به كالرجل الآلي، وفي ذلك الانتظام نحافظ على نماذجنا القديمة حيث لا يمكن للركض والأيروبيك أن تصل لذلك العمق....

ودورة الشحن والتفريغ في التنفس العميق وتحرير الطاقة تفعّل ردة فعل حيوية عميقة تُعيد وصلنا بجذورنا النشوانية الممتدة عبر الحياة والطبيعة كلها... الطبيعة والحيوانات كلها في نشوة ونحن نغطّ في غفوة...

 

التأمل الديناميكي يأخذنا إلى أعماق أنفسنا ويهزّ وينفض اللاوعي، ويجلب أشياءً كثيرة إلى النور كنا نطمرها ونخفيها بعيداً عن مجال الوعي، ويأخذنا إلى قمم داخلية شاهقة فيبوح بالأسرار والأنوار....

عندما نستخدم التأمل الديناميكي لوحده أو بالترافق مع علاج جسدي-فكري موجه للجسد أو عبر الكلام، هذا يقوّي ويعمّق عملية البحث عن الذات، ويمكن أن يوقظ شوق المريد لاكتشاف حقيقة كيانه وذاته.

ترقبوا المزيد قريباً...

 

اقرأ أكثر عن

   ...التأمّل الديناميكي

  ...وليهلم رايخ والتحليل النفسي وطاقة الحياة الأورغون

 

أضيفت في:14-8-2014... زاويــة التـأمـــل> العلم و التأمل
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد