موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

هل تدرك كم من السهل قتل إبداع الطفل في غياب وعيك؟!

إن فكر الطفل حساس ومرهف جداً، ويمكن لأفعال بسيطة أن تترك انطباعات ضخمة عليه..

شاركَ بعض الأشخاص الكبار تجارباً من طفولتهم حول موضوع الإبداع في إحدى الدورات.. حيث قالت هدى وهي تتذكر طفولتها في أحد أيام الصيف، بينما كانت تراقب والدتها تقطف الأزهار من الحديقة: "لقد رأيتُ الأزهار جميلة جداً، وعندما ذهبت إلى المدرسة في اليوم التالي، حاولتُ أن أرسمها في درس الرسم.. لكن لم يكن هناك أي تقدير للوحتي، ولم يتم اختيار لوحتي بين أفضل اللوحات التي يتم تعليقها على الحائط في الصف... في الواقع، كل لوحاتي التي رسمتها لم يتم اختيارها".

 

وقال وليد متحدثاً عن تجربته المعاكسة تماماً.. كان الأستاذ دائماً يختار لوحاته لتعليقها في الصف.. لكن عميقاً داخله ورغم أنه كان طفل، كان يشعر أنه ليس صادقاً تماماً.. فقد كان خائفاً، لذلك تعلّم أن يكون مرتباً ويرسم جيداً بإتقان لكي يكون مقبولاً عند الآخرين ويحصل على موافقتهم: "من خلال ذلك، شعرتُ أن نفسي مزيفة"، اعترف بذلك بصوت خافت...

 

يمكنكم هنا رؤية كم الأطفال مرهفين الإحساس والفكر، وكم من السهل تدمير النبض المبدع داخلهم: أحدهم لأن لوحاته لم يختاروها أبداً، والآخر لأن لوحاته يختارونها دائماً.. في كلا الحالتين، لم يتم دعم التعبير الفردي للطفل.. فقد كان وليد لأنه أدرك الحالة، قرر أن يرسم تماماً ماذا يطلب الأستاذ من أجل الحصول على المكافأة.

 

هناك قصص أخرى عن كبت الإبداع، مثل إجبار الأطفال الذين يستخدمون يدهم اليسرى على استخدام اليد اليمنى، من قِبل الأساتذة الذين لا يعرفون أن كثيراً من الأطفال ذوي الميول الفنية يستخدمون اليد اليسرى أكثر..

 

قالت أيضاً المرأة الكبيرة جوليا، أنها عندما كانت طفلة كانت تلعب ساعات عديدة بالألوان والدهان.. سعيدةً بكونها وحيدة ولا تحتاج شيئاً آخر.

لكن بعدها في أحد الأيام، سرقت قلم حمرة الشفاه الخاص بوالدتها وخبأته.. كانت والدتها غاضبة جداً، لكن جوليا لم تكن تعيده لها.. عندها قالت والدتها بإحباط: "إذا لم تعيدي لي قلم الحمرة، سأمزق لك كل هذه اللوحات!"

لم تصدّق جوليا والدتها، لكن والدتها فعلتها.. مزقت كل اللوحات... هذا قد صنع صدمة داخلها، بأن ترى لوحاتها تتمزق، لقد دمر شيئاً ما داخلها... بعد ذلك الحادث، لا تزال قادرة على الرسم، لكنها لم تستطع الاتصال مجدداً بذلك الشعور عندما كانت طفلة، الشعور الذي كان آتياً من عمق بطنها وكيانها، من مصدر إبداعها... والآن صارت تحتار هل من الممكن استرجاع ذلك الشعور الساحر.... ثم انهمرت دموعها الدافئة.

 

ما لم تُعيد تذكر وإحياء مثل تلك الجروح المؤلمة، فلا يمكن شفاؤها... وشفاؤها هو طريقة استرجاع الاتصال بجوهر الإبداع.

 

قصة أخرى عن امرأة كبيرة بالعمر اسمها منى، قالت: "عندما كنتُ فتاة صغيرة، طلب مني أستاذ الرسم رسمَ نسر كبير على قطعة قماش.. النسر هو رمز وطنيّ في عدة دور وشيء تقليدي كثيراً للرسم.. لكن لأنني كنتُ صغيرة جداً، ظهر النسر لي كبيراً جداً.. الشيء الوحيد الذي قدرتُ على إدراكه هو عينه فقط.. وهكذا رسمتُ العين واستمتعت بها كثيراً.. ولكن بالطبع حصلتُ على كلمات سيئة من الأستاذ: "ماذا تفعلين؟! ليس هذا ما أعلمه لكم في هذا الصف!"... كانت تلك صدمة قوية لي، ومنذ ذلك الوقت استغنيتُ عن إبداعي ولم أقدر أن أرسم أبداً".

 

أشياءٌ صغيرة قد تصنع آثاراً كبيرة على العقول الفتية الصغيرة...

آلامٌ مثل تلك الحوادث تصدم كثيراً لدرجة أنها تقطع الاتصال بمصدر الإبداع، تماماً مثل حادث حصولك على صدمة كهربائية من المدفأة، أو تحترق يدك بشدة من المكواة، وبعدها لا تريد لمس أو استخدام تلك الأشياء مطلقاً.

 

أضيفت في:24-2-2017... أطفال وأجيال> كيف نربي أطفالنا؟
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد