موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الجسد النجمي.. ومقام المعدة

HTML clipboard

بمجرد أن تصبح داخل الجسد الثاني ستصبح في الجسد الثالث من الخارج وهو الجسد النجمي...

وهنا لستَ بحاجة حتى لأي إرادة لتختبر وتكتشف الجسد الثالث من الداخل..

مجرد الأمنية ستكون كافية لتكون داخله.. لا حاجة لأن تجمع نفسك وتكون بكل كيانك...

بمجرد أن تريد الدخول يمكنك أن تدخل.

الجسد النجمي أيضاً كالضباب أو الدخان مثل الجسد الثاني لكنه واضح وشفاف...

لذلك بمجرد أن تصل له من الخارج ستكون أيضاً في الداخل...

لن تعرف حتى أين أنت بالنسبة له لأن حدوده شفافة.

للجسد النجمي نفس قياس الجسد الأول والثاني..

ويستمر القياس نفسه وصولاً للجسد الخامس..

المحتوى سيتغير لكن القياس يبقى ذاته حتى الجسد الخامس..

في الجسد السادس يتغير القياس ليصبح كونياً...

ومع الوصول للسابع لن يكون هناك أي قياس

سيختفي كل شيء حتى القياس الكوني..

سيزول الإناء ويبقى الفناء..

 

مقام المعدة

المركز الثالث من الطاقة هو مركز العواطف والانفعالات.. ونحن نستمر بكبت أحاسيسنا في ذلك المركز..

المعدة بيت الداء والدواء.. أي اضطراب نفسي سيؤثر في هذا المركز وفي المعدة مباشرة فلا تذهب مباشرة لملئها بالطعام وتفريغ غضبك فيها!... تلك العواطف والانفعالات القادمة من الجوهر تجعل الحياة ذات قيمة.. الضحك.. البكاء.. الدمعة والبسمة.. الحياة جديرة بأن تعاش بفضل تلك الأشياء.... فتلك المشاعر الرقيقة تضفي على الحياة بريقاً ولمعاناً.

 

الإنسان وحده من بين جميع المخلوقات لديه الإمكانية لامتلاك هذه الطاقة والمشاعر... الحيوانات لا يمكنها أن تضحك وبالطبع لا يمكنها البكاء أيضاً.. الدموع هي بُعدٌ خاص غير متاح لأي كائن سوى الإنسان وحده..

جمال الدموع.. روعة الضحك.. شاعرية الدمعة والبسمة ممكنة للإنسان فقط... كل الحيوانات الأخرى تحيا ضمن أول مقامين فقط.. وهما الحياة والموت... يولدون يتكاثرون ثم يموتون.. لاشيء أكثر من ذلك بين هاتين الخطوتين..

 

وأنت أيضاً إن ولدتَ ثم مت فقط.. وكانت حياتك عبارة عن ولادة ثم موت ولاشيء حقيقي بينهما.. فأنت حيوان.. لست إنساناً بعد..... وهناك الملايييين من الناس الموجودين في الأرض يعيشون هنا ضمن هذين المركزين والجسدين فقط... لا يذهبون أبداً أبعد من ذلك.

 

لقد علمونا دوماً أن نكبت مشاعرنا وعواطفنا وألا نعبر عما نحس به...

لقد قالوا لنا بأن المشاعر لا تجدي نفعاً في هذا الزمن..

لا تكن عاطفياً بل كن واقعياً.. عملياً.. صلباً وجدياً..

لا تكن حساساً أو رقيقاً.. وإلا سيستغلك الآخرون..

أو على الأقل أظهر القسوة.. تظاهر بأنك خطير وقوي..

بأنك لست مخلوقاً حساساً مرهفاً.. ازرع الخوف من حولك حتى يهابك الآخرون..

لا تضحك.. فإذا ضحكت لن تتمكن من إحاطة نفسك بالخوف!..

لا تبكي.. فإن بكيت ستبدو أنك خائف!..

لا تظهر حدودك الإنسانية البريئة الطبيعية... بل تظاهر بأنك كامل...

 

اكبت طاقة المقام الثالث وستصبح جندياً.... لا إنساناً بل جندياً..

رجل حرب ودمار.. إنساناً مزيفاً.. مسيراً جبار..

 

لقد عمل علم التأمل كثيراً على تحرير هذا المقام الثالث.. فعلى العواطف أن تتحرر وتهدأ..

عندما تشعر برغبة في البكاء عليك أن تبكي.. وعندما تشعر برغبة في الضحك عليك أن تضحك..

عليك أن ترمي بكل تلك الحماقات عن الكبت.. وتبدأ بتعلم التعبير عن نفسك وأحاسيسك..

لأنه فقط من خلال مشاعرك وحسك ورقتك تستطيع أن تصل لمستوى يمكنك من التواصل مع نفسك ومع الآخر ومع الكون....

 

علينا أن نعطي سماحية أكبر للمقام الثالث ونسهل الوصول له..

المقام الثالث ضد التفكير... فإذا سمحت له بالعمل سيجعل فكرك أكثر استرخاء وهدوء وسكون.

كن صادقاً.. شفافاً.. حساساً...

اشعر أكثر.. تلمّس.. أحس..

اضحك أكثر.. ابكِ أكثر.. وتذكر..

لا يمكنك أن تفعل أكثر من اللازم.. لا يمكنك التضخيم..

لا يمكنك حتى أن تذرف دمعة واحدة أكثر من الحاجة..

لا يمكنك أن تضحك أكثر من الحاجة..

لذا لا تكن خائفاً.. ولا تكن كئيباً..

 

التأمل يسمح للحياة بأن تأخذ كل أبعادها وتحرر كل عواطفها..

هذه هي المقامات الثلاثة الدنيا.. ولا أقول دنيا من باب التقييم..

تلك المقامات هي الدرجات الثلاثة السفلية الأولية من السلم..

*****

الجسد الباطني الثالث هو الجسد النجمي.. وهو أيضاً له بعدين.. وإمكانيتين.

بشكل رئيسي.. يدور الجسد الثالث حول الشك والتفكير.

فإذا حولتَ تلك الطاقة سيتحول الشك إلى ثقة... والتفكير إلى وعي ويقظة...

أما إذا كبتَ الشكوك فلن تحدث الثقة أبداً...

مع أنهم ينصحوننا دوماً بكبت الشكوك والإيمان بما نسمع وتصديقه...

لكن مَن يكبت شكوكه لن يصل أبداً إلى الثقة...

كان أحد رجال الدين مرة يخطب بالناس ويقول: " أنا لدي ألف حجة تثبت وجود الله"

فأجابه الحكيم الفقير: "لو لم يكن لديك ألف شك بوجوده لما كان لديك ألف حجة"..

الشك يبقى حاضراً بداخلنا حين نكبته بل ويزداد أيضاً ليصبح مرضاً كالسرطان..

ويبدأ بأكل الحياة في داخلنا وقتل ذكائنا وحيويتنا..

المعتقدات والإيمان تزرع فينا بسبب الخوف من الشك والتشكيك.

علينا أن نفهم ماهية الشك.. علينا أن نمر به ونعيش فيه..

بعدها سيأتي يوم نصل فيه إلى مرحلة نبدأ فيها الشك بالشك نفسه!!...

وفي اللحظة التي نبدأ فيها الشك بالشك ستبدأ الثقة الحقة...

 

لا يمكننا أن نصل إلى صفاء الذهن والقدرة على التمييز ما لم نمر بعملية التفكير..

هناك أناس كثيرون لا يفكرون.. وأناس يحثون هؤلاء الناس كي لا يفكروا...

يقولون: "لا تفكر، لا تشغل عقلك، دع كل الأفكار"...

مَن يتوقف عن التفكير يُغرق نفسه في بحر الجهل والمعتقدات العمياء..

هذا ليس صفاءً... قدرة الذكاء والتمييز تتحقق فقط بعد المرور بأدق وأرهف عمليات التفكير.

 

ما هو معنى حسن التمييز؟ جلاء البصر والبصيرة؟

الشك موجود دوماً بين الأفكار ومعها.. دوماً فيه تردد وحيرة..

لذلك أولئك الذين يفكرون كثيراً لا يصلون أبداً لأي قرار...

فقط عندما يقفزون خارج دائرة الأفكار يتمكنون من أخذ القرار...

القرار والاختيار يأتي في حالة الصفاء.. الأبعد من الأفكار..

الأفكار لا دخل لها أو صلة بأي قرار أو استقرار..

الإنسان المنغمس التائه بين الأفكار.. ضائع ليل نهار...

 

لذلك تجد أنه دوماً الناس البسطاء الأقل تأثراً بالأفكار يكونون أكثر عزم وتصميم..

بينما الذين يفكرون كثيراً ينقصهم العزم والهمم...

وهناك خطر في كلا الطرفين.. فأولئك الذين لا يفكرون يذهبون مباشرة ليفعلوا أي شيء يقررون فعله..

لسبب بسيط هو أنه ليس لديهم آلية التفكير التي تصنع الشك داخلهم.

الناس المتشددين في العقيدة والمتعصبين في العالم هم أناس نشيطون وعندهم طاقة كبيرة، بالنسبة لهم لا يوجد أي مجال للشك، فهم لا يفكرون!!!... إذا شعروا أن الجنة ستكتب لهم بقتل ألف شخص، فلن يرتاحوا إلا بعد قتل ألف إنسان على التمام... لا يتوقفون أبداً ليفكروا بماذا يفعلون، فلا تجد عندهم أي تردد.... بينما الشخص الذي يفكر فعلى العكس، سيستمر بالتفكير الكثير بدلاً من أخذ أي قرار.

 

إذا أغلقنا أبوابنا في وجه الأفكار لخوفنا منها، سنبقى فقط مع الاعتقاد الأعمى... وهذا خطير جداً وعقبة كبيرة أمام المتأمل... المطلوب يا محبوب هو عقلانية وحذر مفتوح العينين، مع ذهن صافي ومصمم يسمح لنا باتخاذ القرارات.

هذا هو معنى الوعي وجلاء البصيرة...

معناه أن قوة التفكير قد اكتملت... معناه أننا عبرنا خلال الأفكار بتفصيلها الدقيق

لدرجة أن كل الشكوك قد زالت واختفت...

والآن لم يبقى إلا روح القرار النقية في الإنسان...

 

المقام المرتبط بالجسد الثالث هو مقام المعدة...

الشك والثقة هما المظهران هنا...

عندما يتحول الشك تنتج عنه الثقة...

لكن تذكر، الثقة هنا ليست مضادة معاكسة للشك!

بل الثقة هي أسمى وأنقى تطور للشك..

إنها التطرف الأقصى للشك.. حين يشك الشك حتى بنفسه!

عندها ينتحر الشك تاركاً وراءه اليقين.. أكبر نعمة عند العارفين....

أضيفت في:2-1-2011... علوم المقامات والطاقات> سبعة أجساد وسبعة مقامات
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع



 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد