موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

هل الحرب شيء محتوم لا مفرّ منه؟

http://www.alaalsayid.com/images/articles/wars_S.jpg"لقد كنا دائماً نخوض الحروب عبر التاريخ... البشر هم كائنات محاربة..

ومن دون جيش يدافع عنا، سيأتي دائماً أحدٌ ما ليهزمنا ويحتل أرضنا

ويسرق أملاكنا وعرضنا"

هذه الافتراضات قد أصبحت حقيقة بديهية مقررة في حضارتنا الحالية.. وهي تولّد اليأس لكن تعطينا أيضاً نوعاً من الراحة، لأنها تحررنا من مسؤولية القيام بالتغيير.

يُعلن الكثير من السياسيين ورجال الدين أن طبيعة الإنسان وطبيعة الشعب تجعل السلام مستحيلاً.... ويشيرون إلى أبحاث علماء الحياة التطورية التي درست مورثات أقرب الحيوانات إلينا، قرود الشمبانزي، وهي قرود تشنّ الحروب على بعضها البعض.. لذلك قالوا أن الحرب هي حتماً جزء من مورثاتنا البشرية.

في الحقيقة، نعم تقوم قرود الشمبانزي في حالات محددة بغزو مستعمرات شمبانزي قريبة وتقتل بعضها.. هذه الدراسات عن القرود القاتلة حصلت على شهرة هائلة لأنها توحي بأن الحرب هي جزء مربوط من طبيعة البشر... لم يقم معظم العلماء بوضع تلك الاستنتاجات بناءً على الأدلة، لكن وسائل الإعلام السائدة استمرّت بتقوية تلك الرسالة.

 

لكن أبحاثاً إضافية قادت إلى اكتشاف جوهري.. قرود الشمبانزي التي قامت بغزو جيرانها، كانت تعاني من تضاؤل منطقة السيادة وموارد الغذاء.. لقد كانوا يكافحون لأجل البقاء.. أما مجموعات القرود التي عندها موارد كافية لا تقوم أبداً بمحاربة غيرها.. لذلك لم يكن العنف عامل سلوكي ثابت، بل كان سبب الحرب هو التوتر النفسي التي عانت منه القرود.

لقد أعطتهم مورثاتهم المقدرة الكامنة على العنف، لكن عامل التوتر النفسي كان لازماً لإشعال العنف وتحويله إلى معركة.

أظهر هذا البحث الجديد أن الحرب ليست شيئاً محتوماً، بل هي وظيفة أو نتيجة للتوتر النفسي الذي يعاني منه مجتمع ما.

 

طبيعتنا الفطرية لا تجبرنا أبداً على الحرب،

بل هي تعطينا فقط قدرة كامنة على القيام بالحرب

 

من دون توتر نفسي، يمكن أن يبقى العنف كواحد من عدة قدرات كامنة وساكنة، قام التطور البشري بتقديمها لنا.... الدراسات التي قام بها البروفسورات Douglas Fry, Frans de Waal, Robert Sapolsky تقدّم إثبات وأدله على هذا.

 

يستشهد الخبراء العسكريون بالتاريخ ويقولون أنه مليء بالحروب.. ليس إلا حرباً بعد حرب أو تحضير للحرب.. لكن ذلك هو فقط تاريخ حضارتنا الأبوية (حكم الرجل).. أما الحضارات الأمومية (حكم المرأة) السابقة في جنوب شرق أوروبا فقد استمتعت بالسلام لقرون طويلة.

عالمة الأنثروبولوجيا الإنسانية في UCLA - Marija Gimbutas تصف تلك الأبحاث الأثرية في كتابها The Civilization of the Goddess وتقول: لا يوجد أي أثر للحروب في التنقيبات الأثرية من حضارات Minoan, Harappa, Caral ..وكثير من جزر المحيط الهادئ كانت تعيش في سلام تام... الحضارة الفيدية القديمة في الهند كان عندها تقنيات تأمل تحافظ على السلام، والأنبياء أوصونا بالتأمل خير من أي عبادة... يجب الآن إعادة إحياء التأمل لتقليل التوتر النفسي في المجتمع.

 

هناك اعتقاد راسخ في مجتمعنا بأن التوتر النفسي هو جزء أساسي من الحياة..

عديدٌ من البنى الاجتماعية والاقتصادية مبنية على الصراع... حاجة النظام الرأسمالي للأرباح المتزايدة باستمرار، تولّد التوتر النفسي عندنا جميعاً.

لقد قاموا ببرمجة عقولنا للتفكير بأن هذا شيء عادي وطبيعي، لكنه مرض في الواقع!.. يدمّر الحياة بطرقٍ لا نقدر أن ندركها إلا بصعوبة، لأنها أصبحت أشياء مبنية في فكرنا العميق.

 

لا... ليس علينا أن نعيش بهذه الطريقة

يمكننا تقليل التوتر النفسي الذي تعاني منه البشرية

يمكننا خلق مجتمع يلبّي حاجات الإنسان ويوزّع موارد العالم بشكل متساوي أكثر

يمكننا العيش بسلام مع بعضنا البعض

لكن ذلك سيحتاج تغييرات أساسية

 

هذه التغييرات تهدد أصحاب السلطة والمتحكمين بمجتمعاتنا..

بما أن الرأسمالية (كل أنظمتنا هي رأسمالية فعلاً حتى لو استخدموا كلمات أخرى) هي نظام اجتماعي واقتصادي لصوصي مفترس، فهذا يجعل شخصيات اللصوص الانتهازيين يصلون إلى مناصب السلطة.. ثم ينظرون إلى العالم بنظرة العنف والمنافسة.. لكنها ليست مجرد نظرة!.. إنهم فعلاً محاطون بالأعداء.. لذلك يقومون بتصديق تلك الافتراضات البديهية المزيفة وينشرونها، والتي تقول أن الحروب شيء حتمي لا مهرب منها.

 

في الماضي، قام أسلافهم من أصحاب السلطة بالدفاع عن مناصبهم بنشر تفاهات أخرى:

أن الملوك عندهم حق سماوي مقدس بأن يحكموا الشعوب..

وأن البشر ذوي الجلد الأسود هم عبيد أدنى من ذوي الجلد الأبيض..

وأن النساء عليهم أن يطيعوا الرجال...

مثلما قدرنا على التخلص من تلك الخرافات والخدع،

يمكننا التخلص من هذه الخدعة..

والاستمتاع بحياة من الصحة والوفرة والسلام..

 

 

اقرأ المزيد:

  ...عالم واحد مليء بالصحة والسلام

  ...كيف يمكننا صنع السلام العالمي؟

  ...الأكل بوعي لصنع السلام

  ...مفاتيح جديدة للشفاء والسلام.. وتغيير الحياة والواقع المحيط بك

  ...أطفال السلام والنور الجديد

  ...كيف نربي أولادنا بلا طمع وجشع؟

 

أضيفت في:11-10-2015... زاويــة التـأمـــل> العلم و التأمل
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد