موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

كيف يريد المتحكمون السيطرة على الوعي، وكيف نواجه ذلك؟

علاء السيد... 1-1-2019

اسمح لي بطرح سؤال جريء: ماذا ستفعل إذا كنتَ رئيس مهمة في المخابرات الأميركية المركزية، هدفها السيطرة على الوعي؟

هناك هاجس كبير عند عامة الناس وحتى عند المثقفين، يدور حول معرفة أصل وبداية الأشياء، واعتقاد سائد بأن كل شيء لا بدّ أنه صُنع من شيء آخر.

ومَن يعرف حقاً من أين بدأ الصنع أو الخلق؟ من أين ظهرت الحضارة؟

هل بدأت مع الذين شيدوا أهرامات مصر؟ أم مع السومريين؟

هذا الهاجس تأجج ووصل إلى ذروته في عصرنا الحديث..

 

إن علماء الفيزياء والأحياء والكيمياء يؤكدون وبعناد أن الوعي ليس سوى وظيفة من وظائف الدماغ... لا بد أن الدماغ هو المصدر الأصل.. فكل تلك المليارات من الخلايا والاستطالات والمشابك العصبية والنواقل الكيميائية، وفي مستوى أدق تكمن الذرات وجزيئات تحت الذرات... بطريقة ما، تتآمر هذه الجزيئات الصغيرة سوية لتصنع الوعي أو اليقظة عند الإنسان.

رغم ذلك، يُنكر نفس أولئك العلماء أن الذرات وأجزاء الذرة تحمل أي أثر من الوعي... يقولون أن الجزيئات تتدفق فحسب، وهي تطيع القوانين لا أكثر.

 

هكذا، ينحصر الخبراء في زاوية ضيقة الرؤية.. وبعدها يخمّنون:

"حسناً، كما ترى، إن القدرة المتزايدة على معالجة المعلومات، والتعقيد في بنية الجزيئات ثم الخلايا المتعددة.. طبيعياً هذا يدل على ظهور الوعي".

لا... الأمر ليس كذلك.

سيارة فيراري هي أداة معقدة.. وكذلك مبنى التجارة العالمي.. وكذلك أفضل حاسوب عند مايكروسوفت.. وماذا بعد ذلك؟ أين الوعي في هذه الأشياء؟

 

أنت... يا مَن تقرأ كلماتي هناك في هذه اللحظة، أنت تفهم الكلمات، وأنت تعرف أنك تقرؤها، أنت لا تقوم بمعالجة معلومات فحسب.. بل أنت هو الوعي!

إذا أراد عالم فيزياء أن يقول لك: "معرفتك لذاتك بأنك تقرأ الآن، هي مجرد ظاهرة ذرات تتحرك"... دعه يحاول أن يشرح ذلك ويثبته فعلاً بدل الكلام النظري الفارغ.

 

تخيّل أنك مدير قسم في المخابرات الأميركية المركزية، يُدعى: "المهمة السرية للسيطرة على الوعي".. فماذا ستفعل، علماً أن الدافع والهدف الوحيد عندك هو التحكم بالآخرين؟

ستحاول إقناع عامة الناس بأن الوعي ليس حراً ولا برياً ولا قوياً ولا مستقلاً بذاته... ستحاول تضييق معتقدات ومفاهيم عامة الناس عن الوعي.

وماذا هناك من طريقة أفضل من التركيز على الدماغ والادعاء أنه عرش اليقظة ومصدر كل الوعي؟؟

 

عندما تسأل معلماً للتأمل من حكمة ومدارس الشرق مثل الزن والتانترا: "من أين تفكر؟"... لن يقوم بالإشارة إلى رأسه ودماغه، بل سيضع يده على بطنه! سيشير لك إلى الهارا مركز الروح صلة الأرحام وجوهر الكيان عند الإنسان...

أما الذين يعتبرون أنفسهم "علماء اليوم" فيقولون وهم يشخرون: "إن الدماغ يتصرف حسب القوانين.. ونحن اليوم نكتشف باستمرار المزيد من تلك القوانين.. ونستطيع تحديد ما إذا كان الدماغ معطلاً.. ونحن الآن نتعلم كيف نصلح تلك الأعطال".

 

لقد كاااااان العلماء ورثة الأنبياء.. لكن علماء اليوم صاروا عبيد الدولار وورثة الشيطان والأغبياء... ينسجون رواية خيالية عن الدماغ، وكأن الإنسان هو سيارة تحتاج لزيارة محل التصليح.

هذا هو ما تريده الفئات المتحكمة: جعل الناس تعتقد أن أدمغتها تحتاج للتصليح! وهي بالأصل التي صنعت أولئك العلماء ودرّبتهم على تجارب وبرامج التحكم الفكري مثل CIA MKULTRA

عندما يأتي الدماغ إلى محل التصليح، ستحاول إصلاحه وإعادة برمجته.. تستطيع إجراء التجارب عليه وتطبيق أحدث التقنيات.. ستحاول إدخال المجسات والبرامج الدقيقة إليه.. ووضع شاشات عرض كبيرة لمراقبة عمل الدماغ كل لحظة.

 

أنت، يا مَن تعتقد أنك تحكم وتتحكم، تريد في أبسط مستوى وكذلك في أعقد مستوى، أن تزيل كل أنواع الحركات والنظريات التي تقول أن الوعي هو شيء منفصل عن الدماغ... تريد التخلص تماماً من هذه الحقيقة... فهي على الأقل، حقيقة مضادة للتجارة والاقتصاد العالمي والشركات الضخمة.. حقيقة بسيطة، لكنها قد تؤدي إلى نهضة واستعادة كلمة قديمة جداً قد نسيناها، ألا وهي: الحرية...

 

ماذا سيكون هناك أكثر حريةً وأكثر استقلاليةً وتفرداً وإبداعاً من وعي الفرد الذي ليس له أي أساس مادي؟؟

 

أنت، يا حاكم ومحكوم في ذات الوقت، شخص مسكين تحاول فعل كل ما تستطيع لمساواة الوعي بالدماغ، وهكذا تأتي الفكرة الحديثة عن الحاسوب: الحاسوب شيء مثالي ولا يتعطل.. فتقول للناس:

"الوعي هو حاسوب، لكنه يعمل على مستوى عالي جداً"

"جميع الحواسيب يمكن تطويرها باستمرار"

"أي حاسوب يمكن أن يتعطل، وبإمكاننا إصلاحه طبعاً"

وهنا تقوم بترويج الانقلاب الأكبر:

"الوعي؟؟ إنه مجرد فكرة قديمة جداً عفا عليها الزمن... وفي ضوء التطور التقني الحديث الهائل، لا يوجد أي مكان لها.. فالوعي هو مجرد عملية معالجة للمعلومات، والدماغ هو الحاسوب الحيوي الذي يستطيع إجراء ذلك.. الدماغ حاسوب.. ونحن نتعلم كيف نبني دماغاً أفضل".

 

أنت يا مسكين تقوم فقط بنقل هدف برنامج التحكم الفكري القديم MKULTRA الذي حدث سنة 1950- والذي اهتم بشكل رئيسي بالمخدرات والتنويم المغناطيسي، وجلبه إلى حلبة العصر الحديث... أنت تدخل إلى مناطق داخل الجمجمة ومن عدة زوايا.. أنت هو الجيل التالي من المسيطرين المخططين للنظام العالمي الجديد.

وهناك في أسواق المدن الأميركية الكبرى، تقوم البنتاغون وفرع الأبحاث عندها DARPA بالاهتمام كثيراً بعدد من مشاريع الأبحاث، مثل: "مودم القشرة الدماغية Cortical Modem" وهو شريحة الكترونية صغيرة قد تكلف 10 دولارات وتستطيع حقن الصور مباشرة إلى الدماغ عبر المركز البصري في القشرة الدماغية.

فكرة ملخصة عن الموضوع؟ أدخل بعض البروتينات إلى الخلايا العصبية، ثم سلط فوتونات إلى تلك البروتينات، وبهذا ستصنع صوراً معروضة داخل الدماغ، دون الحاجة للمرور بقنوات الرؤية والإدراك العادية.

أي... واقع افتراضي دون الحاجة حتى للنظارات والسماعات...

 

المشروع لا يزال في مراحله الأولى، لكن اتجاه "العلماء" واضح.. وهو إعطاء "المستخدم" عرضاً للصور ورؤية خارقة تتجاوز حتى قدرته على اختيار ما يريد رؤيته...

ويتم الترويج لذلك عبر الترغيب بالفوائد: إنها صورة شفافة تعطيك كل المعلومات التي تساعدك، وهي صورة شفافة ستراها مطبوعة فوق صورة الواقع الحقيقي العادي.

الشخص الذي يقود السيارة أو يمشي في الشارع، لا يزال باستطاعته رؤية الشارع، لكنه يستطيع أيضاً رؤية ما تقدمه إليه، أي ما ستحقنه إلى المركز البصري في دماغه.

بالطبع، مع تقدم هذه التقنية، يمكنك دفع الأمور للأمام:

قم بحجب الواقع المادي الحقيقي، واغمس الشخص في الواقع الافتراضي..

حماسة DARPA حول هذا المشروع، مثل العادة تتجاوز مقدراتها الحالية، ولكن تصميمها على النجاح كبير جداً، والمال كله موجود... فكّر بالتالي:

الطالب الجامعي الذكي والمتفوق، أي طريق سيسلك؟

ربما يستطيع دراسة الكتب والفلسفات القديمة في أقل جزء ازدحاماً من المكتبة والجامعة... يستطيع قراءة الكتب المقدسة القديمة وحراثة تربتها بحثاً عن توضيحات وشروحات عن الوعي.

أو يستطيع دراسة علوم الأحياء والفيزياء الحديثة، ثم يحاول الالتحاق بوظيفة محترمة في مراكز البحوث أو البنتاغون، حيث يستطيع التلاعب والتسلية بدماغ الإنسان لأجل الربح ولأجل المتعة...

لقد كان هذا الطالب منغمساً بعمق في عالم الحواسيب منذ أن كان طفلاً يحبو.. إنه يفهم ماذا تفعل الحواسيب وكيف تعمل.. وكذلك تم تعليمه مراراً وتكراراً بأن الدماغ البشري (الوعي) هو مجرد حاسوب... عندها، أي طريق سيختار في حياته؟

 

فوق كل ما ذكرته في هذا المقال، الشيء الأهم هو أن هناك مقدرة بشرية مذهلة اسمها "المخيلة"... إنها الورقة الرابحة دائماً في كل الجولات.. إنها أعظم الأسلحة والأدوات... المخيلة هي في الواقع، ذروة الوعي الأعلى.. إنها تخترع وتختلق حقائق وعوالم جديدة.. إنها تطلق كميات هائلة من الطاقات الكامنة والاحتمالات... وهي بكاملها مُلكية فردية بحتة.

هذا هو بالضبط سر الخروج من متاهات أنظمة التحكم العالمية التي صاروا يدعونها "الماتركس".. المفتاح هو: تحرير وتوسيع المخيلة! ليس نظرياً فحسب بل أيضاً كتطبيق في الحياة كل لحظة... هناك عشرات التقنيات وطرق التأملات لتفعيل المخيلة وزيادة الإبداع.. وتنظيف الغدة الصنوبرية (البصيرة) يساعد في ذلك.

 

(الدماغ = الحاسوب = الوعي) هي أضخم عملية تحكم سرية تجري على هذا الكوكب... وهي مدعومة بأموال المتحكمين ومختبراتهم ومخابراتهم ووسائل إعلامهم، وبعلماء النفس وعلماء الأعصاب والفيزياء والجيوش..

وهذه العملية بكاملها فاشلة ومزيفة تماماً... لأن نفس العلماء الذين يدفعون عجلة المشروع، يقولون أن: "الدماغ مكوّن من ذرات وجزيئات دقيقة لا تمتلك أي شيء من الوعي".

فكر بذلك.. واستيقظ... يقولون أن الوعي ينشأ من جزيئات ليس فيها وعي؟!

 

اقرأ المزيد:

...تكنولوجيا الاستنارة

...أنت المصدر

... اليقظة والوعي الجماعي والتطور الروحي

 

أضيفت في:1-1-2019... رؤية للعالم الجديد> اقطع الجذور!
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد