موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

المشاعر و العواطف .. الجزء الثالث

الحب...

مزيدٌ عن الشعور الوحيد، وعن القلب، وعن الحقيقة

اقرأ أولاً الجزئين الأول .. والثاني

الدفء والمودّة:

"أنا أدعمها من كل قلبي"... و"أشعر أن له بيتاً دافئاً دائماً في قلبي"... هذه تعبيرات نموذجية عن طريقة اللغة بإظهار طريقة عمل القلب العاطفي.. هل الدفء والمودة هما "مشاعر"؟.. لا، أنهما مجرد تعابير عن الشعور الأولي وهو الحب.. إنهما الكلمات التي نعطيها لجزء محدد ومركز من ذلك الحب.

نقيض الحب:

هل يوجد فعلاً نقيض أو معاكس للحب؟ ربما... اسأل نفسك، اسأل الذين حولك، ستجد أن الجواب الأكثر انتشاراً هو أن الكراهية هي نقيض الحب.

المعلمون العظماء مثل أوشو، واضح تماماً ويشرح كيف أن الحب والكراهية مترابطان كثيراً، وهما وجهان لعملة واحدة.

لا يمكنك أبداً أن تكره شخصاً ما دون حضور بذرة الحب في البداية..

تذكر رغم ذلك، أن الحب هو حالة للكيان.. بينما الكراهية تتواجد أصولها في مستوى مختلف ومصدرها هو الفكر.

الحب والكراهية، كلاهما يحملان انفعال وطاقة وحركة... وحده عدم الاهتمام أو عدم الاكتراث هو الشيء البارد الميت والخالي من نبض الحياة... لا عجب أن عدم الاهتمام شائع جداً في العلاقات، حتى وصل إلى درجة صار فيها الطلاق هو الخطوة الوحيدة التالية... سواء كان من شريك قريب أو موظف عندك.

 

الكراهية هي نوعٌ من الحب، يقف رأساً على عقب...

 

المزاجات:

"أشعر بالإرهاق والإنهاك".. "أشعر بالإحباط والاكتئاب".. هل هذه مشاعر، أم مجرد أشكال من المزاج؟

إنني أعتبرها أنواع من المزاجات، لأنها تعابير واضحة تماماً عن انعدام التوازن في جسدنا المادي.. وغالباً ما يكون عضو الكبد هو المسؤول عن جذر المشكلة.

هناك العديد من المدارس والنظريات عن أعضاء الجسم وارتباطها بالمزاجات أو النفسية، لكن الكبد كثيراً ما يُعتبر منبع الحب، الهوى، الانفعال، الرغبة، وحتى الغم والهم والحقد.

إن فعل "أشعر" يعطينا وصلةً مع وعي وإدراك الجسد، الذي "يتكلم" بلغته الخاصة به... والأمر يعود لنا بأن ندرك وننتبه لهذه اللغة وأن نتصرف وفقاً لها.

إذا استخدمنا الكلمات فقط وبدأنا سلسلة الشروحات التي لا تنتهي، سنفقد سريعاً الاتصال والإحساس بما يحاول الجسد فعلياً إخبارنا به.

 

الحساسية:

...ضمن إطار هذا الموضوع، تأخذ الحساسية مظهراً مختلفاً... هناك بعض الناس، خاصة من عنده مرض التوحد أو درجة معينة منه، جهازهم العصبي مضبوط بدقة شديدة لدرجة أنهم يتحسسون لأخف التأثيرات ويقومون فوراً بردة فعل عليها...

أي شخص لديه توتر نفسي كثير أو إنهاك، يمكن أن يكون حساساً بسهولة مثل أولئك الأشخاص، لأن أي شيء وكل شيء بالنسبة له هو "كثير جداً".

ذلك هو المستوى الجسدي المادي من الحساسية.

...في المستوى العاطفي، هناك أشخاص حساسون يبدو أنهم يجذبون "كل شيء"، ثم بسهولة يغرقون ويرتبكون بما يختبرونه، وكأنه "هجوم" عليهم من قبل الآخرين.

...ثم هناك الأشخاص الحساسين روحياً، الذين عندهم اتصال عميق بالشعور الأولي، وهو الحب والمصدر، فيصبح عندهم كشف الغيب والفراسة، الحدس الفائق، السمع الفائق من الأبعاد، وغيرها من الأشياء التي يختبرونها كحقيقة عبر كل حواسهم.

كملخص، "الحساسية" هي الوعي للإشارات العديدة والمتنوعة التي تتجسد في عالمنا المادي.. هذا النوع من الحساسية يتجاوز كثيراً "المشاعر" أو "العواطف" البسيطة.

 

القشعريرة:

لا بد أنك تعرف تلك الظاهرة الجسدية المسماة قشعريرة (أو جلد الإوزة) وهي مثل نقاط صغيرة بارزة على الجلد تظهر فجأة.. عند البرد أو الخوف أو النشوة، أو قراءة أوشو أحياناً!

ربما تكون اختبرتها بسبب حادث مخيف، أو بسبب برد مفاجئ.. أو ربما تكون مثل "رعشة تسري عبر العمود الفقري" أو كتنميل في الذراعين.

لكن ما أريد التركيز عليه هو الاستجابة الجسدية، التي يُدركها كثير من الناس على أنها علامة، أو حتى تأكيد، على أن أحداً قد قال حقيقةً ما، حقيقةً لا يمكن إنكارها ولا تحتاج مزيداً من الأدلة أو الشرح.. وتلك الحقيقة تلامسك في مستوى عميق يتجاوز الفهم الفكري.

..مثال حقيقي عن امرأة اسمها بديعة.. لقد عانت سابقاً من بعض المشاكل وقامت مرةً بالإجهاض، لكنها الآن أم لطفل صغير اسمه وائل.. وائل هو نصف من توأم، النصف الثاني طفل اسمه طلال، مات بعد بضعة ساعات من الولادة... كان طلال هو الأقوى صحياً بين التوأمين ولكنه مات رغم ذلك... وعانى وائل كثيراً من التحديات الجسدية والصحية في أولى سنوات حياته.

عندما كان وائل بعمر 4 سنوات، كان جالساً في حضن أمه.. وفجأة قال لها: "لقد أردتُ أن آتي أبكر من ذلك، لكن كان عليّ انتظار طلال حتى يأتي ويساعدني"...... قشعريرة!

إنها حقيقة دون شك ودون تفسير... هل هذا "شعور"؟؟ لا... "عاطفة"؟؟ لا... إنه ببساطة القلب، يبعث رسالة تشير إلى إدراك ومعرفة عميقة، إنها لغة من الجسد تعطي رسالة واضحة جداً.

 

أنماط التخاطب والتواصل:

إن جملة: "أعتقد أن علينا فعل ذلك".. كثيراً ما تكون طريقةً لبقة ومقبولة اجتماعياً لقول: "سوف نقوم بذلك".

عندما أتكلم مع شخص يستخدم جملة تبدأ بكلمة "أعتقد".. أسأله في العادة: "هل أنت تعتقد فحسب، أم أنك تعرف ذلك فعلاً؟؟"... وأكثر جواب متكرر يؤكد على "المعرفة".

عندما أقول "أعتقد" فأنا أشير ضمنياً إلى شكي وعدم تأكدي من صحة الوقائع في الموضوع، كما أن صوتي يؤكد أن هناك شكاً أو تردد في نبرة الصوت.

وعندما أعرف شيئاً، عندها أقول: "سوف نقوم بفعل ذلك"!

...أينما استعملتُ جمل تتضمن أفعال "أشعر" أو "أحسّ" عندها يكون الموضوع وانشغالي به نابعاً من مستوى أعمق في كياني... "أنا أشعر أن هناك شيئاً خاطئاً فيما يحدث الآن"... هنا أنا أعطي تعبيراً عن وعي داخلي، عن "الصوت الساكن الصغير" داخل قلبي الذي يخبرني أن هناك شيئاً خاطئاً لا يسير على ما يرام... هذا فوق كل شيء هو تعبير عن معرفة داخلية تتجاوز أي تفكير أو محاكمة عقلية ومنطقية.

...عندما أريد وأتمنى تقوية علاقتي واتصالي بشخص ما، عندها أستعمل أكبر كمية ممكنة من الكلمات التي تعبّر عن المشاعر والاستجابات الحسية..

على مستوى الفكرة والإدراك، هناك دوماً مجال للشك واختلاف الآراء.. لكن عندما يتكلم القلب، فليس هناك إلا الوضوح والجزم والتصميم..

 

البديهيّة:

الشعور والتفكير... والفرق بينهما، خاصة في التواصل مع الآخرين... هي أبواب تنفتح على مناظر ذهنية مثيرة وخلابة لأولئك الذين يتجرؤون على الاستكشاف أبعد من العتبات والحدود... الآن الأمر يعود لك أنت!

 

انتقل من الفكر إلى القلب، من التفكير إلى الشعور، من المنطق إلى الحب..

والانتقال الثاني هو من القلب إلى الكيان،

لأنه لا يزال هناك طبقة أعمق داخلك،

وهناك حتى المشاعر لا يمكنها الوصول..

تذكر هذه الكلمات الثلاث في رحلتك الداخلية يا إنسان:

الفكر، القلب، و الكيان...

 

اقرأ أيضاً الجزئين الأول .. والثاني

كتاب The Inner Journey.pdf

أضيفت في:26-12-2015... زاويــة التـأمـــل> العلم و التأمل
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد